رواية «الطيور الحمراء» للباكستاني محمد حنيف: نقد لاذع للسياسة الخارجية الأمريكية

متابعات الأمة برس
2021-01-31

 

في مقابلة أجرتها الصحافية البريطانية كلير أرميستيد يقول الروائي الباكستاني محمد حنيف «لتتمكّن من إعطاء رأيك بالسياسة في باكستان عليك أن تكون خارج البلاد».

كان حنيف يعيش في لندن، ويعمل صحافيا حينما نُشِرت روايته الأولى «صندوق المانجو المتفجرة»؛ الحائزة جوائز عدة. ولكنه عاد واستقرّ في كراتشي بعد حدوث الهجمات على مركز التجارة العالمي، التي بدورها أجبرت الغرب على مواجهة العواقب المثيرة للحروب. الآن وبعد عودته إلى كراتشي، يناقش حنيف التهديدات التي واجهها ولماذا يستمر في التحدث عنها علناً وبدون خوف.

إنهم يضعون الآن شرائح نظام تحديد المواقع العالمي في الحيوانات الأليفة والطيور المهاجرة، هل يعقل أن يتوه شخص ما يحلّق في آلة تبلغ كلفتها خمسة وستين مليون دولار؟

بهذه الكلمات التي صرّح بها طيار أمريكي تحطمت طائرته في صحراء مجهولة، خطّ محمد حنيف وجهة نظره الخاصة في الصفحات الافتتاحية لروايته الجديدة. إنها مناورة نموذجية وجريئة من كاتب ساخر، كان هو نفسه طياراً سيئاً للغاية في ما مضى. كما أن عمله هذا مليء بالإشارات إلى العتاد العسكري.

التي تروي كيف وضِعَت سلة من ثمار المانجو المتفجّرة في عربة كانت على مقربة من الرئيس الباكستاني ضياء الحق. روايته الثانية كانت عن ممرضة الدير المفعمة بالحياة، التي تزوجت على متن غواصة نووية. بدا حنيف ساخراً ولو أن رسالته السياسية في رواياته أورويلية، فيما ترتكز جلّ أعماله على أن العالم فاسد ومحاصر باستمرار.

«أعتقد أنني كنت في المدرسة لمّا اندلعت الحرب الأفغانية، وهكذا نشأنا في خضم ذلك النوع من الصراعات، ومن ثم بدأت تتكاثر في العالم، وأبداً لن تنتهي تلك الحروب والنزاعات، بل سينتقل التركيز من مكان إلى آخر فقط». هذا ما قاله الروائي والصحافي والكاتب المسرحي محمد حنيف الذي بلغ الثالثة والخمسين من عمره. حرب لانهائية هي الخلفية الرئيسية لرواية «الطيور الحمراء» وإن توقف القصف فسيكون ذلك بسبب ظروف غامضة. يُنقَل الطيار المفقود الرائد إيلي إلى مخيم للاجئين من قبل الفتى مومو، الذي يعثر عليه بينما كان يجوب الصحراء بحثاً عن كلبه الجريح. الفتى مومو هو من أكثر شخصيات الكتاب إشراقاً، هو ذلك المراهق الذي يعمل وكيل إعلانات، ويقود جيب شيروكي تحمل شعار الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. ومصمم على إنقاذ شقيقه الأكبر الموجود في قاعدة عسكرية مشؤومة، تُعرف بحظيرة للطائرات. يقول حنيف: «يتساءل الناس عن مكان حدوث الرواية، وأجيب إنها تحدث في رأسي». ولو أن حنيف كان يأمل في أن يكتب رواية لا مكان للأحداث السيئة فيها. «أعرف أناساً كثرا سعداء في حيواتهم، ويقومون بأعمال فاضلة أو يؤمنون أن ما يفعلونه هو أشياء جيدة».

ولد حنيف في ريف باكستان، ونشأ في كنف أبوين لا يتقنان القراءة والكتابة، ولكنهما كانا يعتبران، في مجتمع كهذا كمَعين للحكمة، وهذا هو ما كانت ترمز إليه الطبقة الوسطى في بيئة كهذه. «في محطة المترو أنت لا تقدم عنواناً، بل اسماً». وبوصفه الابن اذي حقّق إنجازات كبيرة بالنسبة لعائلة زراعية، فقد كان السبب في دخول والده للمرة الأولى في حياته إلى مدرسة، من أجل حضور حفل توزيع الجوائز، بمناسبة فوز حنيف بجائزة، وكان أحد الأطفال الستة المكرّمين في المدرسة. «كنت حينها في الثامنة أو التاسعة من عمري، وأعتقد أن والدي كان فخوراً بي بعض الشيء سرّاً».

بداية ذهب حنيف إلى مدرسة ثانوية حكومية، ولكنه غادرها وانتقل إلى المدينة الكبيرة في الخامسة عشرة من عمره، وبعد عام وقّع عقداً لمدة ثمانية عشر عاماً مع القوات الجويّة الباكستانية بعد اكتشافه إعلاناً للتوظيف في الصحف.

وظّفته القوات الجويّة في مجال إلكترونيات الطيران، وعرّفته إلى شرائح أخرى من المجتمع الباكستاني، والأعراق كالمناطق الحضرية والريفية الفاخرة والفقيرة. المشكلة الوحيدة أنه ثَبُت له أنه ليس مؤهّلاً لقيادة طائرة.

يقول حنيف: «حقاً كنت ماهراً في الإقلاع، ولكن عليك أن تهبط بالطائرة بأمان أيضاً. تحديداً في مجال الطيران، عليك أن تنجز الأمور بسرعة بالغة في حين أنني أفضّل أن أفكر مليّاً في الأشياء». بعد أن بدا جليّاً أنه لم يكن ميّالاً للخدمة العسكرية لذا أطْلق سراحه قبل عشر سنوات من انتهاء خدمته، لينتقل في ما بعد إلى الحياة المدنية، بين الساسة الصغار ورجال الأعمال والعصابات المتصارعة.

أغلب أصدقاء حنيف كانوا مدمنين على المخدّرات. وكان لا يتوانى عن مساعدة أحد أصدقائه الذي يعمل مراسلا لصالح مجلة على الخروج من حالة التوتر الشديد التي تعيقه عن أداء عمله. لاحقاً انتقل حنيف للعمل في مجلة «نيوز لاين» السياسية، وهناك التقى برئيسة التحرير، التي يعزو إليها الفضل في تحوله من صحافي درجة ثانية إلى روائي.

يقول حنيف: «علمتني رضية بهاتي قيمة الجملة الجيدة، وأن الأمر ليس مجرد طرح قصة مخزية». وفي إحدى المرات أنقذت بهاتي حياته حينما رفضت إعطاء عنوانه لعناصر الشرطة، الذين اتصلوا بها في الثانية صباحاً بحثاً عن المراسل الذي كان وقحاً بشأن سياسي محلّي، وكرد جميل لها جعل من اسمها عنواناً لروايته الثانية «سيدتنا أليس بهاتي» التي نُشرت عام 2011. وممّا يتذكره لاحقاً أن اعتقالات منتصف الليل، لم تكن الخطر الوحيد في ذلك الوقت في كراتشي، إذ كان يتمّ اختطاف الناس فقط من أجل بضعة آلاف من الروبيات، كما أن سرقة السيارات كانت متفشية أيضاً.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي