معرض "الفرحة" للمصري أيمن سعداوي .. محاولة التذكير بالسعادة

2020-12-30

محمد عبد الرحيم

القاهرة ــ وسط حالات القلق والخوف والحزن، التي تسود العالم جرّاء جائحة كورونا، يأتي الفن ليعبر بشكل أو بآخر عن أن هناك ثمّة أملا، محاولا خلق حالة من الإحساس بالسعادة، والبهجة المصحوبة بالدهشة.

من وجهة النظر هذه جاء معرض الفنان المصري أيمن سعداوي، الذي عنونه بالـ»الفرحة» أو لحظات البهجة، والمقام حاليا في غاليري الزمالك للفن في القاهرة، حيث يرصد سعداوي لحظات الفرح هذه من خلال فعل (الرقص) وحالة الموسيقى، التي تحرر الجسد من قيوده، وتظهره في صورة أخرى غير ما اعتاد الناس عليها، أو حتى صاحبها، ذلك من خلال حوالي 15 عملا نحتيا من خامة البرونز، تجسد العديد من حالات الفرح والبهجة التي يعيشها المصريون في غفلة من الزمن.

الناس العاديون

بعيدا عن مظاهر ادعاء الفرح، والمتمثل في الحفلات وما شابه، أو اقتصاره على فئة معينة تصدّر نموذجها دائما على أنه الأمثل الذي يجب اتباعه، تأتي منحوتات سعداوي لتجسد حالات الناس العاديين من المصريين، الشعبيين بالأخص، ناس الحواري والأحياء الشعبية، جلابيب وأزياء نساء استلهم الفنان تفاصيلها من الذاكرة، كمحاولة للتذكير والتعايش مع الشخصية المصرية قبل مسخها هذه الأيام.

نجد ذلك في اسماء المنحوتات، ومنها.. براءة طفولة، زغرودة، شقاوة، ابن البلد، الراقصة، بنت الحارة، قارع الطبل، التحطيب، الفرقة، إضافة إلى الأمل في فرح قريب، من خلال عملي، «الانتظار» و«قارئة الفنجان».

الملاحظ على هذه الأعمال، قربها من وعي وروح المُتلقي، الذي ربما غاب كثيرا عن الواقع، وهي للذاكرة أقرب، وهو ما يجعلها أكثر تأثيرا نفسيا وجماليا، بعيدا عن صخب الرقص الشائع هذه الأيام ـ المهرجانات وما شابه ـ نساء قريبات بملامحهن الشائعة ذات الجمال الخاص، ورجال نراهم في الطرقات وعلى المقاهي، وقد تخلى الجميع عن وقارهم المعهود، وتركوا أنفسهم للحظة خيال، تنمحي فيها القوانين لصالح الخيال فقط.

الحِس الشعبي

لا يغيب عن الفنان تأصيل الحِس الشعبي والتراثي لعوالم شخصياته، وهو بالطبع نابع من البيئة التي تنتمي إليها الشخوص، والتي يحبها الفنان في صدق، دون النظرة المتعالية أو السياحية في التعامل معهم، من قِبل الكثير من الفنانين، هناك سِمة من التبجيل والاحترام، ومحاولة إيصال أصواتهم إلى الجميع، دون الإدعاء بذلك والسخرية منهم، أو رؤيتهم وكأنهم كائنات خرافية أوشكت على الانقراض، يمكن مشاهدتها من وراء سياج.

الحركة والصوت

وبما أن أفعال الشخصيات ترتبط بالرقص وبالتالي الموسيقى، لذا نجد تنوعا في الحركة والصوت المصاحب للشخصية، فالراقصة المحترفة تختلف عن رقصة بنت الحارة، وكذلك عن رقصات الرجال، إضافة إلى كسر المألوف في أن الرقص فقط يقتصر على النساء ممشوقات القوام، بل للمرأة البدينة ـ أغلبية المصريات ـ الحظ في أن تتجسد راقصة بجسدها الذي تحرر بدوره من صورته المعتادة، حتى أن الفنان أطلق على التمثال اسم (شقاوة).

ومن الحركة الملازمة لكل جسد يتماهى وفعل الرقص تأتي الموسيقى التي نسمعها من خلال هذه الحركة أو تلك.. صوت الزغاريد، دقات الطبل، التحطيب، وتخيل فرقة موسيقة كاملة من خلال تمثال (الراقصة) على سبيل المثال.

وبخلاف الصخب الواضح في المنحوتات، تأتي لحظات من السكون والتأمل، كما في عملي «الانتظار» و«قارئة الفنجان» وإن كانت نغمتهما مختلفة عن النغمة السائدة لباقي الأعمال، إلا أنهما يمثلا حالة الأمل المُرتقب مهما طال، فالمرأة وقطتها تتناغم لحظات انتظارهما، تؤكدها حالة قارئة الفنجان، التي تحاول بدورها استشراف ما سيأتي، وكلا العملين يمثل حالة الأمل في مشاركة باقي الشخصيات ـ المنحوتات ـ في فرحها الذي لا ينتهي.

اللون والملابس

يستخدم الفنان خامة البرونز، وهي ذات لون يحمل حراراته وصخبه الدفين، لون يقترب أكثر من طبيعة حياة الشخوص، والطبيعة المصرية، إضافة إلى ألوان ملابس الشخصيات التي تتوازن مع هذه الطاقة بالهدوء كالأبيض والوردي، بخلاف المرأة البدينة التي ترتدي الأحمر، وهو أيضا مخالف لما هو معهود، وكأنه يُظهر مدى ثقتها في جسدها وتعبيرها عنه من خلال فعل الرقص.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي