قصص مغربية تجريبية عن مستودع يؤجر الأرواح

2020-09-12

 لوحة: فائق حسن

عمان - يضم كتاب القاص المغربي أنيس الرافعي الجديد “مستودع الأرواح البديلة: أربعة أعمال تجريبية”، مجموعاته القصصيّة “الشركة المغربيّة لنقل الأموات”، “أريج البستان في تصاريف العميان”، “اعتقال الغابة في زجاجة” و”خيّاط الهيئات”.

في مقطع من قصة “سبع أرواح”، دُوّن على ظهر الغلاف الثاني للكتاب، يقول السارد “يحدث في حياة كهاته أن يعلن عن افتتاح مستودع للأرواح، وبما أنّ روحكﹶ أمعنت دوما في وخزك والإثقال عليك مثل ‘مسمار الكيف‘ في باطن القدم، وأضحى لزاما أن تبتعد عنها قليلا كي تصير أكثر عافية وخفّة، فإنّكﹶ ستبادرُ إلى إيداعها هناك لمدّة شهر مقابل وصل. بيد أنكﹶ لما عدت لاستردادها ستكتشف أنّ المستودع أصبح يوفّر خدمة استئجار الأرواح البديلة”.

"مستودع الأرواح البديلة: أربعة أعمال تجريبية" آخر الإصدارات

تشكّل قصص أنيس الرافعي مشروعا جماليا وتجريبيا شخصيا، يحمل بصمة صاحبه الاختلافية، حيث تطلع، منذ بداياته في تسعينات القرن الماضي، إلى خلق حوارية للفن القصصي، مع تعبيرات أخرى موازية، من قبيل الصوت والموسيقى، والسينما، والفوتوغراف، والتشكيل، وعلم الكونيّات، وطقوس العبور وفنون السحر…، وذلك في إطار البحث عن أراض بكر للسرد الحكائي، ونظرية نسبية لا تقيم في الصدى والموروث، يسميها “فن التجهيز القصصي في الفراغ”.

يرى بعض النقاد أن الرافعي واحد من أهم نُسّاك القصة القصيرة في المغرب وفي العالم العربي يكتب القصة القصيرة ولا يبغي عنها بديلا، في زمن صار ينحو فيه الجميع إلى كتابة الرواية لما تلاقيه، ربما، من احتفاءات ومتابعات وجوائز.

يصفونه بالكاتب المجرب والكاتب التجريبي، لكنه ينفي عن نفسه هذه التهمة الخطيرة كل مرة، ماسحا الأدلة بأدلة جديدة لم يكتشفها المحققون بعد.

يقول إن الكاتب التجريبي هو الكاتب الذي لا يقول أبدا عن نفسه إنه كاتب تجريبي. هكذا يظل مجرّبا بالنفي، منفلتا من شراك الأسئلة والأجوبة، تاركا كل مرة تجريبه خلفه، باحثا عن تجريب جديد لن نستطيع الحديث عنه قبل تحققه، وبعد تحققه يكون قد فات الأوان للحديث عنه بوصفه تجريبا.

 

قصص الكاتب المغربي أنيس الرافعي تشكل مشروعا جماليا وتجريبيا شخصيا، يحمل بصمة صاحبه الباحث عن أراض بكر للسرد الحكائي.

إنه كاتب كشّافة في زمن انتهت فيه الأراضي غير المكتشفة، لا يتعب من البحث المستمر والمغامرة الجريئة في تضاريس مجهولة للسرد، بعيدا عن أرض الحكاية المعهودة؛ مخاطرا باللغة بقلب لا يأتيه الوجل، محوّلا الكلمات والحروف والشخوص إلى نظائر وأشباح، وحافات الأوراق والقصص إلى حافات جليدية قارصة وأجراف قصيّة ذات مورفولوجية مهجورة لا يصل إليها القارئ العادي إلا لماما.

يُذكر أن كتاب “مستودع الأرواح البديلة: أربعة أعمال تجريبية” صدر حديثا عن دار خطوط وظلال في عمّان، أما أنيس الرافعي، المولود في الدار البيضاء عام 1976، فهو خريج كلية الآداب والعلوم الإنسانية، تخصص في اللسانيات والنقد الأدبي الحديث، وله مجموعات قصصية أخرى، إضافة إلى المجموعات التي يضمها هذا الكتاب، منها: “فضائح فوق كل الشبهات”، “أشياء تمر دون أن تحدث”، “السيد ريباخا”، “البرشمان”، “علبة البندورة” و”ثقل الفراشة فوق سطح الجرس”.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي