نيويورك تايمز: في سوريا وليبيا قد يجبر ترامب على الاختيار بين بوتين وأردوغان

2020-02-28

قد يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه أمام معضلة اختيار في سوريا بين أنقرة وموسكو، خاصة بعد الغارة على القوات التركية التي نفذها الطيران الروسي أو حلفاؤه في دمشق.

وفي تقرير أعدته لارا جيك ومايكل كراولي لصحيفة “نيويورك تايمز” قالا فيه إن الرئيس ترامب واقع في سوريا وليبيا بين حربين ورجلين قويين. وقالا إن ترامب تجنب مواجهة كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، وهما قائدان قويان أجنبيان يتصادمان في الحروب الأهلية في ليبيا وسوريا. إلا أن ترامب قد يجبر على تحديد موقفه بعد غارة يوم الخميس، التي قتل فيها أعداد من الجنود الأتراك.

فأردوغان وبوتين هما حليفان بالاسم، ولكنهما قاما بنشر قوات ودعم عسكري آخر في حربين دمويتين كانتا سببا في معاناة إنسانية كبيرة، بشكل هدد بتفكيك الاستقرار الهش في الشرق الأوسط وربما فتح الباب أمام وصول مئات الآلاف من اللاجئين إلى أوروبا. ورغم الدعوات الدولية المتزايدة للعب أمريكا دورا فاعلا في الحربين، إلا أن ترامب التزم الصمت ووقف متفرجا، وهو قرار يتناسب مع تعهده بإنهاء “الحروب اللانهائية” التي تورطت أمريكا فيها خلال العقدين الماضيين.

إلا أن مسؤولي الخارجية عبّروا عن موقف واضح وهو اتهام روسيا بإثارة المشاكل خاصة في سوريا. ويعرف القادة الأتراك أن بلدهم ينظر إليه في الكونغرس وداخل حلف الناتو بنوع من عدم الثقة ولكنهم يحاولون استخدام النزاعين ودفع الولايات المتحدة والتخلي عن عامٍ من الدبلوماسية المتوترة والعمل معا ضد العدو المشترك: موسكو.

ولا تزال المعلومات حول الهجوم على القوات التركية غير واضحة، ولا يعرف إن كان الروس هم الذين نفذوا الغارة أم الطيران التابع لنظام بشار الأسد على مدينة إدلب التي تحولت الآن إلى مركز الأزمة السورية.

ومهما كان الأمر، فالأمريكيون والأتراك يؤكدون على الوحدة العضوية للقوات الروسية مع قوات النظام السوري. وحمل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في يوم الثلاثاء روسيا مسؤولية عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى إدلب. وقال إن الرئيس الأسد “بدأ عدوانا جديدا هناك بدعم من موسكو وطهران”. ودعا السناتور ليندسي غراهام، عن ولاية ساوث كارولينا، والحليف لترامب إلى إنشاء منطقة حظر جوي فوق إدلب “لإنقاذ آلاف الرجال والنساء والأطفال الأبرياء من موت فظيع”.

ويرى الخبراء أن مشاعر ترامب موزعة بين موسكو وأنقرة. وبحسب جيفري إدمون

  سبب الرئيس التركي حالة إحباط للناتو والولايات المتحدة تحديدا عندما قرر ومن طرف واحد شراء نظام دفاعي روسي

دز الذي تعامل مع الشأن الروسي بمجلس الأمن القومي في عهد ترامب وباراك أوباما “هناك بالتأكيد توتر” حيث يميل ترامب إلى الرئيسين و”هو داعم لروسيا في معظم الأوقات لدرجة أن بوتين وضعه في مكان غريب بما يتعلق بتركيا”.

ففي الأسبوع الماضي قلل ترامب من شأن الأدلة التي تحدثت عن محاولة الروس التأثير على انتخابات عام 2016 التي فاز بها، وقال: “روسيا، روسيا، روسيا كلام تافه”. وبعد دقائق ناقش خلال مكالمة هاتفية أجراها مع أردوغان في وقت سابق الوضع “حول إدلب” مضيفا: “نعمل معا من أجل عمل أمر ما”.

وينتظر الدبلوماسيون تحرك أردوغان الذي طلب مساعدة الناتو بناء على بند الدفاع المشترك. وسبب الرئيس التركي حالة إحباط للناتو والولايات المتحدة تحديدا عندما قرر ومن طرف واحد شراء نظام دفاعي روسي، بشكل عرّض تركيا للعقوبات. وقال السفير الأمريكي لدى حلف الناتو ري بيلي هاتشسون يوم الخميس، إن الحلف لم يناقش المبدأ الرئيس الذي يقول إن الاعتداء على عضو يعتبر اعتداء على الجميع وإن كان ينطبق على تركيا. ولكن ترامب لم يستخدم الأدوات غير العسكرية المتوفرة لديه لكي يؤثر على مسار الأحداث في كل من سوريا وليبيا.

ففي هذا الشهر، قال فولكان بوزكر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي، إن بلاده تعرف أنها تواجه “لحظة حرجة في علاقاتها مع الولايات المتحدة” وأشار تحديدا إلى النزاع في سوريا وليبيا حيث تحتاج تركيا والولايات المتحدة للتعاون.

وقال بوزكر في تصريحات بواشنطن يوم 12 شباط: “يجب أن تكون الولايات المتحدة قوية ويجب أن تكون تركيا قوية لتجاوز هذه الأحداث”.

وتدافع روسيا عما تقول إنها عملية للنظام السوري ضد الإرهابيين، وتقول إن الأسد لا يمكن إقناعه بحماية المدنيين الذين وجدوا أنفسهم عالقين في المعارك. إلا أن بوزكر يقول: “في واقع سوريا، فكل النظام العسكري توفره روسيا” و”هم يقدمون كل شيء. ومن الواضح أن هناك استخداما للطائرات والصواريخ والقنابل ولا يمكن عمل أي من هذا بدون معرفة من الروس”.

وتساعد روسيا نظام الأسد للسيطرة على إدلب، التي أدت الحملة الوحشية عليها إلى تشريد 900 ألف شخص وأدت لأكبر كارثة إنسانية تشهدها الحرب الأهلية في سوريا منذ 9 أعوام.

وقتل حوالي 100 شخص هذا الشهر جراء القصف الروسي والسوري. ويبدو الأسد مصمما على استعادة إدلب وتجاهل تهديدات أردوغان بالانسحاب.

ودعا الدبلوماسيون الأمريكيون تركيا وروسيا إلى تجنب التصعيد في كل من ليبيا وسوريا والالتزام بوقف إطلاق النار المتفق عليه كطريق لتسوية سلمية. وقال مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي روبرت سي أوبراين هذا الشهر في كلمة أمام المجلس الأطلنطي: “لا أعتقد أن أحدا في هذا البلد مستعد لإرسال الفرقة الجوية المحمولة 82 إلى وضع فوضوي من أجل حل المشكلة التي لم نخلقها في سوريا”.

وحاولت تركيا خلال الأشهر الماضية منع موجة جديدة من اللاجئين إلى أراضيها، وأقامت نقاط رقابة ودفعت بقوات جديدة إلى إدلب. ويقول مسؤول بارز في إدارة ترامب إن روسيا هي الطرف الوحيد القادر على إقناع الأسد بالتوقف في إدلب وفي حلب. وحتى الآن لم يحدث هذا.

وقال جيمس جيفري المبعوث الخاص لوزارة الخارجية إلى سوريا، إن روسيا إما عاجزة عن السيطرة على الأسد أو أنها اختارت عدم التدخل. ومهما كان الحال فقد قال جيفري للصحافيين يوم 5 شباط إن “روسيا ليست متعاونة”.

واتخذت تركيا وروسيا الموقف المضاد في ليبيا حيث يحاول خليفة حفتر مواجهة الحكومة المعترف بها دوليا. ووقفت روسيا مع حفتر حامل الجنسية الأمريكية والليبية والرصيد السابق لسي آي إيه المتهم بالتعذيب.

ويحظى حفتر بدعم من مصر والسعودية والإمارات وكلها دول حليفة لأمريكا. وتعتبر الإمارات أكبر مزود لحفتر بالسلاح والمقاتلات. ولكن روسيا نشرت حوالي 1.400 من المرتزقة التابعين لشركة فاغنر للتعهدات الأمنية لمساعدة قوات حفتر. ودعمت موسكو جهوده لإنشاء حكومة منافسة في الشرق من خلال طباعة أوراق عملة ليبية له.

وفي جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ تحدث دبلوماسي أمريكي بارز عن سوريا وليبيا بنفس المقام، وحمّل الحملات الروسية الخارجية مسؤولية التصعيد في البلدين. وقال كريستوفر روبنسون، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية إن الدعم الروسي للأسد أدى لإشعال نزاع تسبب بسقوط مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء وأجبر الملايين على الفرار، و”تتعرض ليبيا لخطر تحولها إلى مكان جديد لجهود روسيا الخبيثة واستغلال نزاع دولي من أجل مكاسب سياسية واقتصادية ضيقة”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي