أسماك الأسد.. جاءت غازية لحوض المتوسط فاستوطنته

2020-05-03

لطالما شكلت الأنواع الغازية في المياه تهديدا للأنواع المستوطنة وللبيئة البحرية على حد سواء، لكن يبدو أن الأمور في قاع البحار أصبحت أكثر تعقيدا، فهناك أنواع من هذه الحيوانات الغازية تبحث عن الاستقرار في بيئتها الجديدة إلى الأبد، كما هو الحال مع أسماك الأسد التي غزت مياه البحر المتوسط منذ بضع سنين ولم تغادره.

من الغزو إلى الاستيطان

فقد أكدت دراسة حديثة نشرت في مجلة "بيولوجيا الأسماك" يوم 6 أبريل/نيسان الماضي أن أسماك الأسد التي شوهدت أول مرة في مياه قبرص عام 2012، ازدهرت كثيرا وأصبحت اليوم منتشرة في كامل شمال البحر المتوسط.

ويبدو أن سرعة تكاثر هذه الأسماك أقلقت العلماء، حيث وجدوا أن أعدادها اليوم -مع ما تستهلكه- ستؤثر سلبا على البيئة البحرية للمنطقة التي تعاني الكثير من المشكلات.

وحسب هؤلاء الباحثين فإنه لم يعد بالإمكان القضاء على سمك الأسد نهائيا، لكن يمكن التقليل من خطورته بإقامة صناعة تعتمد أساسا على استغلال هذا النوع من السمك الذي لا يعتبر تجاريا لأنه ليس من الأسماك التي يستهلكها الإنسان.

وتندرج هذه الدراسة ضمن برنامج "ريليون ميد" (RelionMED) الذي موله الاتحاد الأوروبي بمبلغ قيمته 1.6 مليون يورو، وتم إطلاقه بالتعاون مع جامعات ومراكز بحث أوروبية.

خطورة على البيئة البحرية

يهدف البرنامج -حسبما جاء على موقعه الإلكتروني- إلى دراسة وتتبع تكاثر وانتشار هذا النوع من السمك في حوض المتوسط، والذي يؤكد الباحثون أنه قدم من مياه المحيط الهندي عبر قناة السويس، وهو يعتبر من الأنواع المفترسة التي تشكل خطورة كبيرة على الأنواع المستوطنة، كما يتسبب في تدمير البيئة البحرية.

وقال الباحث الرئيسي الدكتور صافا لوانيس في البيان الصحفي الذي رافق الدراسة، إن "أسماك الأسد معروفة بأنها خطيرة جدا.. لقد استوطنت مياه المتوسط منذ حوالي 8 سنوات، ونخشى أن تتسبب في تخريب البيئة البحرية. وقد لاحظنا ذلك فيما فعلته في مياه غرب المحيط الأطلسي، والآن ها هي في مياه المتوسط".

ففي العام 1994 تم تسجيل أولى أسماك الأسد بمياه فلوريدا، إلا أنه في العام 2014 أصبح عددها لا يحصى، حيث وجد الباحثون أنه يمكن أن نجد حوالي ألف سمكة في الفدان الواحد (4200 متر مربع).

كما لاحظ الباحثون أن حجم هذه الأسماك التي خضعت للدراسة يتراوح ما بين 8 و37 سم، وعمرها ما بين ستة أشهر وأربع سنوات، بمعنى أنها فعلا أصبحت مستوطنة، كما أن عددها من جنس الإناث هو أكبر بكثير من جنس الذكور، وهذه علامة سيئة لأنها تتسبب في انفجار النمو، وهو ما تم ملاحظته حيث إن معدل التكاثر في مياه المتوسط أعلى مما هو حاصل في المحيط الهندي.

دراسات وإجراءات للحماية

من جهته، قال الباحث في علوم البيولوجيا البحرية بجامعة بلايموث جيسون هال سبنسر في البيان الصحفي إن هذه الدراسة تسلط الضوء على أخطر نوع من الأسماك الغازية، كما تعتبر فرصة لدعوة المعنيين بالأمر إلى إدخال إجراءات وقائية على قناة السويس للحد من دخول الأنواع الغازية.

ويبدو أن انتشار هذا النوع من الأسماك ما زال محصورا بمناطق شمال البحر الأبيض المتوسط، وهو ما أكده الأستاذ في علوم البحار بجامعة عنابة شرقي الجزائر فريد دربال حين قال في تصريح هاتفي للجزيرة نت "لحد اليوم لم يتم تسجيل هذا النوع من الأسماك في سواحلنا".

وأضاف دربال "يبدو أن الأمر يقتصر فقط على شمال حوض المتوسط، وقد تنتشر في جنوبه مستقبلا، لذا فنحن بحاجة إلى مزيد من الدراسات لإثبات وجود هذا النوع في أقاليم جنوب المتوسط لاتخاذ الإجراءات اللازمة".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي