بيروووووووووت
2020-08-07
د. بتول السيد مصطفى
د. بتول السيد مصطفى

لم تكن بيروت تحترق ذاك اليوم وحيدة، فقد احترقت معها
قلوبُ محبيها حول العالم، ومن لا يحب بيروت؟!
لم تكن بيروت تُلملم جراحها وحيدة، فكلنا جُرِحنا معها، لم تُدمى واجهتها الجميلة لوحدها،
لم تعتصر ألماً لوحدها، لم تبكِ من هول الفاجعة لوحدها، لم تخنقها سحائب الدخان لوحدها،
فكلنا مع بيروت، تلك الليلة اختنقنا.
بيرووووت يا منارة الحرية وملاذ الأحرار
.. بيرووووت يا عاصمة الحب وقِبلة العشاق ..
بيرووووت يا موطن العلم، يا ملجأ العقول.
بيروت ليست مدينة عادية، بيروت مدينة الابتسامة والأمل، تتعلمُ فيها الحياة والحب والابتسامة رغم الوجع، رغم الكُرب، رغم المِحن. تُعلمكَ بيروت كيف تعيشُ وفي قلبك غصةٌ، كيف تنهضُ إن وقعت، إن سقطت، إن صفعتك الدنيا من كل حدبٍ وصوب، تحتضنك بيروت إن هربت، تحتويك بيروت إن تُهت، تُلهيك بيروت إن سئِمت، تهديك زهوراً لو لمحتك شاحباً، فهي وإن كانت مُتألمة أو جريحة أو مُستهدفة لا تقع، لا تسقط، لا تركع، ولذا لن نعزيكِ يا بيروت، لن نواسيكِ، واعذرينا، لأنكِ من يواسينا ويعزينا بصمودكِ وعنفوانكِ وثباتكِ في وجه كل هزة وعثرة وعسرة.
بيروت أيتها الجميلة لا يُناسب وجهكِ غير البسمة والفرح والعزة والشموخ، أزيلي عنكِ كتل الرماد، لم ولن تُهزمي، لا أرضاً ولا شعباً، لن تُهزمي، كلنا ثقة بقوتكِ وحبكِ للحياة ومُقارعتكِ لظلم العابثين بمُحياكِ الذي لا يُقهر، لأنكِ وبإيجاز شديد "مدرسة".
بيروت، تعلمنا فيكِ ومنكِ الكثير ونفتخر، رغم الصعاب والتحديات نقوى ونتجاوز، رغم الضجر نضحك وننسى، أكدي لنا اليوم أيضاً أنكِ أنتِ، لا تتغيري، اصمدي وعودي غداً أجمل، قومي انهضي لوحدكِ، وإن امتدت إليكِ كل الأيادي، نحن معكِ بقلوبنا التي تحبكِ، بعقولنا التي تفكر دوماً بكِ، بأرواحنا التي ترفرف فوق سماءكِ مُحملةً بشوقٍ لا ينتهي، بعُمرنا الذي قضينا أجمله في كنفكِ، بأجزاءنا التي لا تنساكِ، بذاكرتنا في بعض زواياكِ وسككِ، بدموعنا التي ذُرِفَت عليكِ، بأحلامنا التي رسمناها معكِ، بأمنياتنا التي صنعناها بواسطتكِ، بابتسامتنا التي تعلمناها منكِ، بقوتنا التي استمديناها منكِ، بغصتنا التي بددناها في ظلكِ، بأيامنا التي مضت برفقتكِ، برفقة هواءكِ وترابكِ وسماءكِ، برفقة حمراكِ وروشتكِ، جناحكِ وشياحكِ، حازميتكِ وسن فيلكِ، بعلبكِ وضاحيتكِ، ووو.
أيتها المُحاربة الواثقة في خطاها، أيتها الغالية، انتصري هذه المرة أيضاً للحياة، فالكل اليوم يُعلن كم يحبكِ، ومن لا يحبكِ لا يحب الحياة!

* كاتبة وباحثة إعلامية/البحرين



مقالات أخرى للكاتب

  • باجمال .. وداعاً
  • الشهادات والمهارات
  • عودة الثقة





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي