
ليلى إلهان*
لِي قلبٌ من طين،
تتشكل فيه الحكايا،
يَجُنّ فيه طيشك،
ذنوبك،
نزواتك،
ولم يشخ حتى الآن.
لِي قلبٌ لم يمتلكه بشر غيرك،
لم يثقب شريانه وردة غدرٍ واحدة.
لِي قلبٌ أسكب فيه
صلاة الأنوثة،
كصبرٍ يورث الأرض الغياب،
ونزف مفتوح يروي ظمئي.
لِي قلبٌ لا حول له
في هذا الخراب الدموي الهائل،
في هذا الشعور الناري الجارف،
في هذا اللوم العنيد القاتل.
لِي قلبٌ يرتشف نخب أحزانه،
ويضيع كضوء السراب،
لا يشعل قنديل أيامه،
ولا يكتب من فيض بكائه،
لكنه حين أحبك،
أنار اثني عشر كوكبًا
حبًّا، وجنونًا، وضياعًا،
واندثرت كل أوصافه كالخيال.
لِي قلبٌ من حطام المدن،
لا أحد يتنشق غربته،
لا أحد يُدثّر برماده،
يخافون على أعينهم من الرمد،
وعلى بطونهم من قحط الجوع،
وعلى أجسادهم من جذام الخوف...
يحملون سذاجة الأحلام،
كهذا الحطام المبعثر على المدى... ويغادرون.
لِي قلبٌ تحمله الريح
شرقًا وغربًا،
شمسًا وقمرًا،
غريب في بلاد اليمام،
غريب بين هذا الزحام،
غريب على أوتار الكلام.
لِي قلبٌ يضيء هذا النهار،
ويحملني على أضلاع الألفة،
امرأة جاءت وحيدة
إلى هذا الزمان.
لِي قلبٌ من طين وملح،
وقصيدة من صليب الأمنيات،
كثيفة المعنى،
كثيفة الدموع والأحزان،
تتكبد عبء الراحلين،
وتطفئ كل أنوارها المشحونة
بزبد الأوهام.
لِي قلبٌ لا يهدأ أبدًا،
يحمل أحبّاءه كنعوش الموتى،
يضرب بهم الشوق،
واللحظات الآسنة،
يوّجج مشاعره لذكرى التجاعيد،
لذكرى من أوجعوا قلوبنا،
من أحرقونا،
من دمّرونا،
وزرعوا الآلام كخِضاب الطين
على أطراف أشرعتنا،
ونوايانا البريئة،
زرعوا الآلام كشالٍ حريرٍ
يشعل فينا أوجاعنا،
ويلتف على صدورنا،
مرتبكًا كسخرية الأقدار المستحيلة.
لِي قلبٌ لا يهدأ أبدًا،
لكنه يغرق على ناصية قلبك،
ويشعل حبر القصيدة.
*شاعرة يمنية