ذكريات شباب على أبواب التسعين: نعيم عطا الله من كتاب إلى كتاب !

2020-06-03

تعيش في المملكة المتحدة، وعلى وجه التحديد في إنكلترا، جاليات عربية كبيرة من مختلف دول الشرق الأدنى والخليج والشمال الافريقي. والمتحدرون من تلك الدول، بمشارقها ومغاربها يتعاطون شتى المهن، بحيث نجد بينهم علماء وأطباء ومهندسين وقضاة ومحامين وصحافيين ومصرفيين وصناعيين وتجار وحرفيين، وهناك عدد منهم يحمل أوسمة استحقاق وتقدير من الملكة اليزابيث الثانية.

وإذا غربلنا تلك الأسماء، وقد صار أصحابها بريطانيين، يطفو على السطح اسم الفلسطيني نعيم عطاالله، الذي برز في قطاعات يمكن تعدادها على نحو يثير الإعجاب وحتى الدهشة، وعلى رأسها، إصدارات دار النشر العالمية «كوارتت» التي يديرها بعقل المتابع لكل ما يحتاجه قارئ الانكليزية.

صدر له حديثاً كتاب مشوق تحت عنوان: «نعيم عطاالله/ ذكريات/ سحر وجنون حياة مليئة بالنشر» يمكن القول عنه، إنه عصارة تجاربه في لندن، مع مشاهير عرفهم وعايشهم في ميادين السياسة والدبلوماسية والثقافة والصحافة والأدب والمسرح.

هذا الكتاب ذو غلاف غير مألوف، غلاف غريب ومثير، تناوله الإعلام البريطاني والعربي بعرض مسهب وإطراء لافت: «شاب في مقتبل العمر، تردد على إنكلترا من فلسطين في أعقاب الحرب العالمية الثانية بسوادها وكآبتها، شغل في بداياته بين الإنكليز وظائف عدة، مثل مُرتجل مناسبات، ومقدم حفلات، ومُعد استعراضات، حيث كانت شلّة من الشابات الجميلات يتمايلن ويتمخطرن على المسارح بثياب وملابس مطاطية آخاذة من تصميمه».

هكذا تفتحت هذه المواهب، التي كانت بدورها من عالم أسطوري سرعان ما انتقل إلى الكتابة عنه والتأليف فيه، وصولا إلى عالم النشر، حيث الروايات والحكايات وقصص الحب والجنس للسينما وللمسرح كما للمدمنين على القراءة.

«إنه واحد من أكثر الشخصيات الملونة في المشهد الثقافي في لندن، وقد نشر سلسلة متنوعة من الأسماء الأدبية البارزة على مرّ السنين، بما في ذلك أنجيلا كارتر، وبريان سيويل، وليني ريفنستال، على سبيل المثال لا الحصر.

في كتابه يكتب بشكل ترفيهي عن معاصريه اللامعين، ويتراوح هؤلاء بين عازف الكمان وقائد الأوركسترات السيمفونية، يهودي مينوهين، والسياسيين توني بن، وإينوك باول، إلى راقصة الباليه الشهيرة مارغو فونتين، ومؤسس «برايفت آي» ريتشارد إنغرامز والكاتب كوينتين كرو، إلى مايكل أسبيل والرئيس السابق لـ»كوندي ناست بريطانيا» نيكولاس كوليردج. يروي بحرارة كيف أنه على الرغم من وجود الحثل العضلي، واستخدام كرسي متحرك، فإن الصحافي كوينتين كرو لم يتوقف أبداً عن التعبير عن سعادته وسط النساء الجميلات، والسفر، والحفلات الليلية. يجادل الأمر نعيم ويقول «إن المعاقين لا يختلفون كثيراً عن أي شخص آخر من بني البشر». تقول جين شيلينغ «يجب أن تروق هذه الذكريات المضحكة للغاية لعشاق كتاباته لأنهم سوف يستمتعون بقراءتها».

ولم تغب عن ذكرياته اللبنانية نضال الأشقر والسورية رنا قباني، فكانت لهما ما هو جدير بالوقوف والتأمل والعبر.

نعيم عطاالله وصل الآن إلى حافة التسعين، وصار من الصعب عليه، لكن لن نقول الاستمرار، وإنما الاحتفال بسحر وحماقات ذروة ذروته، لذا قام بتجميع ذكرياته من خزان الذاكرة، حيث التقى المشاهير من مارغو فونتين إلى بولا ييتس، واستمتع بكل لقاء مع كل ممن التقاهم وصورهم على الورق.

إلى جانب الحياة الاجتماعية التي عاشها بغرائبها، تقول لنا هذه الذكريات إن نعيم عطاالله في «كوارتت» كان من أكبر مؤيدي ومشجعي الأدب الراقي، وعلى الرغم من أن رفاقه على دروب الإبداع كانوا على غير ما كان عليه، إلا أنهم أطروا على ذكرياته وأثنوا على رقتها وجماليتها. ريبيكا فريزر تذكرت «قدرته الرائعة على تحمل أعباء ومسؤولية مواهب الشباب ومستقبلهم في ما هم يبدعون».

سئل نعيم عطاالله عن كتابه، فضحك وقال للسائل «اشتر الكتاب الآن، وكن أول من يستمتع به». وقد صدق!







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي