
خاص - العربي الامريكي اليوم - كتب : محمد محمد ابراهيم - في طموح استثنائي، يختزل مسيرة نضال وتفوق المهاجرين اليمنيين في الولايات المتحدة الأمريكية، ظهر الاسمان اليمانيان ناجي المدحجي وآدم الحربي كمرشحين لمنصب عمدة مدينتي ديربورن وهامترامك بولاية ميشيغان، ضمن انتخابات ستشهدها المدينتان في نوفمبر المقبل، مستندين إلى برنامج انتخابي طموح يرتكز على مشتركات نبيلة تشي بواحدية الطموح اليمني، حيث يرتكز البرنامجان على ورؤية تنموية متكاملة تشمل مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وليس غريبا ًهذا الترشح الذي يشكل لحظة فارقة في الحضور اليمني المتصاعد في الشأن المحلي الأميركي، فهو بوصفه الإجرائي يعتبر امتداداً طبيعياً لقصتي نجاح حققهما المدحجي والحربي في المهجر، بدأتا بالتفوق الادري للوقت، حتى تحقيق النجاح الشخصي ومرتا بمحطات من الحضور الأسري والاجتماعي وصولاً الى الاهتمام بقضايا المجتمع المحلي في مدينتيهما، فمن هو ناجي المدحجي؟ ومن هو آدم الحربي؟ وما هي مرتكزات ومميزات برنامجيهما الانتخابيين عن غيرهما؟. كل هذه الأسئلة وغيرها، هي ما حاولت مجلة العربي الأمريكي اليوم تقديم اجابتها في هذا التقرير الصحفي... إلى التفاصيل.
يتميّز اليمني الامريكي المهندس ناجي المدحجي-الذي يعد أول يمني أمريكي يرشح نفسه لمنصب عمدة ديربورن- بامتلاكه خبرة إدارية ومهنية وسياسية طويلة، وله سجل حافل في قضايا الحوكمة المحلية والتخطيط التنموي والالتحام اليومي بقضايا الناس وهمومهم.
ومن اللافت والمميز في حملته الانتخابية التي دشنها المدحجي في فبراير الماضي، ولا تزال مستمرة حتى الآن، إنها تحمل شعار “ديربورن أولًا”، هو شعار بليغ يشير، إلى إصراره الكبير على إعلاء المصلحة العامة لمجتمع المدينة المحلي، على كل الاعتبارات، كما أنه يؤكد التزام المرشح المدحجي بتحقيق التغيير الإيجابي وتعزيز التنمية، والسير بمدينة ديربورن نحو مستقبل أكثر إشراقًا، حيث يؤمن المدحجي إيماناً مطلقاً بأن الفرصة مواتية أمامه أمام ناخبيه للنهوض بمدينته بديربورن التي يبلغ عدد سكانها حوالي 109,976 نسمة، وفقًا لتعداد السكان لعام 2020م، لذلك فإن المدينة تشهد تنافسًا انتخابياً محموماً في السباق على منصب العمدة، حيث يسعى المرشحون إلى كسب دعم الناخبين من خلال برامج تستهدف تحسين الخدمات وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المدينة، غير أن ما يميز المرشح اليمني الأمريكي ناجي المدحجي هو قربه من المواطنين.
أما رجل الأعمال اليمني الأمريكي المهندس آدم الحربي-الذي ترشح لمنصب عمدة هامترامك خلف لعمدتها السابق رجل الاعمال اليمني الدكتور أمير غالب- فيُعرف بقدراته التنظيمية وكفاءته العالية في قيادة مؤسسات خدمية وتنموية واستثمارية ناجحة، إذ يحسب له على الصعيد الشخصي أنه سجل قصص نجاح خاصة جسرت بين الاصالة والمعاصرة، كما عرف بدعمه لبرامج النشء والشباب، وبرامج التنمية وخدمة المجتمع المحلي في مدينة هامترامك.
ومن خلال برامج حملته الانتخابية، ومناظراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فقد ابدى جاهزية عالية لقيادة مدينة هامترامك، ولعل أبرز تلك المناظرات هو ما شهدته مكتبة هامترامك العامة مساء الجمعة، 20 يونيو 2025، من حدث انتخابي تمثّل في المنتدى الانتخابي التمهيدي الذي نظمته لجنة مستقلة لتعريف سكان المدينة بمرشحي منصبي العمدة ومجلس المدينة، وكان هذا المنتدى فرصة لأن يظهر الحربي علناً لأول مرة في مناظرة جماهيرية في حملته الانتخابية، كمرشح ضليع بالمنافسة وربما الفوز بمنصب عمدة مدينة هامترامك.
وخلال المنتدى، قدم الحربي مداخلات استعرض من خلالها التحديات التنموية التي تواجه المدينة، كما رؤى عملية في مجالات: الأمن المجتمعي، دعم الاقتصاد المحلي، وتعزيز الشفافية في العمل البلدي، وفق طرح قيادي مسؤول يشي بثقة كبيرة بأدوات العمل وسبل النجاح، كما يؤكد ذلك الطرح الواثق استعداده لتحمل المسؤولية إزاء قضايا واحتياجات المدينة في حال نال ثقة أغلبية الناخبين، وهو ما لاقى اعجاب واهتمام الحضور من أبناء المجتمع المحلي من جميع أنحاء مدينة هامترامك التي يبلغ حوالي 22,423 نسمة وفقًا لتعداد السكان لعام 2010م.
مشتركات الطموح
ومن اللافت أن المدحجي والحربي يعدان من أهم الوجوه الشابة التي استطاعت إحداث تأثير ملموس في البيئة المدنية، في مدينتي ديربورن وهامترامك، ويتعان بمشتركات إيجابية عملية بالغة الأهمية، حيث يجمعهما التفاني والإيمان بقدرة المجتمعات على التحول حين تحظى بقيادات رشيدة، وهو ما يظهر جلياً في تركيزهما على قضايا مثل دعم رواد الأعمال، وتمكين المرأة والشباب، وتحقيق العدالة العمرانية، وتوزيع الخدمات بالتساوي على التجمعات الحضرية.
ومن أهم المشتركات الجامعة بينمها، أن البرنامج الانتخابي لكل من المدحجي والحربي يرتكز على إحداث تحول نوعي في الخدمات الأساسية والبنى التحتية في المدينتين، من خلال مقاربات إدارية مدروسة لتعزيز الاستثمار المحلي، وتوسيع شبكة التعليم العام والمهني، وتحسين قطاع الصحة، وإعادة تأهيل الطرق والمرافق العامة، إضافة إلى برامج مستدامة تعزز التماسك الاجتماعي وتحفز المشاركة المدنية. وتمثل الرؤية المستقبلية للمرشحين منصة للتكامل بين العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي، وتوسيع دائرة الفرص المتاحة أمام فئات المجتمع كافة، وفقا لبيانات الحملة الانتخابية للمرشحين.
وتأتي أهمية البرنامج الانتخابي لكل من المدحجي والحربي من كونه يحاكي حاجات واقعية وطموحات تنموية ملموسة لسكان ديربورن وهامترامك، بما يتجاوز الخطاب السياسي التقليدي نحو مشاريع قابلة للتنفيذ. ويدعو المرشحان إلى تبني نموذج حضري مرن يربط الحوكمة المحلية بالتنمية المستدامة، ويؤكدان على أولوية العدالة الاقتصادية والاجتماعية وتوفير الخدمات لجميع السكان بغض النظر عن خلفياتهم، بما يعزز من تلاحم المدينة ويعيد الاعتبار للدور القيادي للبلديات.
رمزية الترشح بالنسبة للمهاجر اليمني
يمثل ترشحهما تتويجًا لمسار طويل من الحضور اليمني الفاعل في المهجر الأميركي، حيث انخرط اليمنيون منذ عقود في مختلف مجالات العمل والإنتاج في ولايات متعددة، لا سيما في نيويورك وميشيغان وكاليفورنيا. وقد أسهموا في بناء قطاعات التجارة والمطاعم والخدمات والنقل، وأسسوا جاليات راسخة اجتماعياً وثقافياً، وتمكّن العديد منهم من الوصول إلى مواقع مؤثرة في الإدارة المحلية، ما عزز من مكانتهم كمكوّن فاعل في النسيج الأميركي المتعدد الثقافات.
كما يعكس هذا الترشح المتقدم حجم النقلة التي حققها اليمنيون في سياق الشتات، وكيف يمكن أن يتحول الحنين إلى الوطن إلى طاقة مدنية تصنع التغيير حيثما وُجد اليمنيون. ومن خلال مرشحين مثل المدحجي والحربي، يُعاد رسم صورة المهاجر اليمني من مجرد عامل أو تاجر إلى شريك في صياغة القرار المحلي وصناعة التحولات المجتمعية.
ومن الجدير الإشارة إليه، هو أن آدم الحربي المرشح الضليع لمنصب عمدة مدينة هامترامك، تأتي في سياق إيجاد البديل للعمدة السابق أمير غالب حيدرة الذي نال ثقة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، فعينه سفيراً للولايات المتحدة في دولة الكويت، ويعد أمير أول يمني أمريكي مسلم يشغل منصب عمدة للمدينة، حيث فاز في منافسة انتخابية جرت في المدينة في نوفمبر 2021، إذ حصل على 3,232 صوتًا مقابل 1,485 لمنافسته، وكان غالب حيدرة قد هاجر إلى الولايات المتحدة في نهاية التسعينيات وعمره 16 عامًا، ودرس الثانوية العامة في مدارس المدينة، وحصل على البكالوريوس في العلوم الطبية من جامعة "وين ستيت" عام 2005م.
*نرجو التنويه الى أن هذه المقالة كُتبت من قبل الزميل محمد محمد ابراهيم ونشرت في مجلة (العربي الأمريكي اليوم) وسقط اسمه ولذا لزم التنويه.