كُن منهم : الأشخاص الذين يوفقون بين المتناقضات أكثر قدرة على الإبداع

2020-11-20

الضغوط النفسية الناتجة عن التناقضات مفيدةواشنطن ـ تشير الأبحاث العلمية إلى أن الصراعات والضغوط النفسية التي تعتري المرء عندما يشعر بأنه يتجاذبه اتجاهان متناقضان في آن واحد، كثيرا ما تكون مفيدة.

كما أفادت الدراسات التي أجراها علماء النفس وأخصائيو العلوم التنظيمية أن الأشخاص الذين يتعلمون تقبل المتطلبات المتناقضة والتوفيق بينها، بدلا من رفضها، كانوا أكثر قدرة على الإبداع، وأفضل أداء وأظهروا قدرا أكبر من المرونة من نظرائهم، إذ عززت القيود المضاعفة من أدائهم.

وتؤكد المؤرخة الأميركية جوان والاش سكوت بأن ما يميز المفكر الناقد هو القدرة على “الإشارة إلى التناقضات”، معتبرة أن المفكرين الناقدين هم أيضا متناقضون.

ويؤكد الخبراء أن التناقضات موجودة بصفة دائمة في حياتنا الذاتية مشيرين إلى أن هذه التناقضات يمكن أن تؤثر في الدماغ بشكل يجعل الشخص يتمتع بسمات الإبداع.

وهو ما أشارت إليه دراسة أجراها فريق بحثي من عدة جامعات أميركية، ونُشرت نتائجها في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأميركية.

انتهى باحثو الدراسة إلى أنه يمكن لمسح بسيط للدماغ تحديد ما إذا كان الأشخاص يتمتعون بأفكار إبداعية، وما المناطق الدماغية المسؤولة عن ذلك.

وتوصَّل الباحثون إلى أن قدرة الأشخاص على التفكير الإبداعي يمكن فهمها جزئيّا، عن طريق الربط بين ثلاث شبكات مرتبطة بالفكر الإبداعي في الدماغ؛ إذ اكتشفوا أن المبتكرين لديهم روابط أقوى بين هذه المناطق الثلاث، مقارنة بأولئك الذين كانوا أقل ابتكارا.
يقول الباحث بقسم علم النفس بجامعة هارفارد، وأحد باحثي الدراسة روجيه بيتي “إن الدلائل العلمية تشير إلى أن الإبداع ينطوي على تفاعُل معقد بين ما يُعرف بالتفكير العفوي والتفكير المراقب”.

وأكد أن إمعان التفكير في التناقضات الصارخة قد يدفعنا إلى التخلي عن افتراضاتنا غير القائمة على البراهين، ومن ثم يساعدنا على التوصل إلى طرق جديدة كليا للتعامل مع المشكلة.

واستشهد بيتي بعالم الفيزياء أينشتاين الذي درس كيفية سكون الشيء وتحركه في نفس الوقت بحسب موقع الناظر إليه، وهو ما قاده إلى صياغة نظرية النسبية.

كما حاول عالم الفيزياء الدنماركي نيلز بور، التوفيق بين الطرق التي تتخذ بها الطاقة شكل موجات وجسيمات في آن واحد، رغم أنه لا يمكن رؤية الحالتين معا.

وكانت الأستاذة المساعدة للسلوك التنظيمي بالمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال ميرون سبيكتور، قد نشرت رفقة زملائها دراسة في عام 2017، تناولوا فيها مزايا التأقلم مع الضغوط الناتجة عن المتطلبات المتناقضة في بيئات العمل ببعض المصانع الكبرى.

وصمم الباحثون استطلاع رأي لقياس فكرة التناقض التي عرفوها بأنها مدى قدرة الموظفين على تقبل التناقضات والاستفادة منها كمحفز للأداء. وطلبوا من المشاركين تقييم عبارات حول استعدادهم للتأقلم مع التناقضات وتقبلها.

وكشفت الدراسة أن قدرة الموظف على التوفيق بين المتطلبات المتضاربة اعتمدت اعتمادا كبيرا على عقلية التناقض. وذكر المشاركون الذين أحرزوا درجات مرتفعة أن تحديات التعامل مع الموارد المحدودة كانت تحفزهم وتشحذ عزيمتهم. وقد تحسّن أداؤهم بالفعل عندما اعتراهم التوتر والقلق بسبب الصراع النفسي، ومن ثم توصلوا إلى حلول أفضل ومبتكرة للمشاكل التي واجهتهم.

في حين أن الموظفين الذين عجزوا عن التعامل مع المتطلبات المتناقضة، كانوا أكثر عرضة للإخفاق، ووجدوا صعوبة في الحفاظ على مستوى أدائهم في ظل نقص الموارد.

وقد يبرز مدى أهمية عقلية التناقض في الوصول إلى نتائج إيجابية وقد تكون مهمة أيضا لمدراء العمل حيث تثبت الأدلة أن قدرة المدير على تقبل التناقضات والتوفيق بينها تنعكس على قدرة الفريق بأكمله على الابتكار، فضلا عن أن الشركات والمؤسسات التي تتبنى استراتيجيات متناقضة تتفوق في الغالب على منافسيها.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي