
كاركاس- نشرت فنزويلا الجمعة 17 اكتوبر 2025، عشرات الآلاف من جنودها بالقرب من حدودها مع كولومبيا، فيما وجهت الولايات المتحدة ضربة جديدة لمهربي المخدرات المشتبه بهم في منطقة البحر الكاريبي، في حلقة جديدة من التوترات بين واشنطن وكراكاس.
وللمرة الأولى منذ نشر سفن حربية أميركية في المنطقة في مطلع أيلول/سبتمبر الفائت، نجا بعض من استهدفتهم الضربة الجديدة، وفقًا لوسائل إعلام أميركية.
وأدت هذه الأزمة التي تنذر بجرّ البلدين إلى حرب وتُثير قلقا في المنطقة، إلى استقالات وإقالات طالت مناصب حكومية وعسكرية لدى طرَفي النزاع.
ففي الولايات المتحدة، أعلن المسؤول عن الإشراف على الضربات الأدميرال ألفين هولسي الخميس أنه سيترك منصبه، بعد عام واحد فحسب على توليه إياه. وفي فنزويلا، اضطرت نائبة الرئيس ديلسي رودريغيز إلى نفي تقارير صحافية تتهمها بالتفاوض مع واشنطن لإطاحة الرئيس نيكولاس مادورو.
وتتصاعد منذ مدة حدّة التصعيد العسكري الميداني والمواقف الكلامية الحادة. وأعلنت ولايتا تاتشيرا وأمازوناس الفنزويليتان الخميس تسيير دوريات وفرض إجراءات مراقبة على المعابر الحدودية مع كولومبيا.
وفي ولاية تاتشيرا حيث تقع الجسور الرئيسية الثلاثة بين البلدين، انتشر الجيش حول جسر سيمون بوليفار الذي يربط مدينتي كوكوتا وفيلا ديل روساريو الكولومبيتين بمدينة سان أنتونيو الفنزويلية، وفقا لما لاحظت وكالة فرانس برس.
وأوضح قائد منطقة العمليات الدفاعية المتكاملة في تاتشيرا الجنرال ميشال فالاداريس أن نحو 17 ألف جندي على الأقل نُشروا.
وفي ولاية أمازوناس الواقعة على الحدود الجنوبية للبرازيل، يُنظّم الجيش قواته لحماية "المنشآت الاستراتيجية" و"الخدمات الأساسية". وأوضح قائد منطقة الدفاع المحلية الجنرال ليونيل سوجو أن الهدف "رفع مستوى الجهوزية العملانية" للقوات وضمان إشراك "الشعب المسلح".
وتتفاقم الأزمة منذ أن نشرت واشنطن سبع سفن حربية في منطقة الكاريبي وواحدة في خليج المكسيك، في إطار عملية تقول إنّها تهدف لمكافحة تهريب المخدرات.
- "حرب نفسية" -
ويتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرئيس الفنزويلي مادورو بالضلوع المباشر في عمليات التهريب، وبتزعم كارتيل مخدرات، وهو ما ينفيه الرئيس الفنزويلي.
وقبل تصعيد العمليات العسكرية، ضاعفت وزارة العدل الأميركية في آب/أغسطس مكافأة عرضتها في مقابل معلومات تؤدي إلى القبض على مادورو، لتصل إلى 50 مليون دولار.
وأعلن ترامب هذا الأسبوع أنه أعطى الضوء الأخضر لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) لتنفيذ عمليات سرية ضد تستهدف الأراضي الفنزويلية، مشيرا إلى أن خمس ضربات على الأقل نُفذت منذ مطلع أيلول/سبتمبر واستهدفت قوارب قبالة سواحل فنزويلا، قُتل فيها ما لا يقلّ عن 27 شخصا.
ونُفِذَت عملية سادسة الخميس، ونقلت محطات تلفزيونية أميركية من بينها "سي بي إس" و"سي إن إن" و"إن بي سي" عن مسؤولين أميركيين قولهم إن ثمة ناجين من بين الذين كانوا على متن القوارب المستهدفة.
وأثارت تصريحات ترامب في شأن عمليات "سي آي إيه" غضبا عارما في كراكاس، ونددت الحكومة الفنزويلية بـ"انقلابات تنظمها" الوكالة الأميركية.
وفي الولايات المتحدة، كتب الأدميرال ألفين هولسي على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي أنّه سيترك منصبه كقائد للقيادة العسكرية الأميركية لمنطقتي أميركا الجنوبية والوسطى في 12 كانون الأول/ديسمبر، وسيتقاعد من سلاح البحرية بعدما قضى في الجيش "أكثر من 37 عاما"، من دون أن يوضح أسباب قراره هذا.
وانضم هولسي إلى قائمة طويلة من كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين الذين أُقيلوا أو تنحوا منذ بداية ولاية ترامب الثانية في البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير.
وفي الوقت نفسه، ذكرت صحيفة "ميامي هيرالد" الأميركية أنّ نائبة الرئيس الفنزويلي دلسي رودريغيز وشقيقها خورخي بدآ مفاوضات مع واشنطن لإزاحة نيكولاس مادورو مقابل بقائهما في السلطة، من دون أن تذكر مصادرها.
وكتبت رودريغيز على تطبيق "تلغرام" للتواصل الاجتماعي "هذا كذب!! وسيلة إعلام أخرى تُضاف إلى مكبّ النفايات للحرب النفسية ضدّ الشعب الفنزويلي. ليس لديهم أخلاق ولا ضمير، ولا يروّجون إلا للأكاذيب".
وأضافت أنّ "الثورة البوليفارية لديها قيادة سياسية وعسكرية عليا موحّدة حول إرادة الشعب"، وأرفقت منشورها بصورة لها بجوار الرئيس مادورو مرفقة بالتعليق الآتي "معا، ومتّحدون مع الرئيس مادورو".
وتزايدت الضغوط على مادورو الأسبوع الماضي بعدما حصلت زعيمة المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة ماريا كورينا ماتشادو على جائزة نوبل للسلام لقيادتها المقاومة السلمية ضد حكمه المستمر منذ 12 عاما. وأهدت ماتشادو الجائزة لترامب الذي كان يرغب بالحصول عليها.
وقالت ماتشادو في مقابلة مع وكالة فرانس برس بواىسطة اتصال بالفيديو من مكان غير معلن الاثنين، إن وقت مادورو قد انتهى، لكنها أكدت أن بإمكانه أن يحصل على ضمانات شخصية إذا قرّر التنازل عن الحُكم. وأضافت "يمتلك مادورو حاليا فرصة للانتقال نحو تسوية سلمية".