أنا لستُ لاعب نرد

2020-01-23

 نزار حسين راشد*

« إلى ذكرى محمود درويش: أنا لستُ لاعب نرد»

لم تكن ولادتي

حادثاً عرضيّاً

بل تدابير قدر

وفي بضع سنين

صرتُ شاهداً على عرس عمّي

وانتشار شجرة الياسِمين

ثُمّ تسلسلت الحوادث

من خطابات الأئمة والزُّعماء

حتى ضياع فلسطين

ولم أتوقّف

مضيت في الطريق

الذي رسمه الله لي

وعاندتُ

كُلّ مُضلٍّ مبين

مددتُ يداً لكُلّ محتاجٍ

وشتمتُ الساسة والمرجفين

ضاق أبي بيَ ذرعاً

وقال يا بُنيّ

ليس يعجبك شيءٌ

فما أنت فاعلٌ بدنياك

ولم أنزعج بتعريضه

وأكملت دربي لا أستكين

ترى هل كافأتني الحياةُ؟

وقعت في الحُبّ مرّاتٍ

إلى أن جاء يومٌ

فقلت كفى

وأشرعت صوتي

مندّداً بكُلّ أفّاكٍ

ولكنّهم كانوا أشدّ مني دهاءً

وقالوا اتركوه يصيح

حتى يملّ

أو تأخذه يد الله

ولكني تنبهتُ لحيلتهم فصمتُّ

كان صمتاً طويلاً

لم يقاطعه صوتٌ

حتى تبدّد صمتي

وأوشكَتْ أن

تتفلّتَ من قبضتي

حبالُ اليقين

وأبي مات

حاملاً حلمه معه

قبل أن يُيئسهُ

مدّ السنين

لحقت به أُمّي

بعد حين

وبقيت وحيداً

أصارع العالم

وأشهد تبدُّل

الفصول والزُّعماء

ولم يتغير في داخلي

ولا في الواقع شيء

فقط كثُر النّاسُ حولي

صار الزّحام أكبر

والعالم أصغر

وضاقت مساحة الكون

إلى حجم منبر

في المسجد والبرلمان

يصرخون من فوقه

حتى أصمّوا آذاننا

ولم يعد أحدّ يصدّق شيئاً

وأصبح الناس مثلي

يعيشون بصمتٍ

يموتون بصمتٍ

وما بينهما يكافحون

لأجل لقمة العيش

قالت صديقةٌ ودودةٌ

تجاملني رُبّما

انّني صادقٌ وأمين

ولذا هجرتني الكراسي

التي هُيّئت ليحتلّها

بائعٌ وهجين

أفرحتني شهادتها

وأفرحني أن يكون

في العالم

من يُقدّرُ

هذا الحضور

أو هذا الغياب الحزين!

 

  • شاعر فلسطيني






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي