
فراس موسى*
صباح جديدْ..
يطلُّ على الشام يوم الأحدْ
فيموتُ الأبدْ
وتثورُ الحياة على نفسها..
الكنائسُ تصدف عن دمعات المسيح..
وأجراسِها..
(باب توما) ترابط في صمتها
وتجفُّ الثمالةُ في كأسِها..
وتتوبُ إلى الله كلُّ بَغيٍّ..
وتسكبُ دمعا على أمسِها..
فصباح جديدْ
يطلُّ على الشام يوم الأحدْ..
التلاميذُ لا يذهبون إلى المدرسهْ..
لا يؤدّون هذا الصباحَ تحيّةَ رفع العَلَمْ..
ولا ينشدون النشيدْ..
عسكرُ الجيش يعصون قادتهمْ..
يتركون الحواجز طوعاً
ويستبدلون البساطير والألبسهْ..
الشياطين يعتذرون عن الوسوسهْ..
يضرب الشعراءُ عن الشعر..
فاليومَ لا يقربون القلمْ..
إنّ مرضى (المواساة) و(المجتهدْ)
في صباح الأحدْ
يهجرون وصايا الأطبّاء.. لا يكرهون الألمْ
لا يردُّ المدانُ أمام القضاء التّهَمْ..
لا تبثُّ الإذاعةُ في الافتتاح برامجها..
والتلفزيون يذهل عن سورتي (غافرٍ) و(المَسَدْ)
العصافيرُ لا تفتحُ الفجرَ بالزقزقهْ..
الحوانيتُ تبقى على غير عادتها مغلقهْ
لا يقول الفتى اليوم للعاشقهْ:
(كم أحبّكِ)..
لا يترقّبها في حديقة (تشرين)..
لا يشكلُ اليوم في شعرها زنبقهْ
الحمائمُ لا تتسكّع فوق السقوف
ولا تثقب اليوم لون السماءْ
ولا تستعيد النوافيرُ هذا الصباحَ البكاءْ
ولا تتنادى الهررْ..
كي تمارس رومانسيّتها تحت حمّى المواءْ
ولا يتسلّى الهواءْ
بتمشيط شعر الشجرْ..
ويفاوضُ مَنْ يُحتضَرْ
موتَه كي يكون من الشهداءْ
على ما جرى في صباح الأحدْ..
والنساءْ..
يقُدنَ انقلابا على سلطة الماكياجْ
ورودُ الحديقة لا تستجيبُ لشكوى السياجْ
ولا يترصّدُ جارَته جارُنا من وراء الزجاجْ
كعادته وهي تنهضُ من نومِها..
ولا تسأل البنتُ عن أمِّها..
فصباح جديدْ..
يطلّ على الشام يوم الأحدْ
المؤذّنُ في الجامع الأمويّ يجافيه وقتُ الأذان..
فلا تتندّى بترتيله المئذناتْ
ويسهو المصلّون عن ربِّهم والصلاةْ
لا جرائدَ رسميّةً تطبع اليومَ
لا مطاعمَ تُفتح.. لا جامعاتْ..
ولا طائراتْ..
توزّع موتاً على نائيات القرى..
ولا يقرأ الحكواتيّ في (النوفرهْ)
سيرةَ الزير أو عنترهْ..
فالبطولاتُ قبل صباح الأحدْ
كلّها كذبٌ وفَنَدْ..
ها هو الشعب يخلق يوم الأحدْ
قدرهْ..
ها هو الشعب سيّدُ هذا البلدْ
فلقد هرب الطاغيهْ..
في الظلامْ..
فهل في الشآمْ..
ترى له من باقيهْ؟
*شاعر فلسطيني