تعشقها النساء ويهتم بها الرجال..

كيف تطورت صناعة المجوهرات من أسنان الأسماك وصولا إلى الماس؟

2020-07-01

منذ فجر التاريخ شعر الرجال والنساء بالحاجة للتزين بالمجوهرات والأحجار الكريمة يعتبر تاريخ المجوهرات مثيرا للاهتمام لأنه يجعلنا نفهم كيف كان الإنسان عبر العصور عاشقا لكل ما هو جميل، وحريصا على الاعتناء بالأشياء الثمينة التي تعطي مظهره رونقا خاصا.

فمنذ فجر التاريخ، شعر الرجال والنساء على حد سواء بالحاجة للتزين بالمجوهرات والأحجار الكريمة، وتطورت تقنيات الزخرفة عبر العصور حتى أصبحت الحلي الثمينة متاحة لعامة الناس بعد أن كانت حكرا على الملوك والعظماء.

من الأصداف والأسنان
في تقرير نشره موقع "لوزبوفو" الإيطالي، قالت الكاتبة إيليونورا كورسو إن الدليل الأول على ميلاد هذا الفن يعود إلى العصر الحجري القديم العلوي (40000-10000 قبل الميلاد).

وفي هذه الحقبة، بدأ الناس يصنعون قلائد وأساور مستخدمين الأصداف، وأسنان الأسماك والقطط الكبيرة، وقرون الماموث وأنيابه، وقد تم تشكيلها ونقشها بأحجار الصوان والسج. ومع اكتشاف الذهب، بدأت مرحلة أخرى في تاريخ صناعة المجوهرات.

رمز الانتماء لطبقة النبلاء
وأثبتت الحفريات أن استخدام الأحجار الكريمة والذهب والفضة للزينة في الحضارات الشرقية بدأ في النصف الأول من الألفية الثالثة قبل الميلاد. وكانت المجوهرات في حضارتي وادي النيل والسومرية ترمز للانتماء إلى طبقة النبلاء.

وعُرف الفراعنة بارتداء الكثير من المجوهرات المصنوعة من الذهب والأحجار الكريمة لا سيما حجر اللازورد، مع زخارف زرقاء وخضراء. وتشهد الزخرفة الموجودة في مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك على المستوى العالي الذي بلغه المصريون في استخدام الذهب لصناعة المجوهرات.

الإغريق والرومان
وأبرز الاكتشافات التي أسهمت برصد تاريخ صناعة المجوهرات في الحضارة الإغريقية هي تلك الأقنعة الجنائزية الذهبية التي عثر عليها عالم الآثار الألماني هانريش شليمان بين عامي 1873 و1890 في موقع طروادة الأثري.

وبيّنت الكاتبة أن صناعة المجوهرات في اليونان القديم شهدت عدة تغييرات عبر الزمن، إذ تميزت الحلي في العصر الكلاسيكي بالبساطة والخطوط المجردة، أما في العصر الهلنستي فإن المجوهرات كانت ثرية بالألوان وعكست الكثير من الترف والرفاهية.

وأوضحت الكاتبة أن الحضارة الإتروسكانية شهدت هي الأخرى ازدهارا في صناعة المجوهرات، وأضافت تقنيات جديدة انتقلت فيما بعد إلى الحضارة الرومانية التي حظي فيها الصاغة بمكانة كبيرة.

كان الرومان أول من استخدم الخاتم كرمز للخطوبة، وخلال العصر الإمبراطوري انتشر استخدام الذهب على نطاق واسع. وبداية من القرن الثالث الميلادي، صُنعت المجوهرات في الإمبراطورية الرومانية من الأحجار الكريمة، ومنها الكهرمان والياقوت والجمشت.

وأضاف الجرمان (وهم مجموعة قبلية من أصلٍ أوروبي شمالي، تُعرف باستخدامها للغات الجرمانية) الكثير إلى هذا الفن وصنعوا أحلى المجوهرات خلال ما يُعرف بعصر الهجرات، حيث انتشرت التيجان والأحزمة متعددة الألوان. واستخدمت تقنيات مبتكرة في صناعة أشهر مجوهرات تلك الفترة، ومنها التاج الحديدي للملكة ثيودوليندا الموجود حاليا في كاتدرائية مونزا ويعود إلى القرن السابع، وصليب ديسيديريو في بريشيا.

أما في أقصى شمال أوروبا، وتحديدا الدول الاسكندنافية، فقد ظهرت صناعة المشابك والأساور الثمينة المزخرفة بأشكال هندسية مختلفة.


العصور الوسطى
وشهدت العصور الوسطى ظهور تقنيات جديدة للدباغة واستخدام مادة المينا، وانتشرت فكرة تأثير الأحجار الكريمة والمجوهرات الثمينة على حياة الناس. ففي تلك الفترة، ساد الاعتقاد أن من يرتدي مجوهرات مصنوعة من الماس المعروف بصلابته يصبح شخصا لا يقهر.

ومما تذكره المصادر التاريخية عن تلك الفترة، أن ملك فرنسا لويس التاسع (1214-1270) منع النساء من ارتداء الماس للاعتقاد السائد أن المرأة الوحيدة التي تستحق هذا الحجر الثمين هي السيدة مريم عليها السلام. لكن في وقت لاحق، أُلغي الحظر في عهد الملك تشارلز السابع الذي أهدى لزوجته الكثير من الماس.

نبلاء عصر النهضة
شعر النبلاء في عصر النهضة بالحاجة لارتداء مجوهرات تناسب ملابسهم، وذاع في تلك الفترة صيت الصائغ فاليريو بيلي (1468-1546) لقدرته على نحت الكريستال والكاميو بمهارة نادرة وصنع أشكالا من الحلي وعليها صور زبائنه.

كما أدى اكتشاف الأميركتين إلى وفرة في الذهب والفضة والأحجار الكريمة، وقد استخدمت تلك المواد في صناعة مجوهرات ثمينة لملوك أوروبا ونبلائها.

وفي القرنين 17 و18، أصبحت فرنسا مركزا عالميا للمجوهرات والحلي، ففي عام 1767 كان هناك 314 تاجر مجوهرات في باريس وحدها.


المجوهرات للجميع
انتشرت بعد عام 1900 تقنيات فنية جديدة مثل الزخارف النباتية والحيوانية والأشكال الهندسية المتنوعة، كما ظهرت المجوهرات البيضاء والبلاتينية.

وأبرز ما شهده القرن الماضي أن المجوهرات الثمينة أصبحت متاحة للطبقة البرجوازية ولم تعد حكرا على النبلاء والملوك، ويعود ذلك أساسا إلى ابتكار تقنية التذهيب، وهو فن تزيين وزخرفة المعادن المختلفة بمسحوق الذهب، وهو ما جعل هذا النوع من المجوهرات أقل تكلفة مع مظهر ذهبي خلاب.

وأشهر المدن في صناعة المجوهرات في العصر الحالي هي باريس ونيويورك وطوكيو وروما وميلانو، كما أن إيطاليا لها مكانة خاصة إذ تنتشر مجوهراتها في مختلف أنحاء العالم، بحسب الكاتبة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي