
لندن- كشف تقرير اطلعت عليه صحيفة غارديان أن بريطانيا سبق ورفضت خطط منع الفظاعات التي تقع في السودان على الرغم من تحذيرات الاستخبارات من أن مدينة الفاشر ستسقط، وسط موجة من التطهير العرقي واحتمال حدوث إبادة جماعية.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن مسؤولي الحكومة رفضوا تلك الخطط بعد 6 أشهر من حصار الفاشر الذي استمر 18 شهرا، وفضلوا الخيار "الأقل طموحا" من بين 4 خيارات مطروحة.
وذكرت أن وثيقة داخلية للحكومة البريطانية، أُعدت العام الماضي، تحدثت عن 4 خيارات لتعزيز "حماية المدنيين، بما في ذلك منع ارتكاب الفظائع في السودان.
الأقل طموحا
وشملت الخيارات، التي قيّمها مسؤولون من وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية في خريف العام الماضي، إدخال "آلية دولية" لحماية المدنيين من الجرائم ضد الإنسانية والعنف الجنسي.
ومع ذلك، وبسبب خفض المساعدات، اختار مسؤولو الوزارة الخطة "الأقل طموحا" لحماية المدنيين السودانيين، بحسب ما كشفه التقرير الذي اطلعت عليه غارديان، والمؤرَّخ في أكتوبر/تشرين الأول 2025.
ونقلت الصحيفة عن شينا لويس -المتخصصة في شؤون السودان في منظمة حقوق الإنسان الأميركية "باييما" (Paema)- قولها: "الفظائع ليست كوارث طبيعية، إنها خيار سياسي يمكن منعه إذا كانت هناك إرادة سياسية".
وأوضحت شينا لويس أن قرار وزارة الخارجية والتنمية الدولية باتباع الخيار الأقل طموحا لمنع الفظائع "يظهر بوضوح عدم إعطاء هذه الحكومة الأولوية لمنع الفظائع على الصعيد العالمي"، وعلقت على ذلك قائلة: "الآن أصبحت الحكومة البريطانية متواطئة في الإبادة الجماعية المستمرة لشعب دارفور".
فظائع
وتبين غارديان أن نهج الحكومة البريطانية تجاه السودان يعتبر مهما لأسباب عديدة، بما في ذلك دورها كـ"حاملة للقلم" في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مما يعني أنها تقود أنشطة المجلس بشأن الصراع الذي تسبب في أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وتم الاستشهاد بتفاصيل ورقة الخيارات في مراجعة للمساعدات البريطانية للسودان بين 2019 ومنتصف 2025 أجرتها ليز ديتشبورن، رئيسة الهيئة التي تراقب إنفاق المساعدات البريطانية.
وقال التقرير إن قيود التمويل أثرت سلبا على قدرة المملكة المتحدة على توفير حماية أفضل للنساء والفتيات. وقد أكد خبراء أمميون أنهم مفزوعون إزاء تقارير واردة عن فظائع جماعية وعمليات قتل وعنف جنسي في الفاشر بالسودان.
واتهم خبراء أمميون قوات الدعم السريع بارتكاب فظائع جماعية والتسبب في أزمة إنسانية كارثية بعد سيطرتها أخيرا على المدينة، وأكدوا أن ملايين الأشخاص لا يزالون محرومين من الحماية أو المساعدة الكافية، وأن السودان يشهد واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم.
وعبّر الخبراء عن قلقهم إزاء استهداف العاملين في مجال المساعدات الإنسانية مما يجعل الوصول إلى الرعاية المنقذة للحياة أكثر صعوبة.
جلسة طارئة
وأظهرت مذكرة دبلوماسية للأمم المتحدة -الخميس- أن مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية سيعقد جلسة طارئة بشأن الوضع في الفاشر بالسودان، في أعقاب مخاوف جدية بشأن عمليات قتل جماعي وقعت خلال سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة.
وأظهرت الوثيقة أن أكثر من 50 دولة أيدت الاقتراح الذي قادته بريطانيا وأيرلندا وألمانيا وهولندا والنرويج، بما في ذلك ثلث الأعضاء الحاليين الذين لهم حق التصويت. وأضافت أن الجلسة ستنعقد في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
ومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر قوات الدعم السريع حاليا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور، ولا تزال في قبضة الجيش الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية بالجنوب والشمال والشرق والوسط، وبينها العاصمة الخرطوم.