الكاتب الكويتي عبد الوهاب الحمادي: رواياتي تتناول اللحظات الفاصلة في التاريخ

2021-02-09

الكاتب الكويتي عبد الوهاب الحمادي، الفائز بجائزة الدولة التشجيعية في فئة الروايةبيروت - رنا نجار - قال الكاتب الكويتي عبد الوهاب الحمادي، الفائز بجائزة الدولة التشجيعية (مناصفة) في فئة الرواية عن آخر مؤلفاته "ولا غالب"، إن حصوله على الجائزة يمنحه ثقة أكبر خلال مسيرته، ويفرض عليه تحدياً جديداً لتطوير أدوات الكتابة.

وأعلن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، في 4 فبراير، أسماء الفائزين بجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية لعام 2020، وخصصت الجوائز لتكريم شخصيات رائدة في عدد من المجالات، وذهبت جائزة الدولة التقديرية إلى 3 أشخاص، هم الدكتور عبدالمالك التميمي، في مجال العلوم الاجتماعية، والفنان عبدالرضا باقر، في مجال الفنون التشكيلية، والملحّن والمطرب يوسف المهنا، في مجال الفنون الموسيقية.

واعتبر الحمادي، أن الحديث عن الجوائز الأدبية في العالم العربي طويل ومتشعّب، لافتاً إلى تجربته الخاصة مع الجوائز، بقوله: "عندما وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر، حينها ألقيتُ نفسي أمام قارة من القراء العرب، وجدت روايتي مقروءة في مصر والمغرب والعراق والجزائر واليمن ودول الخليج وغيرها".

وأضاف: "الجوائز ذات قيمة وتؤسس للمنافسة، لكن هل الرواية التي تصل لجائزة أو تفوز بها هي الفضلى، قطعاً لا، لا يمكن الجزم بذلك، لكنني متأكد من أهمية الجوائز في الترويج للكاتب واختصار زمن وصوله للقارئ".

لحظات فاصلة
وعن سر اعتماد رواياته الثلاثة على التاريخ، يقول: "عشقي للتاريخ بدأ منذ الصغر، ولا يزال مستمراً، إذ كنت أعطي كتب التاريخ وفلسفته أولوية في قراءاتي، مع عدم إغفالي نواحي الأدب والعلوم المختلفة، لكن يظل التاريخ أثيراً في نفسي، وهذا لا أعتبره أمراً غريباً، فالعرب مشغولون بالتاريخ أكثر من انشغالهم بحاضرهم ناهيك عن الانشغال بمستقبلهم".

وأضاف الحمادي، في حوار مع "الشرق": "أحب الكتابة عن اللحظات الفاصلة في التاريخ، مثلاً في رواية "الطير الأبابيل" بدأت بأحداث 11 سبتمبر ولحظة اصطدام الطائرتين ببرجي التجارة في نيويورك، وفي "لا تقصص رؤياك" كان الحدث المفصلي شرارة الربيع العربي عندما انقدحت في الكويت قبل اندلاعها بالوطن العربي، أما في "ولا غالب" فكان حدث سقوط الأندلس، وربما يرجع ذلك للتأثر بروائيين عدة مثل أمين معلوف، كما أن تلك اللحظات الحرجة أقدر على كشف النفس".

سقوط الأندلس واحتلال الكويت
وصدرت الرواية، العام الماضي، عن المركز الثقافي العربي، وهى الرواية الثالثة للكاتب الشاب المولود في الكويت عام 1979، بعد "الطير الأبابيل" عام 2012، و"لا تقصص رؤياك" عام 2014، والتي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة الرواية العربية أو ما يعرف بـ "جائزة بوكر" عام 2015.

ويحاول الحمادي، الذي دخل الأدب من باب الرحلات والبحث التاريخي مع كتاب "دروب أندلسية" الصادر عام 2011، تقديم أدوات جديدة وبناء مبتكر في السرد والحكاية راسماً خطّاً أدبياً مذهّباً بعبق التاريخ والنبش فيه، وجدلية الحوار بين الماضي والحاضر، كما فعل في "ولا غالب" التي تدور بين زمنين يفصل بينهما قرون، الأول وصول العرب إلى الأندلس وسقوطها، والثاني احتلال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، للكويت، وتحريرها عندما كان طفلاً.

وتدور أحداث الرواية في مدينة غرناطة الأندلسية، حيث يلتقي 3 كويتيين بالصدفة، طبيب يزور المدينة تنفيذاً لأمنية زوجته العاشقة للتاريخ والأندلس ووافتها المنيّة في زمن غزو الكويت، وكهل ملتح متدين، وآخر في مثل عمره كان مذيعاً في زمن القومية العربية، كانا قد قصدا التعرف إلى المدينة وزيارة قصر الحمراء الشهير، بصحبة سائق إسباني فلسطيني الأصل.

وضع الحمّادي هذا اللقاء في جو مواجهة وصراع تاريخي بين طرفين، الأول يرى الأندلس مجداً إسلامياً أضاعه المسلمون وتعرض للتشويه على يد النصارى، بينما يرى الآخر أن وجود المسلمين في الأندلس كان غزواً للإسبان وأنهم استعادوا وطنهم كما يفعل أهل أي وطن، وبين وجهتي النظر تدور تفاصيل وحوارات غاضبة وصراع يتدخل فيه السائق الفلسطيني منتصراً للمتدين الذي يحاول طوال وجوده في المكان دعوة أي شخص للإسلام.

وعن هذه المواجهات يقول: "خلقت المواجهات لأنها الطريقة المثلى لكشف النفاق التاريخي والاجتماعي والسياسي إلخ، هناك محاور عدّة للرواية، ولم أستطع مثلاً فصل ما يدور في عالم الأدباء من كوارث وزيف، ولا أن أبتعد عن عالم المؤرخين بكل تناقضاته"، مشيراً إلى أن "كل ذلك من شأنه زيادة انغماس القارئ في شجون العالم الذي نعيشه".

كيف خطرت فكرة الجمع بين زمنين سقوط الأندلس واحتلال الكويت؟ يجيب الحمادي: "نحن محكومون في عالمنا العربي بالدوران في حلقة مفرغة بسبب التاريخ الذي نحمله على كاهلنا مثل صخرة سيزيف، إذ إن التاريخ يعيد نفسه مرتين مرة بصورة مأساة ومرة بصورة مهزلة، بحسب مقولة تنسب لكارل ماركس، لذلك اخترت لحظة سقوط الأندلس لأنها اللحظة الأكثر شجنا في الخيال العربي، وأردت اللعب على المتناقضات في تلك الخيوط التي نسجتها وأوصلتها لزمن احتلال الكويت، أردت أن أفكر بصحبة القارئ وأتفكر كيف نرى الأحداث ونحلّلها، ولماذا نمارس الازدواجية الفكرية عند قراءة التاريخ".

منهج بحثي للكتابة
الحمادي، لا يكتفي عند الكتابة بذاكرته أو ما يقرأه بالصدفة، لكنه يضع استراتيجية ممنهجة ويبحث في المصادر والمراجع الأصلية ما استطاع لذلك سبيلاً، ويعود مع كل فكرة جديدة إلى الكتب الفكرية المختصة بتحليل التاريخ والتفكر فيه بطريقة نقدية بعيدة عن العاطفة، ويعتبرها متعة بالنسبة إليه وإن لم يؤرّخ لحدث ما، بل يحيط بالحكاية من جوانبها السياسية والاجتماعية والجيوسياسية.

تصالح مع التاريخ
واعتبر الحمادي في "ولا غالب" أن التاريخ شخص مريض يريد تشخيصاً ناجعاً، وعلينا فهمه ومعالجته، فهل هو يعتبر أن الكتابة وتحديداً في هذه الرواية هي مدخل للتصالح مع التاريخ وفهمه؟ يؤكد بالإيجاب: "إن لم نستطع أن نتصالح ونعالج التاريخ علاجاً شافياً، لن يكون لنا مكان إلا في هامش المستقبل".

ويتحدث الحمادي في الرواية عن الغربة بشاعرية، فما هي الغربة بالنسبة له؟، يجيب: "الحديث عن الغربة حديث ذو شجون، خاصة في عالم باتت سرعة جريانه تفوق الوصف، فالغربة بالنسبة لي عندما أرى عالماً خالياً من الحنين، عالماً مادياً بحتاً، عالم يكون الإنسان فيه مجرد رقم، الغربة تكمن في العيش بين أطلال عالم عشناه، ونبصره يهدم أمامنا ويستحيل أنقاضاً، ولا أجد هروباً من تلك الغربة إلا بالقراءة والكتابة، ربما هي إجابة رومانسية قليلاً، لكن الحديث عن الغربة طويل وقاس".

أما عن عدم إعطاء أسماء لشخصيات الرواية وتركها بصفات مثل السمين والدكتور والأشقر، فيشرح الحمّادي أنه "أراد التجريد، لأن للأسماء مرجعيات لم يرد أن يُشغل القارئ بها، كما أراد أن يدخل إلى عالم خال منها وينشغل بالحكاية"، ويرى أن "الصفات كانت كافية، ناهيك عن استخدامي لها في الإشارة لدون كيخوته وسانشو مثلاً".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي