بسبب تغير المناخ.. أوراق الأشجار أصبحت تتساقط مبكرا في الخريف

الامة برس-متابعات:
2020-12-02

التغيرات المناخية تلعب دورا مهما في التساقط المبكر لأوراق الأشجار 

الصغير محمد الغربي:

أظهرت دراسة علمية جديدة أن تساقط أوراق الأشجار في الخريف أصبح يحدث في وقت مبكر من الفصل، مقارنة بالعقود الماضية بسبب التغيرات المناخية، وذلك على عكس ما كان متوقعا.

وتشير هذه النتائج -بحسب العلماء- إلى أن للغابات حدا في مقدار الكربون الذي يمكنها امتصاصه كل عام، مما يقلل من قدرتها على مواجهة الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.

الاحترار وتساقط الأوراق

درس علماء النبات منذ فترة طويلة العوامل التي تتحكم في توقيت العمليات الدورية للشجرة، كنمو الأوراق في فصل الربيع وتساقطها في الخريف، ووجدوا علاقة وطيدة بين ارتفاع درجات الحرارة في بداية فصل الربيع نتيجة تغير المناخ، والنمو المبكر للبراعم. لكن سلوك الأشجار في الخريف ظل غير مفهوم نسبيا بالنسبة لهم.

ويجمع العلماء على أن انخفاض درجات الحرارة في الخريف وتقلص الفترة المشمسة في اليوم الواحد هما من العوامل الرئيسية التي تحدد توقيت إسقاط الأشجار لأوراقها.

وتلجأ أشجار نفضية -التي تنفض أي تسقط أوراقها فصليا- إلى التخلص من أوراقها التي تصبح عبئا عليها بسبب انخفاض التمثيل الضوئي والطقس البارد، وتمضي أشهر الشتاء في استهلاك السكريات المخزنة لديها. ولذلك اعتقد العلماء في السابق أن درجات الحرارة المرتفعة ستحفز الأشجار لإلقاء أوراقها بتأخير عن المعتاد بين أسبوعين و3 أسابيع بنهاية القرن الجاري.

لكن نتائج الدراسة الجديدة المنشورة مؤخرا في دورية "ساينس" (Science) تتعارض تماما مع ما اعتقده العلماء سابقا، فقد وجد فريق من الباحثين من المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ (Institute of Integrative Biology, ETH Zurich)، أن أوراق الأشجار تتساقط في الخريف قبل وقتها المعتاد.

تساقط قبل الأوان

استخدم الباحثون في دراستهم بيانات من مشروع علم الفينولوجيا لعموم أوروبا (Pan European Phenology Project)، وهو مشروع طويل الأجل لمراقبة أشجار أوروبا الوسطى. ووفر لهم هذا المشروع معلومات عن 3855 موقعا غابيا تضم 6 أنواع من الأشجار يعود بعضها إلى 65 عاما، وتتعلق بمعدلات التبرعم وسقوط الأوراق ومعدلات التمثيل الضوئي، إضافة إلى المعلومات المناخية.

وعلى عكس النماذج القديمة التي افترضت أن طول مواسم النمو يحدد مقدار الكربون الذي تمتصه الأشجار من الغلاف الجوي، بحثت الدراسة الجديدة بدلا من ذلك، في كيفية تأثير تغير امتصاص الكربون على إنتاج الأشجار للأوراق خلال موسم النمو.

أجرى الباحثون في هذه الدراسة عدة تجارب تمثلت إحداها في تظليل بعض الأشجار ومقارنة نمو أوراقها بمجموعة أخرى تتلقى أشعة الشمس بشكل طبيعي، ولاحظوا أن سقوط أوراق تلك التي تعيش في الظل، تأخر لأكثر من أسبوع.

أوراق الأشجار أصبحت تتساقط في وقت أبكر من ذي قبل (بيكسهير)

وفي تجربة أخرى، وجد الفريق أن الأشجار التي تم الاحتفاظ بها في جو دافئ أو تم إعطاؤها كمية زائدة من ثاني أكسيد الكربون (أو كليهما)، أسقطت أوراقها في وقت أبكر من الأشجار التي لم تتم معالجتها.

واستنتج مؤلفو الدراسة أن الأشجار تسقط أوراقها في وقت أبكر كلما كانت هناك زيادة في التمثيل الضوئي. ووجدوا أن كل زيادة بنسبة 10% في نشاط التمثيل الضوئي خلال فصلي الربيع والصيف، يقابلها تقدم في موعد تخلص الأشجار من أوراقها بـ8 أيام مقارنة بمتوسط الموعد المسجل خلال العقود الماضية.

وقدر الفريق أنه بحلول نهاية القرن، ستسقط الأشجار أوراقها خلال الخريف قبل أوانها بمقدار 3 إلى 6 أيام.

حدود موسمية

من ناحية أخرى، تشير الدراسة إلى أنه حتى في ظل وفرة الضوء والدفء، فإن للأشجار حدودا في مقدار الكربون الذي يمكنها تحويله إلى سكريات وأوراق وجذور في موسم نمو معين.

وترتبط هذه الحدود -بحسب الباحثين- بكميات النيتروجين المتوفرة، فكلما زادت إنتاجية الأشجار استنفدت احتياطاتها من النيتروجين بسرعة مما يؤدي إلى توقف مبكر للإنتاجية.

للأشجار قدرة محددة على امتصاص الكربون من الغلاف الجوي كل موسم (بيكسهير)

لذلك وبدلا من تأخير إسقاط أوراقها مع ارتفاع درجات الحرارة، ستصبح الأنواع النفضية من الأشجار جرداء في وقت مبكر من الموسم، مما يقلل من قدرتها على مواجهة الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.

لم تعد أوراق الأشجار المتساقطة في الخريف مجرد علامة على تغير الفصول، بل أصبحت علامة خطيرة على تغير المناخ، كما يقول الباحثون.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي