جماعات الضغط في واشنطن تواصل الاستفادة من الأزمة الخليجية

جوليان بيكيت | ميدل إيست آي
2020-09-22

 

خلال الحوار الاستراتيجي الأخير بين الولايات المتحدة وقطر، أكد وزير الخارجية الأمريكي، "مايك بومبيو"، أن "الوقت قد حان للخصوم في الخليج العربي لدفن الأحقاد وتجديد العلاقات الدبلوماسية".

لكن مئات الملايين من الدولارات تقول إنه ربما يتعين على "بومبيو" الانتظار لفترة أطول قليلا.

ويتعلق هذا المبلغ بالأموال التي أنفقتها حكومتا الإمارات وقطر على جماعات الضغط في واشنطن منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل 3 أعوام.

وتركز جزء كبير من هذا الإنفاق على محاربة بعضهما البعض، حيث تسعى أبوظبي إلى تصوير قطر كدولة "مارقة تدعم الإرهاب" بينما دافعت الدوحة عن نفسها كحليف موثوق به لدى الغرب.

وقال "بن فريمان"، مدير مبادرة الشفافية للتأثير الأجنبي في مركز السياسة الدولية لموقع "ميدل إيست آي": "إنها بالتأكيد واحدة من أكبر المعارك التي تابعتها، على الأقل في الذاكرة الحديثة. ولا يمكنني التفكير في خصام أكبر كان أكثر ربحا لجماعات الضغط من هذه المعركة".

وأخذت الإمارات زمام المبادرة في حملة نفوذ شاملة أدت إلى زيادة تمويلها لجماعات الضغط بأكثر من الضعف بين عامي 2016 و2017، من 10.4 مليون دولار إلى 21.4 مليون دولار، وفقا لمركز "ريسبستيف بوليتيكس".

 موضوع يهمك : منذ التطبيع الإماراتي.. الفلسطينيون "ضحية" لعنف إسرائيلي متصاعد

وسرعان ما حذت قطر حذوها، حيث رفعت الميزانية المخصصة لجماعات الضغط أكثر من 3 أضعاف خلال نفس الفترة، من 4 ملايين دولار إلى 12.9 مليون دولار.

ولا يزال الصراع على النفوذ مستمرا وبقوة اليوم، حيث تحتفظ الحكومة القطرية حاليا بخدمات 16 شركة، ارتفاعا من 5 شركات في عام 2016، بينما رفعت الإمارات شركاتها إلى 8، ارتفاعا أيضا من 5 في 2016.

وقال "جوناثان شانزر"، نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن: "لا يزال الإنفاق مستمرا، على الأقل هنا في الولايات المتحدة".

وأضاف: "ويركز الكثير من هذا الإنفاق على استهداف الخصم. وهذا لا يبشر بالخير".

وقال "فريمان"، الذي كتب تقارير مطولة عن جهود الضغط من قبل دول الحصار الثلاثة، السعودية والإمارات وقطر، إن تصاعد الضغط من قبل السعودية والإمارات بدأ تقريبا بمجرد انتخاب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب". وقال إن ذلك ترك القطريين "في وضع صعب" عندما جاء الحصار.

وأضاف "فريمان": "أدركت قطر لاحقا أن لديها مشكلة هنا في الولايات المتحدة، وكانوا متأخرين كثيرا عن السعوديين والإماراتيين فيما يتعلق بالتأثير هنا".

 موضوع يهمك : قطار التطبيع العربي مع إسرائيل.. هذه الدول قد تكون التالية

وأوضح: "لذا فقد بدأوا بالفعل في اكتساب القوة وإضافة شركات والمزيد من سماسرة النفوذ إلى ترسانة جماعات الضغط الخاصة بهم أيضا".

وسرعان ما أصبح تأثير القطريين المتزايد داخل الإدارة واضحا، فبالرغم أن "ترامب" وقف إلى جانب دول الحصار في البداية، فقد استضاف الرئيس الأمريكي أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" بعد أقل من عام وروج للعلاقات القطرية الأمريكية.

وقال "فريمان": "ساهم اللوبي القطري في تمهيد الأجواء للوصول إلى هذه النتيجة".

الإمارات ضد قطر

وتظهر السجلات أنه بالرغم من حجمها الصغير مقارنة بالسعودية، سرعان ما أخذت الإمارات زمام المبادرة في معركة الضغط ضد قطر.

ويتعلق جزء من السبب بانشغال الرياض بالدفاع عن نفسها من رد الفعل العنيف من الحزبين على مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" وتداعيات الحرب في اليمن.

لكن "حسين إيبيش"، الباحث المقيم البارز في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، قال إن سببا أكثر جوهرية يتعلق بمعركة الأفكار المستعرة بين الإمارات وقطر حول الإسلام السياسي في المجتمعات العربية.

وقال "إيبيش" إن قطر تعتبر الجماعات مثل "الإخوان المسلمون" وفرعها في غزة، "حماس"، جماعات معتدلة بديلة عن نظيراتها الأكثر تطرفا، أما الإمارات فترى أن "الإخوان" بوابة للإرهاب.

وأضاف": "بالنسبة لقطر والإمارات، هذا صراع أيديولوجي، أما بالنسبة للسعودية، فالأمر يتعلق بسلوك قطر".

 موضوع يهمك :  فورين أفيرز ترسم ملامح استراتيجية أمريكية جديدة في الشرق الأوسط

وتابع "إيبيش": "فيما يتعلق بعمليات الضغط الخاصة بهما، فقد استغلت كل من الإمارات وقطر نقاط قوتهما".

وممثلة بالسفير "يوسف العتيبة"، أحد أكثر الأشخاص أصحاب العلاقات في واشنطن، سرعان ما عملت الإمارات على الضغط على الكونجرس والسلطة التنفيذية.

وكان من الممكن للإمارات الاعتماد على حلفاء رئيسيين مثل "إليوت برويدي"، وهو جامع تبرعات جمهوري مقرب من "ترامب" وممول مؤتمر عام 2017 حول علاقات قطر بجماعة "الإخوان المسلمون"، حيث أعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب آنذاك "إد رويس" عن مشروع قانون لتصنيف قطر دولة راعية للإرهاب.

وحاولت قطر تغيير الحديث في واشنطن من خلال الانخراط مع مراكز الفكر ووسائل الإعلام لإعادة صياغة النقاش حول ما هو جيد للمنطقة، من خلال العديد من الفعاليات العامة والمؤتمرات مع المسؤولين.

وتمكنت الدوحة أيضا من الاعتماد على تعاونها الوثيق مع البنتاجون، وقال "إيبيش" إن قطر تستضيف قاعدة "العديد" الجوية، التي تعتبر بنية تحتية رئيسية في المنطقة للقوات الجوية الأمريكية.

وقال "إيبيش" عن قطر والإمارات: "كلاهما أنفقا الكثير من المال، لكنهما يلعبان ألعابا مختلفة نوعا ما".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي