اليمنيون يواجهون جائحة كورونا بالأعشاب

2020-06-23

صيدلية الفقراء

تعز (الجمهورية اليمنية ) - في ظل النقص الحاد في الأدوية وقلّة المستشفيات بفعل الحرب، لجأ العديد من اليمنيين إلى الأعشاب والبهارات ظنّا منهم أنّها قادرة على حمايتهم من فايروس كورونا المستجد في بلد فقير يعاني من انهيار قطاعه الصحي، فيما يحذر أطباء من الانجرار وراء هذه التقاليد، خوفا من أن تنعكس سلبا على صحة الناس.

وبدأ الوباء بالتفشي في اليمن في مطلع مايو، متسبّبا بوفاة 255 شخصا، إلا أن أعداد الضحايا قد تكون أعلى بكثير نظرا إلى عجز المؤسسات الصحية عن تحديد أسباب الوفاة في الكثير من الحالات.

وفي تعز في جنوب غرب اليمن، يكدّس باعة أمام متاجرهم في سوق شعبي أكياس الأعشاب والبهارات بألوانها المتنوعة، من الزنجبيل إلى الكركم مرورا بالثوم وحبة البركة والقسط الهندي، وهي تباع بأسعار مقبولة في مقابل أسعار الأدوية المرتفعة رغم قلّتها.

وقال بشار العصار، تاجر الأعشاب والتوابل في تعز ”تزخر المدن اليمنية بشتى أصناف الأعشاب التي لها استخدامات طبية وغذائية (منكهة) للطعام بالدرجة الأولى، ويمتلك اليمن نظرا لتعدد مناخه ثروة هائلة من الأعشاب الطبية والعطرية والتي تنتشر في مساحات شاسعة ومتفرقة وفي بيئة مناخية مختلفة في السواحل والوديان والهضاب والمرتفعات الجبلية والصحاري وفي الحقول الزراعية وغيرها، وهذا ما أدى إلى ازدهار طب الأعشاب في اليمن، حيث يوجد في اليابسة فقط أكثر من ثلاثة آلاف نوع من النباتات، فيما يبلغ عدد النباتات المتوطنة التي لا يوجد مثيل لها في أي مكان في العالم، أكثر من خمسمئة نوع نباتي منها 236 نوعا في جزيرة سقطرى فقط”.

وصفات وخلطات أعشاب

ولاحظ العصار في سوق الشنيني زيادة كبيرة في إقبال اليمنيين على شراء وصفات وخلطات مختلفة من الأعشاب في الأسابيع الأخيرة.

وقال “بسبب فايروس كورونا، يأتي الكثير من الناس لشراء الأعشاب الطبية كونها وصفات ناجحة لمكافحة الفايروس”.

وبحسب التاجر، فإن هناك وصفات “مضمونة ومجربة وفعالة” لمكافحة الفايروس، موضحا أنّ “الأنواع التي نبيعها تعتبر علاجات لتقوية المناعة”.

وفي البلاد التي تواجه الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، فإن فايروس كورونا المستجد بات يشكّل عبئا إضافيا على العاملين في القطاع الصحي المعتمد على المساعدات الخارجية، ويزيد من معاناة الملايين من اليمنيين الذين يواجهون خطر المجاعة، وآخرين نازحين يعيشون في مخيمات عشوائية تفتقر للنظافة والمياه.

وتقول الطبيبة إشراق السباعي المتحدّثة باسم اللجنة الوطنية العليا لمواجهة كورونا التابعة للحكومة اليمنية، إنّه لا يوجد في تعز سوى “ثلاثة مراكز عزل و40 سريرا وستة أجهزة تنفس اصطناعي وهناك نقص في الكادر الطبي وفي الأدوية”.

وتابعت “هذا يشكل مشكلة كبيرة”. كما حذّرت من أنّ إحدى “المشاكل التي تواجه تعز اللجوء إلى علاج الأعشاب غير المدروسة مما يؤثر عليهم وعلى وضعهم الصحي سلبيا”.

ورغم عدم وجود دراسات تثبت فعالية أي أعشاب أو غيرها في الوقاية من وباء كورونا، يزداد الإقبال عليها في ظل العجز الذي يعانيه القطاع الصحي.

وقال العصار إنه في السابق “كان الطلب عليها لا يتجاوز 5 في المئة، أما اليوم فالطلب عليها 100 في المئة. كل الزبائن عندما يشترون بهارات يشترون معها هذه الأعشاب. لقد أصبحت ضرورة”.

من بين هؤلاء منير أحمد غالب الذي جاء إلى المتجر لشراء بعض الأعشاب. يقول إن “أسعار الأدوية ارتفعت بشكل جنوني، مما يضطر المواطن للجوء إلى الأسواق الشعبية لأخذ حاجياته من الأعشاب الطبية مثل الثوم وأعشاب مضادة لفايروس كورونا” الذي تسبّب بوفاة أكثر من 461 ألف شخص حول العالم منذ بداية ظهوره في ديسمبر الماضي. وكانت منظّمات إغاثة حذّرت في السابق من أن وصول فايروس كورونا المستجد إلى اليمن ينذر بكارثة بسبب القطاع الصحي المنهار، داعية إلى دعمه.

الأعشاب سلاح ذو حدين

وجمعت الأمم المتحدة هذا الشهر 1.35 مليار دولار من المساعدات الإنسانية لليمن في مؤتمر للمانحين استضافته السعودية، إلا أن هذا الرقم يوازي نحو نصف التمويل المطلوب والبالغ 2.41 مليار.

ورأى مكتب منسّق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن في بيان أنه طالما “لم يف الداعمون بوعودهم، ومن دون تمويل إضافي، فإن البرامج الرئيسية ومن بينها الرعاية الصحية تواجه خطر التقليص أو الإغلاق”.

ووصلت الجمعة إلى عدن شحنة طبية تحمل 43 طنا من مستلزمات المختبرات وأجهزة التنفس الاصطناعي ومعدات الفحص ومعدّات الحماية الشخصية بتبرع من مؤسسة خاصة لمنظمة الصحة العالمية.

وقالت منظمة الصحة في تغريدة “بينما يواصل العالم محاربة هذا الوباء العالمي، يجب ألا ينسى بلدا مثل اليمن الذي يحتاج دعمه بشدة”.
وبحسب أطباء وسكّان، تعاني مستشفيات اليمن، وخصوصا في عدن، من ضغط كبير واكتظاظ في أعداد المرضى في غرفها بسبب فايروس كورونا المستجد، بينما يلف الغموض الوضع في صنعاء.

وبحسب دراسة أجرتها كلية لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة، فإنّه قد يكون هناك بين 180 ألفا إلى 3 ملايين إصابة في اليمن بعد أشهر قليلة من تفشي الفايروس، متوقّعة وفاة بين 62 و85 ألفا من بين 11 مليون إصابة.

ويؤكد الطبيب في قسم الطوارئ في إحدى مستشفيات عدن، جلال ناصر “لا توجد لدينا أي تجهيزات ولا أجهزة، ولا توجد علاجات كافية لمواجهة انتشار الوباء وهناك نقص شديد في الطواقم الطبية”. وحذّر بالقول “لا يوجد طاقم مدرب للتعامل مع الجائحة”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي