يديعوت.. إسرائيليون: يجب إسقاط الحكومة فوراً.. بإضراب عام

2025-07-16

حكومة سوية ما كانت لتمزق نسيجنا الاجتماعي، وما كانت لتهدم “الدولة اليهودية والديمقراطية” التي قاتلنا ولا نزال نقاتل في سبيلها (أ ف ب)أدعو إلى إسقاط الحكومة في إسرائيل رغم عدم ارتياحي لأنها منتخبة، لكن أحداث الأيام الأخيرة أوصلتني إلى استنتاج واحد ووحيد، استنتاج لم يسبق لي أن وصلت إليه طوال حياتي – ما يدير شؤون إسرائيل اليوم هي حكومة غير سوية.

ما كانت حكومة سوية لتمضي بانقلاب قضائي في ذروة حرب في سبع ساحات، ينبغي فيها اتخاذ قرارات في شؤون الحياة والموت، وما كانت لتمزق الشعب، وتزرع فيه الكراهية وتمس بدافعية القطاعات التي تقاتل وتتحمل العبء.

حكومة سوية ما كانت لتعمل على قانون يعفي 80 ألف شاب مؤهل من التجنيد بل وتحفزهم على عدم التجند بعطايا يتلقونها على حساب دافع الضرائب، في الوقت الذي يتعطش فيه الجيش إلى 10 آلاف مجند كي يحافظ على الإنجازات الأمنية التي وصلنا إليها ويمنع التدهور إلى حرب جديد بعد وقت قصير.

حكومة سوية ما كانت لتمزق نسيجنا الاجتماعي، وما كانت لتهدم “الدولة اليهودية والديمقراطية” التي قاتلنا ولا نزال نقاتل في سبيلها.

إن التركيز على نتنياهو بوصفه أنه جذر الشرور كلها ليس صحيحاً. إنها الحكومة كلها، بكل أعضائها. أخاف منهم. أنا ببساطة أخاف منهم. تحليل العوامل والدوافع أن حكومتنا صعدت إلى مصاف “مسيرة السخافة” وتعمل بخلاف مصالحنا الأمنية والقومية، وبخلاف المنطق السليم، لكن يبدو أن التشويه الفكري والخسوف الذي عانت منه هذه الحكومة يؤدي بنا إلى أفكار باتت غريبة، ضارة وخطيرة؛ مثلاً “المدينة الإنسانية” التي يطلب نتنياهو وسموتريتش من الجيش إقامتها بين محور موراغ ومحور فيلادلفيا. حسب الخطة الموجودة الآن لدى الجيش، فالحديث لا يدور عن معسكر اعتقال لا سمح الله، ولا عن معسكر إبادة، مثلما تدعي محافل في اليسار الإسرائيلي ولدى قسم من وسائل الإعلام الدولية، إنما النية إقامة معسكر لاجئين كبير تضطر إسرائيل لتبذير المليارات لإقامته على شبكات المياه، المجاري، وخدمات الصحة العامة والمستشفيات الضرورية لمئات الآلاف في البداية، ولمليون فلسطيني في نهاية المسيرة.

لكن فضلاً عن الزمن الذي سيكون ضرورياً لإقامة معسكرات اللاجئين هذه، والمقدرات التي ستستثمر فيها، فليس واضحاً أي هدف عسكري وأي مصلحة إسرائيلية ستخدمها هذه “المدينة الإنسانية”.

يعتقد وزير الدفاع كاتس ورئيس الوزراء نتنياهو بأن جمع السكان الفلسطينيين قرب الحدود مع مصر يقرب هجرة السكان إليها. فسموتريتش ومعه لدانييلا فايس أيضاً، يأملان بأنها الطريقة التي ستفرغ لهما مناطق لاستيطان متجدد في قطاع الفلسطينيين، لكن هذا سيكون هذياناً تاماً؛ إذ لا دولة غربية مستعدة لاستقبال عشرات آلاف اللاجئين من غزة، ناهيك عن مئات الآلاف.

نصف الغزيين على الأقل مستعدون للهجرة من القطاع، لكنهم لا يفعلوا هذا إلا إلى دول غربية، حيث يتحسن وضعهم، وليس إلى دول إفريقية أو آسيوية حيث سيتفاقم وضعهم الشخصي.

كما أن فكرة إقامة مدينة مؤطرة جنوبي القطاع تفصل السكان عن حماس، ليست ممكنة التنفيذ، بل منقطعة عن الواقع. فمثلما حصل في المنطقة الإنسانية في المواصي وفي مناطق أخرى في غزة، سينتقل أعضاء حماس بلا سلاح مع عائلاتهم إلى المدينة الإنسانية جنوبي محور موراغ، وهناك سيخوضون معارك شوارع مع أناس العشائر الذين سبق أن تمردوا عليهم، والذين سيأتون أيضاً إلى المدينة الإنسانية للحصول على الغذاء. “الصمامات” التي سيقيمها “الشاباك” كي يرشح أعضاء حماس والجهاد الإسلامي من بين الوافدين إلى المدينة الإنسانية سبق أن ثبتت عدم نجاعتها، عندما فر سكان شمال القطاع للنجاة بأرواحهم إلى المواصي وبينهم أعضاء حماس، وكذا عندما سمح لأولئك الناس بالعودة إلى شمال القطاع وحاولت الشركة الأمريكية الفصل بين الإرهابيين والمدنيين غير المشاركين، وفشلت.

لو كانت لنا حكومة عقلانية وبراغماتية لفهم رئيس الوزراء ووزراؤه بأننا انتصرنا في كل الساحات، ربما باستثناء اليمن.

رئيس الوزراء، الذي يرى نفسه كدرع مطلق للشعب اليهودي على أجياله، غير مستعد للاعتراف بذلك، لكن تبقى في غزة القليل مما يمكن أخذه من حماس من خلال أعمال الجيش الإسرائيلي. صحيح أن حماس لم تحسم، لكنها هزمت. هي لم تحسم رغم أن معظم قدراتها العسكرية، بما في ذلك الأنفاق، أخذت منها، لكنها لا تزال تملك الإرادة للوقوف على قدميها وإدارة حرب عصابات من خلال خلايا صغيرة.

 

يرى نتنياهو في الإسلام المتطرف العدو المطلق الذي يجب إلغاؤه من المنطقة تماماً من خلال إبادته الجسدية أو طرده إلى مناطق أخرى. ما دامت حماس على مسافة 800 متر عن “سديروت”، فإنها تشكل خطراً. نتنياهو ليس مخطئاً، لكن كلفة نصر عسكري مطلق يحاول تحقيقه ربما تجعل نصراً كهذا أشبه بهزيمة.

في كل حرب، سواء كانت ضد جيوش إرهاب أو ضد جيوش لدول، يجب أن تكون النهاية سياسية، وهكذا أيضاً يجب أن يكون في حرب 7 أكتوبر في كل ساحاتها السبع. في لبنان وسوريا نحن الآن في مسيرة الانتقال إلى المرحلة السياسية، وهكذا أيضاً في إيران، وإن كان هذا سيستغرق زمناً أطول. وفي غزة، يجب أن نعمل أمرين بالترتيب التالي:

الأمر الأول، إعادة المخطوفين. كلهم. عندها يمكن للجيش، إذا لم يكن وقف نار دائم، أن يعمل بنجاعة ضد 3 – 4 مراكز الثقل التحت أرضية الأخيرة المتبقية لحماس في غزة. ما دام لدى حماس حتى ولو مخطوف واحد، فلن يتمكن الجيش من إنهاء المهمة حتى وفقاً بنهج نتنياهو وسموتريتش، اللذين تعدّ أيديولوجيتهما أقرب بكثير مما يظهر للعيان.

إن تحرير المخطوفين سينهي أيضاً الجدال الهدام في إسرائيل، الذي يقسم المجتمع ويزرع الكراهية فيه.

الأمر الثاني هو أنه وجوب الانضمام مع الولايات المتحدة ومع دول المنطقة ومع السلطة الفلسطينية لتفعيل حكم جديد في غزة. نعم، على نتنياهو وسموتريتش السماح للسلطة الفلسطينية بأن تكون جزءاً من اليوم التالي في القطاع، وإلا سنضطر للاختيار بين تحول القطاع إلى الصومال وحكم عسكري إسرائيلي يتطلب منا مقدرات وقوى نفسية لا نملكها.

أمام إسرائيل مبدئين مهمين في المفاوضات على اليوم التالي: الأول، ستكون إسرائيل المسؤولة الحصرية والأخيرة على أمنها وأمن مواطنيها. المبدأ الثاني، يمكن للجيش الإسرائيلي أن يقيم دفاعاً متقدماً في أراضي القطاع. وما لم يتفق على هذين المبدئين، فمن حق إسرائيل إصرارها على عدم وقف نار دائم. كما أن على إسرائيل مساعدة الولايات المتحدة وإدارة ترامب للوصول إلى اتفاق في موضوع النووي والصواريخ مع إيران. هذا ممكن، لكنه يستغرق وقتاً.

هذه هي خلاصة ما ينبغي أن تفعله حكومة في إسرائيل، حتى تضع المصالح الأمنية والقومية أمام ناظرها. لكن إذا لم تصعد هذه الحكومة في غضون أسابيع قليلة إلى مسار عقلاني يخدمنا، فنحن المواطنين، لا مفر لنا. سنضطر جميعاً لبذل الجهود لإسقاطها من خلال إضراب عام إلى موعد نهاية في الاقتصاد يترافق وخروجاً جماهيرياً إلى الشوارع. لا مفر أمامنا. هكذا فقط مثلما يقال في الصلاة: “نرحل هذه الحكومة المغرضة عن البلاد” وننهي “مسيرة السخافة”، قبل أن تلحق هذه الحكومة أضراراً أخطر، ربما غير قابلة للتراجع بأمننا وبنسجينا الاجتماعي.

 

رون بن يشاي

 يديعوت أحرونوت 15/7/2025









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي