
عندما يُولد الطفل فمن الطبيعي، وحسب الفطرة الإنسانية، أن الأم تتعلق به، ويصبح محور حياتها، وتربطها به علاقة فريدة عجز العلماء عن فك أسرارها حتى يومنا هذا، وقد تساءل العلماء كثيراً لماذا تستطيع الأم الصماء أن تستيقظ حين يبكي رضيعها ليلاً؟ رغم أنها لا تسمع أي صوت، والحقيقة أن الأمومة هي سر من أسرار الحياة الذي لا يمكن أن يدركه إلا منْ خاض هذه التجربة، بحسب سيدتي.
تواجه الكثير من الأمهات مشكلة منتشرة بل إنها حقيقة تعترف بها كل الأمهات لبعضهن البعض، وهي صعوبة الخلود إلى النوم على الرغم من نوم المولود نفسه، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك" وفي حديث خاص بها باستشارية نوم الأطفال الدكتورة لمياء سمحان؛ حيث أشارت إلى السبب السحري، الذي يجعل الكثيرين يتساءلون لماذا تجد الأم صعوبة في النوم العميق رغم نوم مولودها ورغم شعورها بالتعب في الآتي:
لماذا لا تنام الأم بسهولة رغم نوم المولود؟
تنويم الطفل
اعلمي أن الأم وبمجرد أن تضع مولودها هناك تغير فسيولوجي يحدث في جسمها، ويحدث الأمر نفسه مع الأب؛ حيث تزداد نسبة هرمون الأوكسيتوسين في جسميهما، وهو ما يُعرف بهرمون الحب، وهذا الهرمون الذي يعد محفزاً بتعزيز الترابط الاجتماعي مع الطفل وزيادة مشاعر الأمومة، ويبدأ إفرازه خلال مرحلة الحمل؛ حيث يلعب دوراً في تسهيل الولادة، كما أنه يلعب دوراً في انقباض الخلايا العضلية في الثديين لإخراج وإدرار الحليب أثناء الرضاعة الطبيعية وتحفيز الأم لترضع طفلها، ونظراً لأهمية هذا الهرمون فقد أنتج صناعياً، ويتم استخدامه بحذر في تحفيز المخاض؛ حيث إن جرعاته الزائدة ترفع ضربات قلب الأم، ولذلك يبلغ خوف الأم ذروته على طفلها نتيجة لزيادة طبيعية في مستوى هرمون حبها لطفلها الجديد.
لاحظي أن العلماء توصلوا ومن خلال دراسات حديثة، وبعد أن أجريت لقطات مركزة من خلال التصوير بتقنية الرنين المغناطيسي لمنطقة مركز دماغي عند الأم، أظهر هذا التصوير أن النشاط الزائد في المركز الدماغي بعد تجربة الأمومة يجعل الأم شديدة الحساسية وشديدة اليقظة، بحيث تستيقظ لمجرد سماع أي صوت أو حركة، كما أنها تصبح أكثر حرصاً على حماية طفلها، وكأنها تتحول بين عشية وضُحاها إلى "بودي جارد"، فهي متحفزة طيلة الوقت ومستعدة وقوية، على الرغم من ضعف بنيتها لحمايته ضد أي خطر؛ حتى لو كانت الأم تتوهم أو تتخيل، ونتيجة لهذا النشاط الدماغي في مركز معين من دماغ الأم، فهي تبقى في حالة يقظة على الرغم من تعبها ورغبتها في النوم حين ينام طفلها من أجل الحصول على قسط من الراحة.
أسباب تجعل الأب أكثر قدرة على تنويم المولود
مشاعر الأم
اعلمي أن طريقة تنويم الأب للطفل تختلف عن طريقتك، وبالتالي فالمولود يدخل في النوم سريعاً مع الأب أكثر من قدرته على ذلك مع الأم؛ حيث ستلاحظين أن هناك اختلافاً واضحاً بين طريقتك في تنويم الرضيع وطريقة الأب، والتي تعتمد على الهز الخفيف، في حين أنك تعتمدين على الهز والغناء وغيرهما من الطرق التي تثير فضول الطفل، وتجعله لا ينام بسرعة.
لاحظي أن شعور الطفل بوجود صدر الأم؛ أي مصدر تغذيته وسر حياته قريباً، يدعوه لكي يستيقظ باستمرار حتى يرضع، كما أن شم رائحة الأم والحليب يؤدي لاستيقاظه؛ لأنه يريد باستمرار أن تقوم الأم بتدليله وملاعبته واحتضانه، وعكس ذلك تماماً يحدث حين ينام على صدر أو كتف الأب فينام سريعاً.
توقعي أن يكون الأب أكثر صبراً، ولن يكون متسماً بالعصبية عندما يبكي الرضيع مهما طالت مدة بكائه؛ لأنه سوف يستمر في هزه فقط حتى يخلد إلى النوم؛ ولأنه لا يجيد تصرفات أكثر من ذلك، في حين أن الأم سوف تقوم بعدة إجراءات واحتياطات في حال استمر الطفل بالبكاء، وهي تحاول تنويم الطفل وكفه عن البكاء، مما يزيد من تعبها وإجهادها.
التوازن النفسي في المنزل يقلل من توتر أعصاب الأم خاصة لو كانت نفساء، ويجعلها قادرة على التخطيط لإدارة يومها وتغيير نمط حياتها الذي أصبح محصوراً في الرضاعة وتغيير الحفاضات، ولذلك فمن الطبيعي أن هذا التوازن سوف ينعكس على الرضيع الذي سيصبح أكثر هدوءاً وأقل تعرضاً لنوبات البكاء.
نصائح لنقل المولود بسرعة من النوم الخفيف إلى النوم العميق
مولود نائم نوماً عميقاً
اعلمي أنه من الخطأ أن تربطي بين انتهاء مرحلة الرضاعة وضرورة نوم الطفل؛ لأن الطفل تبدو عليه علامات وأعراض النعاس من خلال عدة حركات يقوم بها مثل فرك العينين، ولذلك يجب أن تضعيه في سريره بعد أن ينتهي من الرضاعة؛ لكي تساعديه على النوم بمفرده.
لاحظي أن الضوضاء الناعمة يمكن استخدامها بشكل فعال في مرحلة تهيئة واستعداد الطفل للدخول في مرحلة النوم العميق؛ مثل تشغيل صوت آلة منزلية في البيت بحيث يكون الصوت على بُعد متوسط ومناسب من الطفل وليس قريباً جداً منه؛ لكي لا يؤدي قربه إلى نتائج عكسية.
اعلمي أن الطفل وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه سوف يعتاد الروتين كما يحبه بشكل ملحوظ، وسوف تلاحظين مثلاً أنه يضع قدمه الصغيرة ويدليها بسرعة في حوض الاستحمام حين يعتاد على أن يستحم ويغمر جسمه كل ليلة بالماء قبل نومه بساعة، ولذلك فترتيب فقرات وبنود أو جدول صغير لنومه، يشمل تغيير الحفاض أولاً والرضاعة والغناء المنخفض الهامس وخفض الإضاءة، فهذه عوامل يجب أن تكون مجتمعة؛ لكي تُسهم في إدخال الطفل سريعاً في مرحلة النوم العميق.
عوّدي مولودك ومنذ سن مبكرة على التفرقة بين الليل والنهار؛ حيث إن جعل نهار الطفل ورغم صغر سنه تفاعلياً موحياً بالحركة والصخب المحبب والحياة مع إضاءة طبيعية مثل دخول أشعة الشمس الهادئة من النوافذ، وتعويد المولود مبكراً على سماع الأصوات وعدم بقائه طيلة الوقت في غرفة صماء ورؤية الأشخاص المقربين يتحركون وينشطون من حوله، وحين يحل الليل يجب أن تمنحي الليل طبيعته التي خلقها الله من أجل الراحة والنوم وعدم قلب الليل إلى نهار، مما يساعد الرضيع على تنظيم نومه ودخوله سريعاً في مرحلة النوم العميق.