أقدم جامعة آسيوية تعود إلى نشر المعارف والحكمة في العالم من جديد

الأمة برس
2025-01-04

أقدم جامعة آسيوية تعود إلى نشر المعارف والحكمة في العالم من جديد (أونسبلاش)حلول نهاية السنة الحالية سيشهد افتتاح مركز عالمي مشهور للتعلم والتنوير هو مركز مواروجامبي، الذي يطلق عليه اسم أقدم جامعة في آسيا. وسيشمل المركز متحفا وفصولا دراسية ومختبرا، وذلك بالشراكة مع وزارة التعليم والثقافة والبحث والتكنولوجيا الإندونيسية.

أصبحت الطبيعة المحيطة بأنقاض مجمع معبد مواروجامبي في مدينة سومطرة الإندونيسية الشاهدة الحية الوحيدة على ما حدث عبر التاريخ.

وهي تطل على جوهرة تاج الجزيرة الذهبية التي تعدّ أكبر وأهم مركز للتعلم البوذي في جنوب شرق آسيا. لقد احترق هذا المعلم وظل منسيا لعدة قرون. لكن هذه الجوهرة المهجورة قد تتألق مرة أخرى مع الافتتاح الوشيك لمركز تعليمي جديد، وجهود التنقيب المستمرة، ومبادرات السياحة المستدامة.

يقع مجمع معبد مواروجامبي على بعد 26 كيلومترا شرق مدينة جامبي. ويغطي 12 كيلومترا مربعا من الأرض قرب نهر باتانغ هاري. وأمكن اكتشاف 12 فقط من أصل 82 أثرا (على الأقل) من المعلم. ويتصور علماء الآثار أن المجمع شُيّد واعتُمد من القرن السابع إلى القرن الثالث عشر الميلادي.

وكان مواروجامبي، الذي يطلق عليه اسم “أقدم جامعة في آسيا”، موطنا للآلاف من الرهبان الذين عاشوا ودرسوا خلف أسوار المدينة العالية. وانتشر تأثيره على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم البوذي. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى بعض الطلاب البارزين. ودرس المعلم الصيني المعروف ييشينغ فيه لمدة ستة أشهر في سبعينات القرن السابع قبل أن يعود إلى وطنه لمشاركة ترجماته. كما أمضى المعلم البوذي أتيشا فترة أطول في الدير خلال القرن الحادي عشر، ثم رجع إلى الهند، حيث انتشرت تعاليمه حول بوذية الماهايانا في التبت ومنغوليا ونيبال وكمبوديا. وتشير التقديرات إلى أن ما بين 300 و400 مليون شخص ما زالوا من أتباع هذا الفرع من البوذية حول العالم اليوم.

من المقرر افتتاح المركز بحلول نهاية السنة الحالية، وسيشمل متحفا وفصولا دراسية ومختبرا، وذلك بالشراكة مع وزارة التعليم والتكنولوجيا الإندونيسية

ويُعتقد أن هذه الأرض العاصمة الأصلية لمملكة سريفيجايا، التي حكمت المنطقة منذ حوالي ألف عام. ومن المحتمل أن يكون الموقع قد هُجر خلال 1278 عندما هاجمت مملكة سينغاساري في جاوة المدينة وأسرت أفرادا من العائلة المالكة، ثم غزت الغابة الكثيفة والنباتات مواروجامبي، وغمرت المدينة لأكثر من 500 عام حتى أعاد الجندي البريطاني أس.سي كروك اكتشافها في 1824. وأجرى المستعمرون الهولنديون التنقيب والمسح الأولي للموقع في 1920. لكن جهود الترميم على نطاق واسع لم تنطلق حتى تولى علماء الآثار المحليون زمام المشروع في السبعينات، بعد 25 عاما على نيل إندونيسيا استقلالها.

ويشمل الفريق الموجود في الموقع اليوم مجموعة من الخبراء الإندونيسيين والعشرات من السكان المحليين الذين تعاونوا لكشف المدينة المنسية وترميمها. واكتشفوا خلال السنوات الأخيرة البقايا المتفحمة لمدخل المعبد وورش المعدن والسيراميك وحتى رأسا برونزيا لتمثال بوذا. كما اكتشفوا قنوات وأجزاء من القوارب التي نقلت السكان إلى جميع أنحاء المدينة. لكن المساكن الخشبية التي يعتقد أنهم عاشوا فيها اختفت دون أثر.

من خلال العمل على مركز سوارنادويبا التعليمي الجديد، تأمل منطقة المحمية الثقافية الوطنية لمعبد مواروجامبي ترميم الموقع الذي أصبح الآن معلما وطنيا محميا، ليكون مركزا عالميا مشهورا للتعلم والتنوير. ومن المقرر افتتاحه بحلول نهاية السنة الحالية، وسيشمل متحفا وفصولا دراسية ومختبرا، وذلك بالشراكة مع وزارة التعليم والتكنولوجيا الإندونيسية. ويوفر المشروع للطلاب فرصة دراسة الغطاء النباتي والممرات المائية في الموقع، إضافة إلى عادات أسلافهم وهندستهم المعمارية ومهاراتهم.

وصرّح مدير الترميم أنغوس ويدياتموكو “تكمن رؤيتنا في تنشيط مواروجامبي لإلهام جيلنا القادم، وأن نريهم أن لنا القوة والكرامة والهوية.” وكان قد زار المجمع لأول مرة في 1996 وعرف أنه كان مميزا منذ ذلك الحين. وقال “يمكننا أن نكون عظماء كما كنا من قبل، كأمة تعطي وليس أمة تطلب.”

ويتزايد الاهتمام بالموقع بشكل مطرد. وهو يرحب الآن بالآلاف من المصلين سنويا في رحلات الحج التي تتبع خطوات المعلم أتيشا. لكن ويدياتموكو ذكّر بأن على جهود الترميم أن تسعى إلى تكريم فلسفة “اليقظة الكاملة” البوذية. وهو يصر بذلك على أهمية تجنب “حمى السياحة”. وأكد أن المعلم سيتضرر إذا أصبح “أداة سياحية”، ودعا إلى عكس ذلك الاتجاه.

ويعني بذلك تطوير مواروجامبي ليصبح مركزا “للسياحة القروية”، حيث يحتفل السكان المحليون بعاداتهم التقليدية ويعرضونها، بدلا من ترك المنطقة تصبح “قرية سياحية” تمنح الأولوية للاقتصاد على حساب المحافظة عليها.

ويجسّد سوق بادوكا مفهوم “السياحة القروية”. وتعمل فيه العشرات من النساء المحليات اللاتي كن يبعن في الماضي المعكرونة سريعة التحضير والحلوى والمشروبات الغازية في الشوارع. وتقدم الأكشاك الخشبية الآن مجموعة من الأطباق التقليدية المصنوعة من المكونات المزروعة في الموقع.

وقالت نورول نازبيا، المنتمية إلى فريق إدارة بادوكا، إن الأمر انطلق “بتنشيط المنطقة المحيطة بمواروجامبي بما يهدف إلى تنشيط البيئة المادية مع تمكين المجتمع.”

وأشارت نازبيا إلى أن كثيرين كانوا متشككين في البداية بشأن المبادرة، وشعروا أن مطبخهم التقليدي “قديم الطراز ولا يستحق تقديمه للضيوف.” لكن التدريب الذي قدمته وزارة التعليم والثقافة ومركز الحفاظ على الثقافة في المقاطعة والرحلة الميدانية إلى باساربابرينغان (سوق مماثل في جنوب البلاد) أشعراهم بالقدرة على تقديم أطباقهم.

وأضافت نازبيا أن “مشروع بادوكا يكمن في الحفاظ على ثقافة الطعام المحلية. نريد أن نرعى حبنا للمطبخ المحلي حتى يتمكن أطفالنا وأحفادنا من تذوق ما كبرنا عليه.”

وأصبحت النساء المتزينات بالملابس التقليدية يقدمن أطعمتهن على أطباق من أوراق الموز لإبقاء التطور صديقا للبيئة. ويدعمهن علماء النبات لضمان الحفاظ على التنوع البيولوجي وحمايته أثناء عمليات التنقيب والتطوير.

وتبقى شجرة بودي الضخمة التي لا تزال شامخة ومطلة على قاعة مركز سوارنادويبا التعليمي شاهدة على هذه الروح. وأمكن دمج الشجرة في هندسة المبنى الجديد المعمارية. وستبقى في مكانها، دون إزعاج، تراقب المرحلة التالية من إرث هذه الأرض المقدسة المستمر.

ويندرج نظام التعليم في إندونيسيا تحت مسؤولية وزارة التربية والتعليم والثقافة غير أن المدارس الإسلامية تتبع لوزارة الشؤون الدينية. وتطبق إندونيسا نظام التعليم الإلزامي الذي ينقسم إلى مرحلتين: المرحلة الابتدائية ومدتها ست سنوات، والمرحلة الثانوية ومدتها ثلاث سنوات.

وينص الدستور على أن التعليم جهد مخطط لإنشاء بيئة الدراسة العملية والتعليمية من أجل تطوير قدرات الطالب ورفع مستواه الديني والروحي، وزيادة الوعي عنده وبناء الشخصية، وكذلك تنمية ذكائه وتقويم السلوك لديه وحثه على الإبداع.

وحلّت إندونيسيا في المرتبة الـ87 فقط (من بين 132 اقتصادا) في تقرير مؤشر الابتكار العالمي لعام 2021، وتقدّمت إلى المرتبة الـ61 في تقرير مؤشر الابتكار عام 2023، ثم قفزت عدّة مراكز خلال عام 2024 لتصبح في المركز الـ54.

وتم تصنيف مؤسسات التعليم العالي إلى نوعين: العام والخاص. وتشرف عليها وزارة التربية الوطنية.

وهناك أربعة أنواع من مؤسسات التعليم العالي: الجامعات والمعاهد والأكاديميات، والمعاهد الفنية. وشهدت المؤسسات في إندونيسيا للتعليم العالي نموا كبيرا منذ الاستقلال. وفي عام 1950 كانت هناك 10 مؤسسات من التعليم العالي مع ما مجموعه حوالي 6.500 طالب وطالبة في عام 1970، وألحقت 450 مؤسسة خاصة ووصل عدد الطلاب إلى 237.000، وبحلول عام 1990 كانت هناك 900 مؤسسة مع حوالي 141.000 من الطلاب، وبحلول عام 2009 كانت هناك 2975 مؤسسة للتعليم العالي وارتفعت نسبة الطلاب إلى أكثر من 4.2 مليون نسمة في هذه المؤسسات.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي