
خلصت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة Brain and Behavior إلى أن إدمان السكر لا ينبغي أن يُعتبر مجرد تعبير مجازي، بل هو حالة سلوكية قابلة للقياس العلمي، وتتشارك الكثير من السمات العصبية والسلوكية مع إدمان المواد المخدرة. قاد الدراسة دي تشين (Di Qin) من مستشفى الاتحاد الصيني الياباني بجامعة جيلين، بالتعاون مع باحثين من جامعة تشانغتشون للتكنولوجيا، بحسب الرجل.
وقد اعتمد الفريق على مراجعة شاملة للأبحاث التي توثق تأثير السكر على أنظمة المكافأة في الدماغ، إضافة إلى أنماط السلوك القهري، والتغيرات الكيميائية التي يسببها استهلاك السكر المتكرر، مما يؤكد أن السكر يمكن أن يؤدي إلى حالة من "الإدمان السلوكي" كما هو الحال مع القمار أو ألعاب الفيديو.
كيف يؤثر السكر في الدماغ؟
تُظهر الدراسات أن استهلاك السكر يحفّز نظام الدوبامين في الدماغ، وهو المسؤول عن الإحساس بالمكافأة والسعادة. ومع التكرار، تتراجع الاستجابة لهذه المحفزات، ما يؤدي إلى الحاجة لاستهلاك كميات أكبر لتحقيق الأثر نفسه، وهي آلية تُشبه ما يحدث مع إدمان المخدرات.
وفي التجارب على الحيوانات، أظهرت الفئران التي أُعطيت السكر سلوكيات شبيهة بالإدمان: من البحث القهري عن السكر، إلى صعوبة التوقف، وظهور أعراض انسحاب عند الانقطاع. اللافت أن هذه الفئران كانت أكثر استجابة للمنشطات مثل الكوكايين، ما يُشير إلى أن السكر يُهيّئ الدماغ لاستقبال الإدمان بأنواعه.
ويُضاف إلى ذلك أن السكر يؤثر في هرمونات الجوع والشبع مثل الغرلين واللبتين، ما يؤدي إلى اضطراب الشهية وزيادة الأكل العاطفي، خاصة في أوقات التوتر والقلق.
أضرار السكر على الصحة والمخ
تُحذّر الدراسة من أن إدمان السكر لا يتوقف عند التأثيرات العصبية، بل يمتد إلى الجوانب الجسدية؛ فالنظام الغذائي الغني بالسكر قد يؤدي إلى البدانة، والسكري، وأمراض القلب، إضافة إلى التهابات مزمنة تُضعف المناعة. كما لُوحظ ارتباط بين السكر والتدهور المعرفي، بما في ذلك ضعف الذاكرة، فرط النشاط، والاندفاعية، خاصة عند الأطفال والمراهقين.
ورغم هذه النتائج، تبقى القضية محل جدل. فقد نشرت مجلة European Journal of Nutrition في عام 2016 مراجعة تشكك في فكرة أن السكر مادة "مسببة للإدمان" فعليًا، مشيرة إلى أن كثيرًا من السلوكيات المشابهة للإدمان في الحيوانات تظهر فقط عند تقييد استهلاك الطعام وليس بسبب السكر بحد ذاته. كما نبهت إلى أن التجارب البشرية تعتمد غالبًا على استبيانات ذاتية لا تفصل بين تأثير السكر وباقي مكونات الأطعمة المصنعة.
ورغم الخلاف، تتفق الدراسات على أهمية خفض استهلاك السكر، وضرورة تعزيز الوعي المجتمعي بمخاطره، خصوصًا في مرحلة الطفولة، مع الدعوة إلى مزيد من الأبحاث حول العوامل الجينية والنفسية التي ترفع قابلية الإدمان، وتقييم فاعلية العلاجات السلوكية والدوائية المقترحة.