نيويورك تايمز: تطبيع البحرين ينذر بتحرك سعودي مماثل

مارك لاندلر | نيويورك تايمز
2020-09-14

 

أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الجمعة، أن البحرين ستقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع (إسرائيل).

وجاءت تلك الخطوة، بعد شهر من إعلان تطبيع العلاقات بين الإمارات و(إسرائيل)، ليرتفع بذلك عدد الدول العربية التي تعترف بـ(إسرائيل) إلى 4، حيث سبقتهما في ذلك مصر عام 1979 والأردن عام 1994.

وتعزز الخطوة البحرينية بعد خطوة الإمارات إعادة التنظيم الاستراتيجي للشرق الأوسط، لكن هذا التقارب العربي الإسرائيلي الأخير لم يأتِ من فراغ ولا نتيجة شهور من الدبلوماسية المكوكية من قبل إدارة "ترامب".

وكانت (إسرائيل) والقادة العرب في الخليج العربي يوطدون العلاقات بهدوء منذ أعوام، بدافع من المخاوف المشتركة بشأن إيران والفراغ الناتج عن تراجع الوجود الأمريكي في المنطقة.

وقال "مارتن إنديك"، الذي شغل منصب السفير الأمريكي في (إسرائيل) في عهد "بيل كلينتون"، ومبعوث السلام في الشرق الأوسط في عهد "باراك أوباما": "الخطوات الأخيرة استراتيجية أكثر من كونها متعلقة بالسلام".

واستغل البيت الأبيض في عهد "ترامب" هذه العوامل لتحقيق إنجاز بعد فشله في جبهة أخرى مهمة، وهي التوسط في اتفاق سلام بين (إسرائيل) والفلسطينيين.

وكان استثمار "ترامب" للعلاقات مع السعودية وجيرانها في الخليج مكونا مهما، وكذلك رغبته في بيع أسلحة متطورة لهذه البلدان.

لكن الصدفة هي التي مهدت الطريق لمراسم البيت الأبيض، الثلاثاء القادم، حين يضفي الإسرائيليون والإماراتيون الطابع الرسمي على علاقتهما، كما سترسل البحرين مسؤولين إلى الحفل.

اقرأ أيضا:

معضلة شرق المتوسط.. لماذا تتمسك تركيا بموقفها رغم شبح الحرب؟

ما هي مزايا توثيق العلاقات؟

بدأت (إسرائيل) ودول الخليج في إقامة روابط مؤقتة بعد اتفاقات "أوسلو" للسلام بين (إسرائيل) ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.

وتم فتح بعثات تجارية لـ(إسرائيل) في عواصم خليجية عديدة، بالرغم من إغلاق بعضها بعد تصاعد العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الانتفاضة الثانية التي اندلعت عام 2000.

ونمت الروابط بشكل أقوى في العقد الماضي، حيث نظر الإسرائيليون ودول خليجية إلى قضية إيران باعتبارها تهديدا خطيرا مشتركا.

وفي عام 2015، سمحت الإمارات لـ(إسرائيل) بتأسيس وجود دبلوماسي من خلال الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أبوظبي.

وعملت قطر مع (إسرائيل) للتوسط في وقف إطلاق النار في غزة التي تسيطر عليها "حماس"، واستضافت سلطنة عمان رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" عام 2018.

وبالنسبة لدول الخليج، تعتبر (إسرائيل) وسيلة تحوط ضد تراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة، فضلا عن كونها شريكا تجاريا ثريا مع اقتصاد عالي التقنية.

وبالنسبة لـ(إسرائيل)، فإن العلاقات مع الخليج تخفف من عزلتها وهي طريقة لمواجهة الضغط من الفلسطينيين للتفاوض على دولة جديدة، لأن دعم الأشقاء العرب كان الركيزة الأساسية لتلك الحملة ذات النفس الطويل.

اقرأ أيضاً :

هل سنشهد إعادة تقييم للعلاقات بين أمريكا ومصر؟

 

لماذا الآن؟

وجاءت فرصة التقدم بسبب القلق العربي من جهود "ترامب" للتوسط في اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني، وكانت خطة "ترامب" منحازة بشدة نحو (إسرائيل)، ما أعطى "نتنياهو" الضوء الأخضر للتفكير في ضم الأراضي في الضفة الغربية المحتلة.

وبالنسبة لبعض الدول الخليجية، سيكون الضم ضربة قاتلة لعلاقات أوثق مع (إسرائيل)، وبموجب مبادرة السلام العربية التي تقودها السعودية، لن تحصل (إسرائيل) على اعتراف كامل من العالم العربي إلا من خلال حل نزاعها مع الفلسطينيين والاستجابة لتطلعاتهم في إقامة دولة.

وذكر الدبلوماسي الإماراتي "يوسف العتيبة"، الذي يتمتع بعلاقات جيدة في أمريكا و(إسرائيل)، في مقال له في عمود على الصفحة الأولى من الصحيفة العبرية "يديعوت أحرونوت"، في يونيو/حزيران، أنه يمكن لـ(إسرائيل) أن تحصل على الضم أو التطبيع، ولكن ليس كلاهما معا.

 

كما تواصل الدبلوماسي الإماراتي مع صهر "ترامب" وكبير مستشاريه "جاريد كوشنر" بنفس الرسالة، وقدم الإماراتيون عرضا سرعان ما قبله "كوشنر"، المتعطش للنجاح بعد 3 أعوام من دبلوماسية الشرق الأوسط غير المثمرة.

 

وضغط "كوشنر" على "نتنياهو" لتأجيل الضم مقابل التطبيع، الذي يمكن أن يدعي "ترامب" أنه انتصار دبلوماسي له في عام الانتخابات.

 

وكان لدى الإماراتيين أسباب أخرى لاتخاذ هذا الإجراء الآن، فقد يساعد الاتفاق في إتمام عملية شرائهم للأسلحة الأمريكية المتطورة، مثل الطائرات المقاتلة من طراز "إف-35" وطائرات "الريبر" بدون طيار وغيرها، ويقول محللون إن تحرك البحرين يمكن أن يساعدها في تأمين أنظمة دفاع جوي متطورة من الولايات المتحدة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي