الروائي اليمني علي المقري :هناك كثيرون يستسهلون الكتابة الروائية ولايشتغلون عليها كما ينبغي

2020-06-23

- ستبقى اليمن تسكنني الى الأبد ولولا حماقة الساسة لما وصلت بلادنا الى هذه الكارثة
- غادرت كتابة الشعر منذ أكثر من خمسة عشر عاماً وأعود إليه للإقتباس فقط
- أحاول أن اسأل نفسي مع كل عمل أكتبه: ماذا سأقدم من جديد؟

القاهرة - حاوره/ محمد عبده الشجاع.

كاتب وسياسي مخضرم، اشتغل في الصحافة وهو شاب يافع، كتب الشعر وعرف عنه بأنه كثير القراءة والإطلاع، طرق أبوابا مغلقة في قصائده وبعض كتبه الفكرية والثقافية ما أثار حفيظة المتشددين من رجال الدين.
تعرض للتشهير والتكفير مثل عديد من الكتاب والمفكرين الذين خرجوا عن دائرة المحظورات.
ألهم العديد من المبدعين الشباب من خلال كتاباته وبرز في عالم الرواية فجأة حتى صار صاحب تجربة إستثنائية في عالم الأدب.
علي المقري شخصية لطيفة أجريت معه عشرات الحوارات واللقاءات التلفزيونية والصحفية حول تجربته الأدبية، انتقل للعيش في فرنسا منذ أكثر من ثلاثة أعوام ضمن الكثير من المبدعين الذين هاجروا بسبب التضييق على حرية الرأي، وتراجع سبل العيش بسبب الصراعات والحروب.
الحوار تطرق إلى تجربة المقري وأوضاع البلد السياسية.

*أستاذ علي نبدأ من "بلاد القائد" الرواية التي لم تصل بين يدي القارئ بعد، أين تقع هذه البلاد في أي جغرافيا؟ وفي أي زمان؟

بالتأكيد، الديكتاتور في هذه الرواية هو ديكتاتور عربي، له خصوصيته في التسلط ومحنته في الحُكم.
يمكن للكثيرين من القراء أن يتعرفوا عليه، بمعنى أن كل شخص يمكن أن يجد ديكتاتوره الخاص فيه أو الذي يتصوره فيه وعنه.

*هل مكان اقامتك اليوم في فرنسا غير من ارتباطك بدار الساقي أم أنه لا زال هناك تعاون؟
أعتبر نفسي من أسرة دار الساقي وفيها ومعها قدّمت رواياتي.

*كيف سيصل هذا العمل "بلاد القائد" بين يدي القارئ العربي؟ هل هناك آلية معينة لديك ولدى الناشر؟ وهل سيتم اشراكه في مسابقة ما كجزء من الترويج؟
سيصل، كما المعتاد، إلى المكتبات العربية ومعارض الكتب.
أما إشراك الرواية في مسابقات فلم أفكر بالأمر حتى الآن.

*هناك سؤال مهم حول مسار الروائي علي المقري، وهو محاولة التميز عن بقية الكتاب اليمنيين حيث ظهرت الأربعة الأعمال مختلفة من ناحية المواضيع وأسلوب الكتابة وحتى تكثيف السرد؟ هل لهذا علاقة بقراءتك العميقة للتراث وكتب التاريخ؟
أظن أن هذا من حُسن قراءتك وتفحصك. أنا أحاول أن اقرأ المجز العالمي في الرواية. نعم اقرأ التراث والتاريخ، ولكنني اقرأ أيضاً التحولات الهائلة في فن الرواية وتاريخها. وأحاول أن اسأل نفسي مع كل عمل جديد أكتبه: ماذا سأقدم من جديد؟
وما المحنة أو الإشكالية الإنسانة التي ما زالت بحاجة إلى أسئلة وفحص.

*بالنسبة للجهد، هل هناك روائي مجتهد وآخر غير مجتهد مثلاً كيف يمكن تقييم ذلك؟
بالتأكيد، هناك كثيرون يستسهلون الكتابة الروائية ولا يحاولون أن يسائلوا تجربتهم، لكن مع هذا الفضاء الروائي متاح للجميع، ويقبل التنوع بمختلف الوجهات السردية.

*كنت شاركت في مؤتمر للرواية العربية في القاهرة منتصف العام الجاري تقييمك لمثل هكذا مؤتمرات؟
الملتقيات الروائية والأدبية العربية تختلف عن تلك التي أشارك فيها في أوروبا والغرب.
تصور أن يتم دعوتك إلى لقاء أدبي عربي، يدفعون لك خلاله قيمة التذكرة والسكن لمدة أربعة أيام في فندق درجة متميزة، بهدف أن تشارك في ورقة (مكتوبة) لمدة عشر دقائق. هذا لا يحصل أبداً في أوروبا.
هناك لقاءات مع القراء وأسئلة ونقاشات تمتد من ساعة إلى ساعتين، وليس عبارة عن تلقين وكلام!.
كما أن عدد الحضور في المهرجانات العربية قد يتجاوز الخمسين مشاركاً، وهم أنفسهم الذين يحضرون في كل دورة، فيما يشارك في مهرجانات أدبية عالمية عشرة أدباء فقط، أو أكثر قليلا، ويتم تنظيم أكثر من فعالية لكل واحد.

*تقييمك للجوائز العربية عموما والبوكر خصوصا؟ وهل هي نوافذ محفزة للتنافس؟
الجوائز الأدبية حفزت الكثيرين للكتابة والنشر، وهي تشجع في النواحي المالية كثيراً، مع وجود الكثير من الملاحظات التي تقال حولها.

*كتبت بأنه وصلتك مجموعة من الأعمال والكتب المتنوعة لكتاب يمنيين ما الذي لفت نظرك منها؟
المهم في هذه الأعمال للكتاب والكاتبات اليمنيات أنها ما زالت تواصل الكتابة بالرغم من كل أجواء الحرب المرعبة والتي دمرت الكثيرين نفسيا وماديا.

*أراك تعبر بالشعر أحيانًا إما اقتباسات أو نصوص لك فهل لا زال الشعر يسكن علي المقري وهو الأداة الأقوى للتعبير؟
لقد غادرت كتابة الشعر منذ أكثر من خمسة عشر عاماً وأعود إليه، فقط، لأقتبس كما قلت. الرواية تحتاج إلى هواجس يومية للاشتغال فيها فقط.

*المشكلة اليمنية اليوم هل هي إجتماعية، أم سياسية، إقتصادية، فكرية، مشكلة أشخاص، جغرافيا؟ ما هي؟
المشكلة اليمنية هي نتاج حكم متسلط لعقود من الزمن ساهم فيه كثيرون وما زلنا نعيش إشكالية هذا التسلط، فما عرفناه من السلطات السابقة هو احتكار السلطة والثروة والرأي، والآن نعيش مرحلة عاصفة من التحول بعد سقوط هذه السلطات القمعية، وهو مخاض عسير ومرعب يستفيد منه البعض لتحقيق ما يريد.

*وضعت بعض المبادرات لإنهاء الحرب والانقسام في اليمن وكان هناك تجاوب، لكنه غير فاعل، كيف يمكن ترجمة أي مبادرة ضمن نخبة سياسية وثقافية تعيش في أوروبا؟
ليس بالضرورة أن تتحقق أي مبادرة إنقاذ من أجل اليمن بتفاصيلها، ولكن يمكن التعامل معها كفكرة، أو كمنطلق يهدف إلى تجاوز المرحلة الصعبة التي تعيشها اليمن إذ لن يتحقق ذلك إلا عبر استسلام الجميع واعترافهم بهزيمتهم، هزيمتهم جميعاً.

*هل لك علاقات ديبلوماسية في مقر اقامتك في أوروبا؟ هل هناك تواصل لإبرام أي مشروع سياسي جامع؟
أنا كاتب، وليس لدي أي نشاط سياسي. أقول آراء فقط.

*هل ستعود يوما إلى صنعاء للعيش فيها ولتؤكد أنها ستظل مدينة مفتوحة؟
ستبقى اليمن، كلها، تسكنني إلى الأبد.

*نعود من جديد لأعمالك، هل هناك شيء بعد "بلاد القائد"؟ ترجمة مثلا لبعض أعمالك إعادة طباعة؟
وقعت ترجمة رواية "بلاد القائد" إلى الفرنسية، وستصدر رواية "حرمة" قريبا بالإيطالية. وما زلت أكتب.

*أي الروايات هي الحبيبة إلى قلبك وتشعر أنها حركت مشاعر القارئ بكل مستوياته؟
كل رواياتي قريبة إلي.

*تدرجت في أعمالك من ناحية إختيار الأفكار والمواضيع، برأيك هل رواية بخور عدني أخذت صدى كما هو مع رواياتك الثلاث الأولى "رائحة سوداء طعم أسود" و"اليهودي الحالي" و"حرمة"؟
نعم، أظنها كذلك، فقد طبعت مرتين وأحتفى بها كثيرون من القراء.

*كيف يقضي الأستاذ علي وقته وهل لا زال للقراءة مساحة كبيرة كما عهدناك؟
ما زلت اقرأ وأكتب، ولكن مع هواجس يومية مرهقة تتابع ما يحدث في اليمن.

*أين ذهبت مكتبتك التي كانت في صنعاء؟
لا تذكرني يا صديقي بمكتبتي في اليمن، فأنا أشعر بأنني أفتقد أهم مكون لحياتي. لقد نقلتها إلى مكان ما، لكنني أعيش في حال قلق عليها، ففيها كتبي وأوراقي وذكرياتي.

*ما هي علاقة علي المقري بالكتاب الإلكتروني من ناحية القراءة والنشر؟ وكيف ترى مستقبل الكتاب المطبوع في ظل الكتابة الرقمية؟
أنا لا اقرأ الكتاب الكترونياً إلا مضطراً، وأظن أن الكتاب الالكتروني صار منتشراً بكثرة إلا أن هذا لا يغيب العلاقة مع الكتاب الورقي.

*كان لديك مشروع فكري إلى جانب ترميمات شعرية، مثل النبيذ في الإسلام وأعلام اليمن، لماذا توقف هذا النهج هل الرواية أخذت كل جهدك؟
صحيح إن الرواية أخذت كل جهدي، ولكن، أيضاً، كما تعرف ليس في اليمن مؤسسات ثقافية ترعى أو تهتم بمشاريع الكتب التي لا يمكن إنجازها على المستوى الفردي.

شكرا جزيلا أستاذ علي.


علي المقري : سيرة ذاتية أدبية.

روائي يمني، ولد في 30 أغسطس 1966،  يقيم في فرنسا، من أعماله:
(طعم أسود.. رائحة سوداء) رواية، دار الساقي، بيروت 2008.
(اليهودي الحالي) رواية، دار الساقي، بيروت 2009.
(حُرمة) رواية، دار الساقي، بيروت 2012. (بخور عدني)،  رواية، دار الساقي بيروت  2014.
(بلاد القائد) دار المتوسط، ميلانو 2019.

-ترجمت أعماله إلى الفرنسية، والإنجليزية، والإيطالية، والكردية وغيرها.

-تم اختيار روايتيه "طعم أسود رائحة سوداء" و"اليهودي الحالي" ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) في دورتي الجائزة 2009 و2011.

-حازت رواية "حرمة" بترجمتها الفرنسية على جائزة التنويه الخاص من جائزة معهد العالم العربي للرواية، ومؤسسة جان لوك لاغاردير في باريس 2015.
-أختيرت رواية "بخور عدني" في القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد 2015.
-له إصدارات شعرية منذ منتصف الثمانينات، وكتب فكرية وثقافية؛ قبل أن يتوقف عنها ويتجه بشكل كلي لكتابة الأعمال  الروائية.

 

*عن مجلة العربي الأمريكي اليوم

http://www.arabamericantoday.net/







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي