يا كعبة الله

2020-03-22

شعر: إبراهيم محمد بوملحة


يا كعبة الله أين الزائرون هُمُ

فالصَّحْنُ خالٍ كأنَّ الناسَ قدْ رَحَلوا

يا مَشْهداً مؤلماً للنَّفْسِ ما بَرِحَتْ

آثارُهُ في شِغافِ القلْبِ تَعْتَمِلُ

أينَ الزِّحامُ الذي قد كان طابَعَها

في كلِّ آنٍ كما تَشْتاقهُ المُقَلُ

أينَ الأُلى حولَها ضَجَّتْ حناجِرُهُمْ

تدعو وتضرَعُ للموْلى وتبْتَهِلُ

أينَ الدعاءُ الذي قدْ كان يُطْرِبُنا

كأنَّهُ الشدوُ في الآذانِ والَجَذلُ

خلت من الناس لكن الطيور غدت

طوّافةً حولها إذ إنها بدلُ

يا كعبةَ اللهِ يا رَمْزاً نُقَدِّسُهُ

نطوفُ من حوْلِهِ سَبْعاً وننتَقِلُ

للسعيِ بينَ الصَّفا والمرْوَةِ اتَّقَدَتْ

فيهِ المشاعِرُ حَرَّى وهْيَ تَشْتَعِلُ

نَخْطُو رُوَيداً لفَرْطِ الطائِفينَ بها

من الزِّحام الذي ضاقَتْ بِهِ السُّبُلُ

والناسُ في فَرَحٍ ما مثْلُهُ فَرَحٌ

لَا شَكَّ ذَنْبُكَ بالغُفْرانِ يَنْدَمِلُ

مشاهدٌ ما لها مِمّا يماثِلُهَا

إذ قدْ غدَتْ قُدْوةً يَزْهو بها المَثلُ

نُنَاظِر البيْتَ أفياءً مقَدَّسَةً

تذوبُ فيهِ قلوبُ الناسِ والُمقَلُ

والعاشقونَ لَها فاضَتْ جوانِحُهُمْ

بالحبِّ والشَّوقِ، والوِجْدانُ يَنْهَمِلُ

إذْ ما لهمْ غيرُها يَهوَوْنَ طَلْعتَها

إذ إنَّها عندهُمْ شَأنٌ لهُ جَلَلُ

بيتُ الإلَهِ الذي تَهفو نفوسُهُمُ

إليهِ يا مَنْ بِهِ قدْ هامُوا وانشغَلوا

كنَّا نناظِرُها نَهْنَا بِزَحْمِتهَا

نرى بها سِعَةً لِكُلِّ مَنْ يَصِلُ

واليومَ شاخِصَةٌ حَلَّ السكونُ بِها

والرُّكْنُ يسألُ أيْنَ مِنْهُ تِلْكُمُ القُبَلُ

وحيدةٌ ما لها مَنْ ذا ينادمها

حالٌ غَدا محزناً ما عَاد يُحْتَملُ

يا صورةَ الكعبةِ الغرَّاءِ مؤلمةً

للنَّفْسِ للحِسِّ لا صَوْتٌ ولا أهَلُ

في مَنْظَرٍ مُذْهِلٍ ما كنَّا نَعْهَدُه

كأنَّهُ في مدى أحشائِنا نَصَلُ

كنَّا نراها وقدْ فاضتْ نواحيَها

بالناسِ في مشْهَدٍ كَأنّهمْ نَحَلُ

ما أصْعبَ الوقتَ في ذهني وفي خَلَدي

لأنْ أرى ما أرى ما لسْتُ أحْتمِلُ

يا صورةَ البيتِ نَهْبٌ لِلسُّكونِ بِهِ

كالعينِ إذْ غْاب عنْ أحْداقِها الْكَحَلُ

يا موئلاً للتُّقى وَجدي ويا أملي

قلبٌ يذوبُ بها قدْ شَفَّهُ الثَّمَلُ

لا أوْحشَ اللهُ هذا البيتَ طولَ مَدى

حتى القيامةِ يبقى طيُّهُ الأمَلُ

تهوي إليهِ قلوبُ الناسِ منْ وَلَهٍ

تَحفُّهُمْ منْ رِضى مَوْلاهُمُ ظُلَلُ

ملاذُ أمنٍ وعفوٍ لا حدودَ لهُ

في ساحِهِ رحماتُ اللهَ تَنهَمِلُ

أكْرِمْ بِهِ كَعْبَةً صَحْناً وأفْنِيةً

مُباركٌ ما لهُ صُنْوٌ ولا مَثَلُ







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي