
ثلاث نتائج مهمة ومفرحة لكل إنسان يحمل ذرة من القيم وبعضاً من الضمير لما تمخضت عنه زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإسرائيل ومصر وقمة شرم الشيخ، والدربكة السياسية الدبلوماسية التي ملأت أجواء الشرق الأوسط الأسبوع الماضي:
1.وقف حرب الإبادة.
2.الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين والإسرائيليين.
3.بداية دخول المساعدات الغذائية والإنسانية لأهالي غزة المنكوبين.
وجاءت هذه النتائج المفرحة بسبب ضغوط الرئاسة الأميركية الهائلة على نتنياهو، بعدما أقنعته وضغطت عليه دول عربية وإسلامية أثناء لقائه في نيويورك قادة وممثلي تلك الدول، أهمها السعودية ومصر والإمارات وقطر والأردن وتركيا وإندونيسيا وباكستان، ليخرج الرئيس ترمب بما سماه "إعلان ترمب من أجل السلام والازدهار الدائم"، وهو بيان أسجل عليه الملاحظات والتساؤلات أدناه:
-الإعلان بمثابة خطبة وعظية وبيان حسن نيات إنشائي، فلم يأتِ البيان على ذكر أرقام أو تواريخ محددة أو كميات أو مساحات أو كيلومترات أو حتى أطنان المساعدات وعدد الشاحنات.
-خلا البيان من ذكر مصطلح "حل الدولتين" الذي أظنه لن يتحقق ما لم تقل به الولايات المتحدة الأميركية وتعلن أنه ضمن أهدافها الإستراتيجية للسلام، مما يبدو أبعد من الخيال في ظل إدارة ترمب التي أعلنت انحيازها وتبعيتها لإسرائيل في أكثر من موضع، ولعل قراءة خطاب ترمب الذي ألقاه في الكنيست قبل أن يتوجه إلى شرم الشيخ تكفي لمعرفة الانحياز التام إلى نتنياهو وليس إلى العدل والسلام، فبنيامين نتنياهو هو النقيض لفكرة السلم والتعايش والازدهار التي عنونها الإعلان.
-غاب عن القمة طرفا الصراع المباشر في غزة، أي رئيس حكومة إسرائيل وممثل عن "حماس"، فكانت بمثابة حضور شهود لمحكمة في قضية طرفين لم يحضرا المحاكمة أصلاً، ويذكر أن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو كان حاضراً في القمة بدعوة شخصية من صديقه الشخصي دونالد ترمب، "شكو؟ ليش وشحقه؟" كما نقول بالخليجي، لا أدري؟
-هو إعلان لترمب كما عنونه هو، بل كما قالت عنه مجلة "تايم" الأميركية في غلاف عددها الصادر هذا الأسبوع وبصورة ترمب على الغلاف، إنه انتصاره(HIS TRIUMPH) ، وامتدح ترمب المقالة وانتقد الصورة كثيراً لأنها أخذت له من الأسفل، فلماذا وقّع على انتصار ترمب رؤساء دول ثلاث هي مصر وتركيا وقطر؟ ولماذا لم يجر الاكتفاء بتوقيع ترمب على إعلانه؟ ولم لم يوقع عليه باقي الرؤساء الحضور؟ فهل يعني عدم توقيعهم رفضهم البيان؟ أم أن من وقعوا الإعلان سيضمنون تنفيذه وحدهم مع الرئيس ترمب، وباقي الرؤساء لا يستطيعون أو لا يريدون ضمانة تنفيذه؟
لا يذكر الإعلان ما هي الإجراءات، دع عنك العقوبات التي ستتخذها الأطراف الضامنة في حال عدم التزام أي من الطرفين بوقف الحرب، وعلى الأرجح أن الطرف الإسرائيلي هو الأكثر احتمالاً لخرق وقف إطلاق النار، لأنه سبق أن قام بذلك في مارس (آذار) الماضي، فهل سيعاقب ترمب إسرائيل في هذه الحال؟ وهل ستقطع تركيا علاقاتها الدبلوماسية والتجارية والسياحية والاستخباراتية والعسكرية مع إسرائيل، إن هي استأنفت الإبادة؟
بدا "إعلان ترمب" لترمب شخصياً، وقد أشبع غروره الشخصي الدعائي، ولا بأس في ذلك إن كان ذلك سيضمن ديمومة وقف الحرب وحقن دماء الأبرياء، ولكن من يضمن الضامن نفسه، أي ترمب؟ وماذا عن "اليوم التالي"؟ وهو مصطلح تسلل إلى أدبياتنا السياسية حديثاً كترجمة حرفية لـ (THE NEXT DAY) ، وكان الأفضل ترجمته بـ "وماذا بعد؟" من سيدير غزة؟ وماذا عن سلاح "حماس" ودورها المستقبلي في القطاع؟ فقد نفذت بعد توقف الحرب بساعات إعدامات ميدانية من دون محاكمات، موصلة رسالة واضحة: نحن هنا وباقون هنا، وستكون لنا يد طولى تقاتل وتعدم في غزة؟ فماذا أنتم فاعلون يا أيها الضامنون؟
تساؤلات لا إشارات ولا إجابات لها في إعلان الضامن ترمب!
*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس - الاندبندنت عربية