فيروس كورونا يفضح "مرض" اقتصاد العمل غير الثابت
2020-03-02
جيمس مور
جيمس مور

أوردت الأخبار في عناوينها العريضة أن الأفراد الذين يعزلون أنفسهم بسبب فيروس كورونا سيتقاضون أجورهم خلال فترة المرض، وأكد مات هانكوك وزير الصحة، في مداخلة له بمجلس العموم، أنّ العزل الذاتي يجب "أن يُعتبر، بالنسبة إلى الأغراض المتعلقة بالوظيفة، مثل حالة المرض".

وأضاف أن ذلك يُعدّ "رسالة مهمة للغاية"، فمن يستطيع أن يجادل في ذلك؟

جاء ذلك تزامناً مع طلب شركة النفط الأميركية العملاقة "شيفرون" من بضع مئات العاملين في المملكة المتحدة العمل من بيوتهم في المستقبل المنظور، وهو إجراء كان من المعقول بشكل واضح أن تتخذه الشركة.

على هذا الصعيد، يُعتبر العزل الذاتي وسيلة فعّالة للتغلب على هذا المرض السيئ للغاية، وإذا سُمح للناس بالعمل من المنزل، سيتمكنون من هزمه، وحثّت "خدمة الاستشارات والتوفيق والتحكيم البريطانية "(ACAS) موظفين آخرين على التعاطي مع المسألة بحساسية.

هناك إشارات إلى أن البعض يُصغي إلى تلك النصيحة، وذلك من واجبهم، لأن من الواضح أن إصابة الموظفين بالفيروس ونشرهم له قبل أن يعزلوا أنفسهم في البيت ليس جيداً للشركات.

إن البراغماتية شيء رائع، ويمكننا بفضلها أن نتجاوز هذا الأمر بسلام.

لكن مهلاً. ماذا عن الأشخاص الذين يتعين عليهم الحضور إلى مكان العمل، إلى مستودع على سبيل المثال، إذ قد لا يكون صاحب العمل متعاطفاً جداً مع طلب أي من هؤلاء إجازة مرضية، إذا كانوا أصلاً يعملون رسمياً لحسابه، أي لم يكونوا تابعين إلى وكالات التشغيل التي تتولى عادةً مسؤولية إمداد الشركات بالعمال والإشراف عليهم في هذه الأماكن.

وكم يبلغ الأجر خلال الإجازة المرضية حسب القانون، إن لم يكن صاحب العمل يتبع نظامه الخاص كما تفعل الشركات الجيدة عادة؟ إنه مبلغ زهيد لا يتجاوز 94.25 جنيه إسترليني في الأسبوع، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور، ويجب أن تكون في إجازة لأربعة أيام متتالية حتى تصبح مؤهلاً للحصول عليه.

يمكن لموظفي الوكالات أن يكونوا مؤهلين لإجازة مرضية مدفوعة الأجر، طالما أنهم صُنّفوا كموظفين. لكن، ربما سمعتم بما يسمى "اقتصاد العمل غير الثابت" الذي يشمل سائقي أوبر، والعمال المستقلين والمؤقتين والعاملين باليومية، ومعظم هؤلاء غير مؤهلين.

لنفترض أنك وفّرت مبلغاً للذهاب في رحلة إلى الخارج، ثم أنفقت معظمه خلال الرحلة قبل أن تواجه هناك احتمال الإصابة بفيروس كورونا، مثل بعض الأشخاص الذين عادوا حديثاً من إيطاليا.

ماذا تفعل إذا لم تكن محظوظاً بما يكفي لتحصل على الإجازة المرضية المدفوعة الأجر التي كان يتحدث عنها هانكوك، أو طُلب منك الحضور إلى أحد المكاتب أو مكان عمل آخر، كي تنال أجرك؟

ربما يجدر بك المكوث في المنزل. لكن إذا فعلت ذلك، فقد تبقى الفواتير من دون دفع وقد تفرغ الثلاجة بسرعة.

يجب أن تنتظر مدة 14 يوماً أو نحو ذلك حتى تعرف ما إذا كنت تحمل الفيروس، وليس ثمة ما تستطيع القيام به إذا كان لديك. فماذا تفعل خلال تلك الفترة؟

قد يميل الكثيرون إلى التفاؤل بالخير والذهاب إلى العمل، وسيجد البعض أنفسهم في وضع لا يتيح لهم سوى التوجه إلى العمل.

ويعتقد "مؤتمر نقابات العمال" من جانبه، أن هناك نحو 4 ملايين شخص يمارسون هذا النوع من العمل غير الآمن ما سيحرمهم من حماية شبكة الأمان الهشة المتعلقة بأجر الإجازة المرضية.

ويشير رقم آخر إلى أن نحو 2 مليون شخص لا يكسبون ما يكفي ليكونوا مؤهلين للحصول على هذا الأجر، وتشكل النساء، اللواتي يعتبرن أكثر عرضة للعمل بدوام جزئي، قرابة 69 في المئة من هؤلاء، أي 1.4 مليون.

يمكن وصف انعدام الأمن الوظيفي بمرض العصر، وهو قد يلعب دوراً مهماً في انتشار مرض حقيقي جداً.

هكذا يكشف فيروس كورونا كم هو عليل سجل بريطانيا الرديء لجهة حقوق العمال. وعلى حزب هانكوك الإجابة عن كثير من الأسئلة على هذا الصعيد.

سيكون بمثابة تعزية صغيرة إذا أجبره انتشار هذا المرض على الاهتمام بحقوق العمال، ليس كما لو كان انتشار مرض كهذا يعد أمراً جديداً.



مقالات أخرى للكاتب

  • إيلون ماسك يزرع رقائق كمبيوتر في الأدمغة... كيف أحصل على واحدة؟
  • مشكلة الوعد بتخفيض الضرائب: لا يمكننا تحمل كلفته
  • هل يمكن لمنتدى دافوس أن يفجر مفاجأة؟





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي