واشنطن - في ضوء اختيار ماركو روبيو ليكون أول وزير خارجية من أصل أميركي لاتيني، لا شكّ في أن هذه المنطقة ستكون محور اهتمام متزايد من واشنطن، برأي عدّة خبراء يتوقّعون ضغوطا قصوى على كوبا وفنزويلا وعلاقات أقوى مع اليمين المتصاعد في المنطقة.
صحيح أن المنافسة مع الصين والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط ستكون في صلب السياسة الخارجية لحكومة دونالد ترامب، غير أن عدّة خبراء استطلعت وكالة فرانس برس آراءهم توقّعوا أن يولي وزير الخارجية، نظرا لأصوله ومساره السياسي، اهتماما أكبر من أسلافه لأميركا اللاتينية.
فالسناتور الجمهوري المولود في فلوريدا قبل 53 عاما أطلق مساره السياسي بالاتّكال على الجالية الكوبية المعارضة لنظام كاسترو. وهو يتقن الإسبانية ويلمّ بشؤون كوبا مسقط رأس والديه اللذين هاجرا إلى الولايات المتحدة في 1956، قبل ثلاث سنوات من وصول فيدل كاسترو إلى سدّة الحكم.
وكان له تأثير على سياسة ترامب إزاء أميركا اللاتينية خلال ولايته الرئاسية الأولى (2017-2021) واعتبر أن الرئيس الديموقراطي جو بايدن أظهر "ضعفا" حيال المنطقة.
ولم تعلّق كوبا رسميا على تعيين روبيو لكن سكان البلد لا يخفون قلقهم. وقال الموسيقي إيفان خاردينيس (59 عاما) "الأمر يقلقنا بعض الشيء لأن ماركو روبيو لطالما عمل ضدّنا، وهو لم يدعنا نتنفّس إطلاقا".
وساهم ماركو روبيو خصوصا في إعداد التدابير البالغ عددها 243 لتشديد الحصار الأميركي على كوبا في عهد دونالد ترامب، مع إعادة إدراج البلد في القائمة الأميركية للبلدان الداعمة للإرهاب، ما يقوّض التدفّقات المالية والتجارية باتجاه الجزيرة.
وأكّد عالم السياسة الكوبي أرتورو لوبيز-ليفي الباحث في معهد الدراسات الإقليمية المقارنة في جامعة دينفر في تصريحات لوكالة فرانس برس أن تعيين روبيو المقرون بأزمة اقتصادية جدّ خطرة تعصف بالجزيرة منذ أربع سنوات هو بمثابة "مزيج متفجّر" لكوبا.
وتوقّع الخبير ردّا متحفّظا من هافانا التي لها "خبرة طويلة في مواجهة التهديدات والسرديات والخطابات المتطرّفة" الآتية من الولايات المتحدة.
- "حوار خاص" -
ومن شأن سياسة الضغوطات القصوى أن تطال أيضا فنزويلا برئاسة نيكولاس مادورو ونيكاراغوا برئاسة دانييل أورتيغا. وستخضغ الدولتان "لضغوطات من واشنطن بهدف تغيير النظام"، على ما قال روزيندو فراغا من مركز الدراسات "نويفا مايوريا" في بوينس ايريس.
وسرعان ما بادرت المعارضة الفنزويلية برئاسة ماريا كورينا ماتشادو وإدموندو غونزاليس إلى تهنئة دونالد ترامب غداة إعلان فوزه، متعهدة أنها ستكون حليفا "موثوقا" في حال ترك نيكولاس مادورو سدّة الحكم.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، اعتبرت ماريا كورينا ماتشادو أنه "لم تسنح أبدا في السابق، كما هي الحال اليوم، فرصة للمضي نحو ترسيخ الديموقراطية في أميركا اللاتينية".
وكان ماركو روبيو قد أقنع ترامب خلال ولايته الأولى بفرض عقوبات اقتصادية على كراكاس والاعتراف برئيس البرلمان حينذاك الزعيم المعارض خوان غوايدو رئيسا للبلد بالإنابة، في مسعى غير مجد للإطاحة بنيكولاس مادورو الذي يمسك بمقاليد السلطة منذ 2013.
غير أن العقوبات المشدّدة على فنزويلا وكوبا "قد تصبّ في مصلحة ازدياد النفوذ الصيني والروسي" في المنطقة، علما أن ماركو روبيو لم يخف يوما موقفه المناوئ جدّا لبكين، بحسب ما حذّر كريستوفر ساباتيني الباحث في شؤون أميركا اللاتينية في معهد "تشاتام هاوس" ومقرّه لندن.
وفي السياسة الجديدة المرتقبة حيال أميركا اللاتينية، تحتلّ المكسيك مكانة على حدة. وتوقّع روزيندو فراغا أن تقيم حكومة دونالد ترامب "حوارا خاصا" مع جارتها الجنوبية التي تتشارك معها 3 آلاف كيلومتر من الحدود وتحديات كبيرة في مجال الأمن والهجرة.
ومن المرتقب أيضا أن توطّد الحكومة الأميركية العلاقات مع الأرجنتيني خافيير ميلي والسلفادوري نجيب أبو كيلة، "وهما الوجهان الأبرز لليمين الجديد" في أميركا اللاتينية، بحسب فراغا.
وقد التقى ماركو روبيو بميلي في بوينوس ايريس في شباط/فبراير. وكان الأخير أول زعيم من المنطقة استقبله الرئيس المنتخب الذي دعاه إلى فلوريدا للاحتفاء بفوزه في الانتخابات.