نُدَف

2020-01-02

 أنوار الأنوار*

يا الله.. رأيتهم يقطّعون السماءَ في علب

يختمون باسمك على الأقفال

وحين كسَتنا العتمة وأخذَنا النحيب

جلدوا فجيعتنا بالسياط

وسجدوا للصناديق.

٭٭٭

عشرين حَولًا ربّيتُ زعانفي..

عشرين أخرى أثّثتُني بالحراشف..

لعلّ النبوءةَ تُخفت أوزارَ التيار.

فلماذا ما زلتُ كلما تنفّستُ

أرى البحرَ داميًا يغرق؟!

٭٭٭

أجمّد مكعّبًا آخر

أدسّه بين مكعبات النار التي خبّأتُ

كلما باغتني اشتعالٌ جديد.

ثلاجة القلب باتت ملأى

وسكانها تتدافع كي تذوب

أتربِسها وأرتدي ضحكةً باهتة

لا وقت للبكاء اليوم…

سنخصّصُ عمرًا قادمًا للنحيب.

٭٭٭

جسدي كومةُ فُتات

وفروٌ منفوش

كلما اتكأت على جنبٍ، صاحت ذراعٌ

من ثقل أوزاري.

روحي بقايا صورٍ بلا ألوان

تتظاهر كلّ صبحٍ بالصفاء

وتتظاهر مساءً ضد الله

إلهي إلهي لماذا خلقتَني؟

قلبي حديقةٌ مٌسيجة

أشجارها حطامٌ

والأرض يَباب،

وحدها الأسوار ثابتة.

عقلي ملاكٌ هرب من الجنة

لاذ بالسؤال

واعتنق شهوة الاحتراق.

صوتي ضحكةٌ هادرة

تُضجّ الكونَ قهقهةً

كي تكبح بين النهدين ارتطامَ دمعة.

وجهي طينةٌ من غربةٍ لاذعة

على دين الحرباءة

تتشكّل بينهم لوحاتٍ من انسجام.

٭٭٭

الأشواكُ تتضارب.. والكراتُ تتدحرج.. والحديقةُ معتمة.

كنا نلهو معًا..

وكنتُ أتلذذ بالوثب فوق الأوراق اليابسة..

يبللني رذاذ مطرٍ خفيف.

تعانقني ذراعا صديق قبل أن تختفي الأذرع.

بغتةً وخزتني شوكاتٌ نبتت من جسد رفيقٍ لي.

تبعتها شوكاتٌ أخرى

وأخرى وأخرى

تكوّرت كثيرًا وأنا أغنّي لمفاتني..

لا أذكر كيف صرت قنفذًا.

كيف صرنا قنافذ

نتدافع بأشواكنا متكوّرين

وتركلنا أرجلٌ لا نعرفها

كلما دفعت أحدَنا إلى جهةٍ

خبط رفيقًا آخر بأشواكه

وعاد يقبّل حبله السريّ بلذّة وهم الانتصار.

٭٭٭

طال رجع السهم فينا.. طال ارتداده.

حسبناه وثبة من يهيئ لشقّ الفضا خطاه

أيُها الهواء استعدّ لتفتحَ لانطلاق الريح أزارَ قمصانك

أيتها الأرض كوني جذورًا لهبّتنا القادمة

يا الأيام اطمئنّي لن تظلي نائمة.

هي خطوةٌ للخلف تواعدُ الآتي عناقًا

بيد أنّ الجثث جمّدتنا

الحياة هيمنة الأمس

غدُنا ماضٍ بعيدٌ قريبٌ

غدُنا أنيابُ ما كان عاد يصير

الليل ممتدٌّ يخون الشمس.

الشمس مذعورةٌ تلوذ بالضباب.

الضباب يلفّ صورتنا المغشوشة

والسهم.. السهم الذي ارتدّ حالفًا بالدرب

عاد منغرسًا فينا.

 

  • شاعرة فلسطينية






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي