
كشفت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة "إنترماونتن هيلث" الأمريكية، أن أي شكل من أشكال ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يزيد من خطر الإصابة بمضاعفات قلبية وعائية بعد الولادة، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية وفشل القلب، وقد يصل الأمر إلى الوفاة خلال السنوات الخمس اللاحقة للإنجاب، بحسب سبوتنيك.
وأبرزت الدراسة، التي أجراها باحثون في المؤسسة، أن النساء اللواتي يعانين من ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل أكثر عرضة للمضاعفات القلبية مقارنة بغيرهن، مشددة على الارتباط الطويل الأمد بين هذه الحالة وصحة الأم المستقبلية، وفقا لموقع "ميديكال إكسبريس".
وحلل الباحثون سجلات أكثر من 218 ألف حالة ولادة لـ157 ألف مريضة في 22 مستشفى تابعة للمؤسسة بين أعوام 2017 و2024، مركّزين على التشخيصات المتعلقة بارتفاع ضغط الدم المزمن وارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل، ثم تابعوا المريضات لمدة 5 سنوات لمراقبة الأمراض القلبية.
وأظهرت النتائج أن 19.7% من المريضات تم تشخيصهن بارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، معظمها في الولادة الأولى، وسجلت هذه الفئة عوامل خطر قلبية إضافية مثل السمنة والتدخين والسكري وارتفاع الدهون والاكتئاب والحالة الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة.
وتفيد الدراسة بأن شدة ارتفاع ضغط الدم ترتبط مباشرة بزيادة احتمالية المضاعفات القلبية، حيث تصل مخاطر فشل القلب من 3 إلى 13 ضعفًا، والسكتة الدماغية من 2 إلى 17 ضعفًا، والنوبة القلبية من 3 إلى 7 أضعاف، وأمراض الشرايين التاجية من 2 إلى 7 أضعاف، والوفاة من 1.4 إلى 4 أضعاف، مقارنة بالنساء اللواتي لم يعانين من ارتفاع ضغط الدم.
وأكدت الدراسة أن النساء المصابات بارتفاع ضغط الدم المزمن والارتعاج يواجهن أكبر مخاطر قلبية مستقبلية مقارنة بغيرهن، ما يبرز الحاجة إلى متابعة دقيقة قبل وأثناء وبعد الحمل.
وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة كيسمت راسمسون، الباحثة في برنامج فشل القلب المتقدم بالمؤسسة، إن "المخاطر القلبية تمتد إلى جميع النساء المصابات بارتفاع ضغط الدم، وتزداد في الحالات الشديدة مثل الارتعاج"، مشيرة إلى أن "العديد من الحوامل لا يزلن يجهلن هذه المخاطر الطويلة الأمد".
ودعت راسمسون إلى تحسين تحديد النساء اللواتي يحملن هذه عوامل الخطر وضمان حصولهن على الرعاية المناسبة في جميع مراحل الحمل وما بعده، مع التركيز على الحالات الشديدة، وأبرزت أهمية الرعاية متعددة التخصصات التي تشمل مشاركة طب الأسرة وأمراض القلب في فرق الرعاية لتقديم نموذج شامل للرعاية السريرية للمرضى الأكثر عرضة.
وأشارت الدراسة إلى أن تكامل الرعاية بين الأقسام الطبية يتيح تقديم دعم مستمر للنساء المعرضات لمخاطر ارتفاع ضغط الدم، ويعزز الوقاية المبكرة من المضاعفات القلبية، مما يساهم في تقليل معدلات الاعتلال والوفاة بين الأمهات.
وأوضح فريق البحث أن رفع الوعي بين المرضى ومقدمي الرعاية أصبح ضرورة ملحة، خاصة في الحالات الحادة من ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، مشيرين إلى أن هذه الحالة ترتبط بمجموعة واسعة من العوامل الصحية والاجتماعية، مما يزيد من تعقيد الوقاية والعلاج ويتطلب مراقبة دقيقة للأعراض والفحوصات المخبرية.
وأكد الباحثون أن الفهم الشامل لعوامل الخطر وتوظيف فرق رعاية متعددة التخصصات يمثل الحل الأمثل لتقليل المضاعفات الطويلة الأمد، مشددين على أهمية المتابعة المنتظمة بعد الولادة لتقييم أي تطورات قلبية مبكرة، بما في ذلك تكرار ارتفاع ضغط الدم أو ظهور أعراض قلبية وعائية جديدة.
وأضافوا أن تنفيذ بروتوكولات متابعة دقيقة للنساء اللواتي تعرضن لارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يمكن أن يحد من المخاطر ويحسن النتائج الصحية على المدى الطويل.
واعتبرت راسمسون أن النتائج تمثل دعوة لإعادة النظر في برامج الرعاية الصحية للحوامل، خاصة فيما يتعلق بالمراقبة القلبية بعد الولادة، وإدخال نظم تقييم شاملة تشمل تاريخ ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل وأي عوامل خطر مصاحبة، موضحة أن هذه المقاربة يمكن أن تقلل من عدد النوبات القلبية والسكتات الدماغية وحالات فشل القلب والوفيات بين الأمهات في السنوات الخمس التالية للولادة.
وأكد الباحثون أن النتائج تشكل تحذيراً مهماً للأنظمة الصحية، ويجب ترجمتها إلى سياسات واضحة لمتابعة الأمهات بعد الولادة، بما في ذلك تقييم عوامل الخطر القلبية والفحوصات الدورية والإرشاد الغذائي ونمط الحياة الصحي.
ودعت الدراسة إلى دمج الرعاية ما بعد الولادة في برامج الصحة العامة، مع التركيز على النساء اللواتي تعرضن لارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، لتعزيز الاكتشاف المبكر للمضاعفات وتمكين التدخل العلاجي في الوقت المناسب، معتبرة هذه المقاربة خطوة حاسمة للحد من الوفيات والأمراض القلبية المزمنة بين النساء بعد الولادة.