
سلافة الماغوط*
الصمت الذي أصبح حديث العالم
الفرحة التي تموت أمام محراب الحزن
وردة على قبر شهيد تورق وتنتشر عطرا وأسى
عيون أبت أن تبكي
وحناجر أبت ألا تصمت
كلها تنادي فلسطين
التي حركت براكين الإنسانية
المدفونة في أعماق الروح
فجأة الكون كله توحد
مهما حاول الأعداء تفرقته وتضليله
شكرا لفلسطين التي جمعت البشر
وأيقظت الإنسان الغارق في تفاهات الحياة اليومية
لتذكره أن الحياة ليست فقط عجلة
يعلق بها الهامستر
وإن له أجنحة
ولسانا
وموقفا
لا بروباغندة اللوبي ولا أسلحة الدمار الشامل
استطاعت أن تقف في وجه بندقية المناضل
أو حجارة في يد طفل
ولا أن تمنع زغاريد الأمهات الثكالى في جنازات أبنائهن
من فلسطين انتشر غبار الطلع
في كل مكان
ليلقح كل الأزهار الدانية من الأغصان
وتحول الحلم الفلسطيني إلى راية
يحملها كل أحرار العالم
الذين يرفضون الصمت
أمام إبادة شعب أعزل
يرفضون السير مع التيار
وتجاهل عنفوان أمة خذلها الزمان
لأول مرة أعرف أن الضعف يحول الإنسان إلى مارد
كما الشرنقة تتحول إلى فراشة بأحلى الألوان
والمأساة إلى أسطورة
والجنون إلى عظمة
والظلم إلى قضية
أنت يا فلسطين
باسم أشجار الزيتون كلها في بساتينك
وباسم الأقصى
باسم جولايث
باسم الكوفية والمندل
باسم كل مسبحة
بيد عجوز عاش أهوال الحرب
باسم كل كاتب قدم حياته على كفه
باسم حنظلة ومحمود درويش
وباسم فساتين أمهاتك المطرزة بالخيط والإبرة
وباسم دماء شعبك الطاهر
الممزوج بإسفلت الطرقات
تكتبين تاريخك
صوتك لم يقمع
صوتك هو صوت كل إنسان حر
رفض أن يعيش حياة مغمسة بالذل
وفضّل الجوع والسجن والموت بكرامة
فداء لأرضك
التي لا تباع ولا تشترى
مثل الجواري في سوق النخاسة
فقط لأنها لا تنجب إلا الأحرار
هكذا تعلمنا
وهكذا سمعنا
وهكذا شاهدنا
لا صفقة القرن
ولا وعد بلفور
ولا الحروب الصليبية
ولا العدوان الثلاثي
استطاع أن ينفي الياسمين
أو يعتقل برتقالة واحدة من حقولك
أو يقطف عنقودا واحدا من كرومك
أو يغتال الرجولة
*شاعرة من سوريا