بعد حرائق أستراليا.. دعوات لاتباع ممارسات السكان الأصليين

2020-02-12

جانب من حرائق أسترالياعلى مدى آلاف السنوات، استصلح السكان الأصليون في أستراليا الأراضي عبر إحداث حرائق موضعية للتخلص من الأعشاب الضارة في انعكاس لفهمهم الكامل للأنظمة البيئية، وهي مهارة يُنظر إليها بصورة متزايدة كوسيلة للوقاية من حرائق مستقبلية.

وقد أدى نطاق الحرائق خلال الموسم الأخير لحرائق الغابات التي ازدادت سوءا بسبب تسجيل طقس أكثر دفئا وجفافا جراء ظاهرة التغير المناخي، إلى إطلاق نداءات تدعو إلى دمج التقنيات القديمة لإدارة الأراضي، في الجهود الرامية إلى الوقاية من الحرائق.

وقد أتت الحرائق الذي بقيت مستعرة لأشهر على أكثر من 10 ملايين هكتار من الأراضي في شرق البلاد وجنوبها كما أدت إلى مقتل 33 شخصا على الأقل وما يقرب من مليار حيوان فيما دمّرت أكثر من 2500 منزل.

وساهم هطول الأمطار الغزيرة على طول الساحل الشرقي خلال الأيام الماضية في احتواء معظم النيران المشتعلة في المنطقة، لكن العلماء قالوا إن الارتفاع في درجات الحرارة سيجعل حرائق الغابات تحصل بوتيرة متزايدة.

وكان السكان الأصليون قبل فترة طويلة يشعلون حرائق صغيرة موضعية يطلق عليها نار "باردة" يدويا ويراقبون النيران عن كثب لضمان إحراق النبتة فقط.

وكان يتم التحكم في تلك الحرائق الصغيرة بحيث تتحرك ببطء وتحافظ على ظل الشجرة ما يفتح طريقا للهروب أمام الحيوانات.

وتساهم هذه الحرائق المعروفة بـ"الحرق الثقافي" في إنشاء ممرات وتعزيز نمو النبات إضافة إلى التخلص من الغطاء النباتي المتشابك واليابس الذي يعمل كوقود في حرائق الغابات.

وقال تيري هيل رئيس مجلس أراضي السكان الأصليين في ميريمانس في نيو ساوث ويلز، الولاية الاكثر تضررا بحرائق الغابات هذا الموسم "الطائرات والطوافات المزودة دلاء مليئة بالمياه لن تتمكن من إطفاء تلك الحرائق. علينا أن نبحث عن طرق وقائية لمنع حصول أحداث مماثلة".

ورغم أن خدمات الإطفاء في أنحاء البلاد تتعاون مع السكان الأصليين في أستراليا في استخدام تقنية "الحرق الثقافي"، فإن هذه الممارسة القديمة توظف على نطاق أوسع بكثير في الإقليم الشمالي من أي مكان آخر.

وساعد دين ييباركوك وهو أحد المسؤولين في شركة "وورديكين لاند مانجمنت" في إضفاء الطابع الرسمي على برنامج محلي للوقاية من الحرائق في جزء بعيد من أرنهيم لاند في ولاية الإقليم الشمالي قبل أكثر من عقد.

وأوضح دين أن الاستعمار أجبر مجتمعات أصلية على مغادرة منازلها، ما يعني إهمال هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها 14 ألف كيلومتر مربع من أراضي السكان الأصليين المحمية.

وقد تعاونت منطقة وورديكين مع العلماء لدمج ممارسات الحرائق القديمة والحديثة في مبادرة شاملة توظف حاليا ما يصل إلى 150 حارسا من السكان الأصليين وتشمل تدابير مثل مراقبة الحيوانات الضارية وحماية التراث الثقافي.

وقال لوكالة فرانس برس "غيرنا النظام برمته من خلال إعادة الناس إلى الطبيعة".

وأضاف "لا يقتصر الأمر على أنفسنا فحسب بل شاركت أيضا في المبادة مناطق شمال أستراليا لأنها كانت تعاني من رؤية البلد يحترق".

وقد تمتعت هذه المخططات بفائدة إضافية تتمثل في خفض انبعاثات الكربون، ما سمح للمجتمعات الأصلية ببيع أرصدة الكربون الناتجة عن ذلك، وضخ هذه الأموال في مشاريع لصالح المجتمع.

وقال ديفيد بومان خبير حرائق الغابات وأستاذ بيولوجيا التغير البيئي في جامعة تسمانيا، إن العودة إلى إدارة الحرائق بالطريقة التقليدية على نطاق واسع، لن تكون ممكنة في جنوب أستراليا لأن السكان غير الأصليين يحتلون الآن معظم الأراضي في تلك المنطقة.

وتابع "لا يمكن أن يكون هذا هو الحل الوحيد لمشكلة حرائق الغابات لكنه يستطيع أن يلعب دورا جيدا كجزء من احترام التقاليد القديمة".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي