"واحد وعشرون" .. رواية جديدة لثريا الشيباني

2020-02-26

محمد الغربي عمران*

سحر الرواية يغرينا باجتراحها.. والانتساب إليها.. وهذا لا ضير فيه.. بل يتملكنا الاعتزاز كلما وجدنا بين يدينا إصدار جديد.. خاصة من الشباب.. فمن يمتلك الجرأة لخوض كتبتها.. يرقى بموهبته عمل بعد آخر.. وإن لم تمت موهبته في أعماقه.

بين يدينا إصدار للأديبة اليمنية ثريا الشيباني بعنوان واحد وعشرون.. هذا العنوان الذي يبدو مبهما.. ويستمر طوال صفحات السرد.. التي ظل عبد الواحد سارد العمل مؤمن بشؤم هذا الرقم عليه.. مستعرضا تواريخ وأرقام صادفته في سنوات مضت.. يجزم بأنها تلاحقه بشؤمها ليخاف هذا اليوم.. مستشهدا أمام زملائه بالرقم "13" وإيمان شرائح من المجتمع الغربي بشؤمه.

 إلا أن الكاتبة تنهي سردها وقد حولت رقم واحد وعشرون من رقم شؤم.. إلى أن يكون عنوان لدار إيواء أطفال سجينات خلف القضبان منذ سنوات.. وهكذا تحول الرقم من شؤم إلى رقم خير وعطاء.

يسرد لنا عبد الواحد تجربة الشباب وتضحياتهم في سبيل وطن آمن تسوده الحرية والعدالة.. وقد خرجوا في سبيل ذلك إلى ساحات الثورة على النظام في صنعاء.. يصور لنا وحشية عسكره.. حتى أجهضت الثورة.. ليتجه عبد الواحد وأصدقائه إلى العمل الخيري.. ينشط الجميع لمساعدة اللاجئين ومد يد العون للمشردين والمعوزين.. مؤمنين بأن الثورة لها عدة أوجه.. لينتهي السرد باجتياح مليشيات الحوثي صنعاء وكل المحافظات بمساعدة نفوذ رجال النظام السابق. خلال تلك الأحداث نتعرف صداقاته المتعددة كنسيج ثوري. قدمت الكاتبة تلك العلاقات الاجتماعية.. ورؤى الشباب وأحلامهم بوطن يضلله السلام والحرية. وقيم العدل والمساواة. بسرد مترابط .. لأفكار معاصرة.

في واحد وعشرين تتناسل الأسماء .. جميعها مفردة.. مثل: لمياء.. سعيدة.. رويدا.. وديع.. أديب.. توفيق.. دولة.. أيمن .. حسام.. أحلام.. هيفاء.. سامية.. بسام.. هشام.. أحمد.. ليلى.. هدى.. باسم.. سوسن.. عبد القادر... وأسماء أخرى. تظهر دون مقدمات لتختفي.. ما عدا قلة منها.. ودون أن تعطينا الكاتبة أي ملمح أو شكل لها. قد يكون لكثرتها.. أو أن ساحات الثورة بحاجة لتلك الكثرة.

تلك الأفكار الشبابية شبيهة بوقود نار تستعر.. وتلك الأحلام التي يتوقون لتحقيقها.. استطاعت الكاتبة توظيفها بدراية كمحرك لشخصياتها. مقدمة تلك الشخصيات.. خاصة السارد.. شاب غر رغم ثوريته.. حين ظل يبحث عن لمياء المتزوجة.. يحاول الوصول إليها.. يقوده حبه القديم إليها.. مع أنها أمست أم.. تلك هفوة لشخصية تتصف بالثورة.. والثائر الذي يحمل قيم سامية.. يتحمل عذابات.. وينأى بقلبه حتى لا يسيء لمن يحمل له مشاعر المحبة.. خاصة إذا أمسى مرتبط.

الكاتبة سردت بمشهدية متتالية ما عاشه اليمن.. وخاصة صنعاء لفترة سنوات سار بها النظام من كارثة إلى أخرى.. حتى أوصل اليمن إلى ما وصلي إليه من دمار. إلا أنها جعلت من مجموعة أمل يراود القارئ بغد أروع وأجمل. غد يصنعه الشباب بقيم إنسانية عظيمة. سرد يبشر بميلاد أديبة بمقدورها المضي في تطوير أدواتها .. عمل بعد آخر.

"واحد وعشرون" عمل صادر عن مؤسسة أروقة في القاهرة. . وننتظر من كاتبة نسجت مثل العمل الجميل.. أن تنسج المزيد من خيوط الضوء.

  • رئيس نادي القصة "المقه" اليمني

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي