محادثات سرية إيرانية- روسية لتعميق التعاون النووي ودعوات بريطانية لتغيير النظام  

الامة برس-متابعات:
2025-01-13

 

علمت “التايمز” أن دبلوماسية القنوات السرية تهدف لحصول طهران على مساعدة في برامجها النووية وقدراتها الدفاعية (أ ف ب)لندن - نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية تقريرا أعدته غابرييل وينغر وجورج غريلز قالا فيه إن روسيا وإيران تعملان بهدوء على تقوية العلاقات وإجراء محادثات نووية. وتأمل إيران من المحادثات السرية التي تجريها في موسكو بتقوية دفاعاتها العسكرية وقدراتها رغم المحادثات المقبلة مع الغرب بشأن برنامجها النووي.

 وقالت إن علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، أية الله علي خامنئي يقوم برحلات مكوكية جيئة وذهابا على متن رحلات جوية سرية لمقابلة المسؤولين البارزين في روسيا.

وعلمت “التايمز” أن دبلوماسية القنوات السرية تهدف لحصول طهران على مساعدة في برامجها النووية وقدراتها الدفاعية. وكان علي لاريجاني متحدثا باسم البرلمان ومفاوضا سابقا في المحادثات النووية وهو ممثل عن خامنئي ومن المقربين للنظام ولديه سمعة أنه قادر على إنجاز المهام. وأرسل في العام الماضي بمهام لتقوية محور المقاومة بعد مقتل الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، وزار بيروت ودمشق.

وتعتبر رحلاته السرية إلى موسكو علامة على تعمق العلاقات الإيرانية- الروسية والنفوذ الذي بات كل طرف يمارسه على الآخر.

وتأتي تقوية العلاقات بين طهران وموسكو في مرحلة حرجة لإيران، حيث خسرت نفوذا في الشرق الأوسط وتواجه أزمة اقتصادية بسبب العقوبات الغربية المفروضة عليها.

وتهدف جولة المحادثات الجديدة مع أوروبا بشأن البرنامج النووي إلى فتح المجال أمام استئناف المحادثات النووية ورفع العقوبات عن إيران، كهدف نهائي. ومن المقرر أن تعقد الجولة التالية في جنيف يوم الاثنين، ولكن الكشف عن لقاءات سرية مع روسيا من شأنه أن يثير المخاوف بشأن نوايا طهران.

وبحسب مصادر استخباراتية غربية، تتطلع طهران إلى مزيد من المساعدة من روسيا في الموضوعات والخبرات النووية، بعد عقود من التعاون الذي شمل تزويد إيران بالوقود لمفاعل نووي يعمل بالماء الخفيف بقوة 1,000 ميغاواط. ونقلت الصحيفة عن مصدر استخباراتي غربي قوله: “نظرا لتعمق علاقتهما الاستراتيجية، واعتماد روسيا على إيران في الصواريخ والمسيرات، فهناك قلق من استعداد موسكو لتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها سابقا بشأن البرنامج النووي الإيراني”.

وبحسب الدكتور ويليام ألبرك، المدير السابق لقسم الحد من الانتشار النووي في حلف الناتو والزميل في مركز هنري إل ستيمسون بواشنطن العاصمة، فقد كانت روسيا في الماضي جزءا من الإجماع الذي كان لا يريد أن تصبح إيران قوة نووية. وقال ألبرك: “لكن ربما اتخذت روسيا القرار، في الوقت الذي بدأت فيه إيران في إرسال آلاف من المسيرات لاستخدامها في أوكرانيا، وأن الانتشار النووي ليس بالأمر الكبير”.

 ورغم أن إيران لا تحتاج إلى مساعدة في بناء قنبلة، فإنها “ستستفيد بالتأكيد من التعاون السري مع روسيا”، كما قال. وأضاف أنه حتى لو كانت الزيارات قصيرة، فسيستفيد الخبراء الإيرانيون من زيارة الخبراء الروس “يمكن إرسال عالمين إيرانيين إلى أرزماس، بنزا وأي مؤسسة إنتاج نووي روسية. ويمكنهم تعلم الكثير خلال 24 ساعة، وإجازة أسبوعية طويلة ستعطي الإيرانيين الكثير من الأفكار”. وأشار البرك إلى أن إنتاج بقية السلاح ووضعه في صواريخ مناسبة جاهزة للانطلاق، مثل صواريخ باليستية، تحتاج لوقت أطول.

وتقدر المدة الزمنية ما بين أشهر إلى عام. ولكنه قال إن إيران “يمكنها تعلم بناء قنبلة صغيرة ومعقدة، وربما بحجم ميغاطن، أو جهاز نووي يمكن وضعه في قنابل مدفعية”. وتقول مصادر استخباراتية غربية إن إيران تسعى للحصول على أحدث نسخة من مقاتلات سوخوي، سو-35، في محاولة لتحديث قدراتها الدفاعية الجوية. وتقترح تقارير أن إيران اشترتها فعلا. وتريد أن تعيد بناء منظومة الصواريخ التي دمرتها المقاتلات الإسرائيلية في تشرين الأول/أكتوبر، فقد زودت روسيا إيران بنظام أس-300 الصاروخي.

 

كما وطلبت إيران المساعدة اللوجستية باستخدام الوجود الروسي المكثف في المنطقة لإعادة تسليح ميليشيا حزب الله اللبناني، الذي تم القضاء على قيادته وترسانته من الأسلحة إلى حد كبير من قبل إسرائيل خلال الأشهر القليلة الماضية.

وقد تحالفت روسيا وحزب الله مع نظام الأسد في سوريا ضد المعارضة المسلحة التي أسقطت النظام نهاية العام الماضي. واستقبلت موسكو، لاريجاني، وهو ضابط سابق في الحرس الثوري لمناقشة تسليم مسيرات وصواريخ لاستخدامها في أوكرانيا. وقد نفت طهران مرارا إرسالها مسيرات لروسيا، رغم الأدلة التي تشير إلى غير هذا.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر ذكرت صحيفة “التايمز” تسلم شحنة من 100 صاروخ حملت في 25 حاوية من ميناء أميرأباد، شمال إيران ونقلت عبر بحر قزوين. وأدى نقل الصواريخ عن طريق الجو إلى فرض عقوبات جديدة على إيران من قبل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، بما في ذلك ضد شركة الطيران الإيرانية، التي نقلت مئات الصواريخ الباليستية قصيرة المدى إلى روسيا.

وتلتقي إيران يوم الإثنين مجموعة الثلاث في جنيف، وهي بريطانيا وألمانيا وفرنسا. وجاء اللقاء بناء على طلب من إيران التي يحاول نظامها رفع العقوبات والخروج من مأزق المحادثات النووية. وكانت إيران قد عرضت في وقت سابق تحديد سقف لبرنامجها لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60% والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعودة إلى البلاد، وهو ما يشير إلى الابتعاد عن التعاون العسكري الإيراني الروسي. ومن أجل تصنيع القنبلة النووية تحتاج إيران لتخصيب يورانيوم بنسبة نقاء 90%، على الرغم من أن أي مادة مخصبة بأكثر من 20% ينظر إليها أنها في مستوى عسكري.

وتقول الوكالة إن إيران خصبت اليورانيوم إلى 60%. وقال البرك إن إيران خصبت منذ انهيار الاتفاق النووي 839.2 كغم من اليورانيوم بنسبة 20 % و182.3 كغم بنسبة 60 %. ويعتبر الانتقال من 20% إلى 100% أمرا سهلا. “إنهم على بعد نبضة قلب من مادة صنع القنبلة”.

ويبدو أن إيران ترى في الخيار النووي كآخر خط للدفاع بعد خسارة تأثيرها في سوريا ولبنان. وكان دونالد ترامب قد خرج ومن طرف واحد من الاتفاقية النووية الموقعة مع 6 دول عام 2015 وأعاد فرض العقوبات على طهران. وسيكون لدى إدارته القادمة وقت قصير للتوصل إلى اتفاق بفضل آلية “العودة السريعة” التي تنتهي في تشرين الأول/أكتوبر، والتي ستؤدي إلى إعادة فرنسا وبريطانيا فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران. وهددت إيران بالانسحاب من معاهدة منع الانتشار النووي إذا أعيد فرض العقوبات.

تغيير النظام

من جهة أخرى ذكرت صحيفة “الغارديان” ما ورد من تصريحات لمسؤول بريطاني بارز سابق دعا فيها لندن لدعم خطط إدارة ترامب المقبلة بفرض عقوبات صارمة على إيران لقلب النظام فيها ومساعدة المعارضة له.

وكتب مارك سيدويل (لورد سيدويل) “الأمر ليس للغرب ولا لبريطانيا تقرير من سيحكم إيران. فهذا الأمر يعود للإيرانيين، ولكننا نستطيع توضيح الخيار الأحسن الذي سيجلب المنفعة وذلك الذي سيجلبه الخيار الخاطئ”. واقترح لورد سدويل في مقدمة لكتيب أصدره مركز “بوليسي إكستشينج” المتطرف أن تظهر بريطانيا الزعامة ضد إيران من خلال دعم ما يعتبره سيدويل، سياسة ترامب المحتملة المتمثلة في العودة إلى “أقصي العقوبات الاقتصادية” ضد النظام، حيث قال “في الوقت الذي تصطف فيه بريطانيا مع أقصى ضغوط في ولاية ترامب الثانية، يجب على بريطانيا أن تصر على أن الخليفة الراغب في التحرير من الداخل ويريد التصرف بمسؤولية في الخارج، سيحظى باحترام في داخل المجتمع الدولي”.

وقال سيدويل الذي عمل في السابق كمستشار للأمن القومي في بريطانيا “من الأزمة تخرج الفرصة، وهذه فرصة بريطانيا للقيادة”.

 وعلقت الصحيفة على تصريحاته، بأنها ستثير على الأرجح غضب طهران بينما تستعد لتنظيم جولة ثانية من المحادثات الاستكشافية التي تبدأ يوم الاثنين مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشأن إطار عمل محتمل لاحتواء البرنامج النووي الإيراني.

ومن المرجح أن يخيب موقف سيدويل آمال الإصلاحيين داخل الحكومة الإيرانية الذين يريدون إقناع الغرب بأنهم لا يسعون إلى المواجهة ويريدون حقا إعادة فتح المفاوضات المباشرة مع أوروبا والولايات المتحدة، كما ويأملون برفع العقوبات مقابل الالتزامات بعدم تهديد الغرب.

وزعم سيدويل أن “النظام الإيراني جريح ولكنه لا يزال خطيرا، فهو يرهب شركاءنا الإقليميين ويزعزع استقرار طرق الطاقة والشحن العالمي ويخطط لاغتيالات على الأراضي البريطانية وهو متواطئ في نهب روسيا لأوكرانيا و75 عاما من السلام الأوروبي” في إشارة للسنوات التي أعقبت نهاية الحرب العالمية الثانية.

وقال “ونحن نعلم أنه كلما أتيحت للشعب الإيراني أبسط الخيارات، فإنه يختار المرشح الأكثر تقدمية (أو الأقل رجعية). ولم يعودوا يتسامحون مع تجاوزات النظام”. ويشير سيدويل إلى أن إيران ربما تكون ناضجة للتغيير، مشيرا إلى التضخم الذي بلغ 80% وتفكيك شبكة إيران من الوكلاء المسلحين. وجاء في كتيب “بوليسي إكستشنج” الذي كتب جزءا منه سير جون جينكينز، السفير البريطاني السابق لدى السعودية: “يجب أن يكون من الواضح تأييد بريطانيا الهجمات على البرنامج النووي الإيراني إذا ظهرت أدلة على أن إيران تحاول “الاندفاع النووي” بغض النظر عن مدى مشاركة بريطانيا في مثل هذه العمليات”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي