معركة الرابع من نوفمبر 2025 الانتخابية القادمة على منصب عمدة ديربورن، بين العمدة الحالي الأستاذ عبدالله حمود، وبين المهندس ناجي المدحجي، هي أولاً معركة سياسية بحتة داخل البيت العربي الواحد، وليست بين طائفتين ولا بين جاليتين، كما يحاول البعض جرّها إلى هذا الطريق الوعر والخطير، الذي قد يدمر قيم العيش المشترك بيننا كمجتمع عربي واحد يؤمن بالقيم ذاتها.
ولا يجب أن نسمح بذلك أبدًا، بل علينا الإصرار على أن هذه الانتخابات، في حقيقتها، جولة سياسية ضمن جولات الحراك الديمقراطي المستمر في وطننا العظيم، الولايات المتحدة الأمريكية، وهو حراك متعارف عليه منذ الاستقلال وحتى اليوم، وليس غير ذلك.
هي مواجهة بين فارسين من فرسان الجالية العربية الكبيرة والمحترمة، اللذين نكنّ لهما كل الاحترام والتقدير. قد نتفق مع أحدهما ونختلف مع الآخر، اتباعًا للقانون والدستور، ووفقًا لما تقتضيه المصلحة العامة، لا بناءً على اصطفاف أعمى مع هذا أو ذاك، لأن ضرره سيكون أكبر من نفعه.
ولولا السياسات العقيمة والإقصائية لبعض المنتفعين سياسيًا – والتي طالما حذرنا منها ولا نزال – لما كنا وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.
ومع ذلك، فهذا قدرنا. كنا، وسنبقى – بحول الله – جالية واحدة، قبل الانتخابات وبعدها. وعلينا أن ننتبه جيدًا إلى أن هذا بحد ذاته إنجاز تاريخي كبير: لأننا كعرب أمريكيين أصبحنا نحدد من سيكون العمدة في مدينتنا الرائعة ديربورن، ويجب أن نحافظ عليها كذلك.
وهي أيضًا – في الوقت نفسه – مواجهة بين فكرين مختلفين، وبين ثقافتين متضادتين، وهذا أمر وارد في العمل السياسي.
من جهة، هناك ثقافة السياسة المتهورة والمندفعة، التي تؤمن بأن "كل شيء ممكن"، وأنه في سبيل تحقيق الأهداف، يهون الغالي والنفيس، مهما كان الثمن باهظًا على المستوى الأخلاقي والقيمي والمجتمعي.
ويمثّل هذه الثقافة العمدة الحالي عبدالله حمود، الذي وقفنا جميعًا معه في الانتخابات السابقة وأوصلناه إلى مكتب العمدة. لكنه اليوم يؤمن بثقافة مغايرة، لا تنسجم مع قناعة غالبية سكان المدينة، وذلك لأسباب ومطامح سياسية حالية ومستقبلية نعرفها جيدًا.
وهي ثقافة غاية في الخطورة على المجتمع الديربورني ككل، دون استثناء.
ومن جهة أخرى، هناك ثقافة "الإنسان أولًا"، مع الاهتمام ببقية التفاصيل الأخرى، ولكن دون التفريط في القيم أو الأخلاق من أجل مكسب سياسي آني وغير مضمون النتائج.
ويمثل هذه الثقافة المهندس ناجي المدحجي، الذي يدعو إلى الحفاظ على القيم والأخلاق، لأن المجتمع الذي لا أخلاق له، هو مجتمع ضعيف، سرعان ما سينهار ويندثر.
وعليه، فإن على الناخب مسؤولية أخلاقية ودينية كبرى في أن يختار الاختيار الصحيح، بعيدًا عن العصبية، والطائفية، والفئوية، والشللية، وأن يحدد أين سيقف، ومن سيختار، لأنه هو من سيدفع ثمن هذا الاختيار.
أعود فأقول: إن الانتخابات القادمة في الرابع من نوفمبر 2025 صارت في البيت العربي الأمريكي الواحد، ومهما كانت النتائج، فيجب أن نبقى يدًا واحدة، لأن في تمزقنا سنخسر ما ناضلنا من أجله طيلة قرن بأكمله ، والفائز منهما سيكون عمدتنا وقائد مدينتنا ، وله كل الاحترام والتقدير ، ولنا الحق أن نتفق معه أو نختلف ، وفقا للقانون والدستور ، في بلاد لا أحد أكبر فيها من الدستور والقانون ، بعيدا عن التخوين والتجريح والتخويف الرخيص والجدل العقيم الذي لاطائل منه ، فالطريق واضح وصندوق الانتخابات مفتوح ، بحماية وقوة القانون ولك أن تختار من تراه يمثلك ويمثل قيمك دون خوف أو مهابة من أحد فهذا حقك الدستوري ولن يستطيع كائنا من كان أن ينتزعه منك.
وأخيرًا، وليس آخرًا:
صوتك أمانة، فضعه في المكان الصحيح.