
لندن- كشفت صحيفة “الغارديان” أن بريطانيا رفضت تبني خطط لمنع المذابح في السودان، رغم التحذيرات من إمكانية وقوع إبادة جماعية.
وفي تقرير أعده مارك تاونسند، قال فيه إن حكومة بريطانيا رفضت خططا للسودان، رغم تحذيرات من المخابرات تفيد بأن مدينة الفاشر ستسقط وسط عمليات تطهير عرقي وإمكانية حدوث إبادة جماعية.
واطلعت الصحيفة على تقرير يشير لرفض مسؤولي الحكومة الخطط بعد ستة أشهر من حصار مدينة الفاشر، الذي استمر مدة 18 شهرا، وقدم في ورقة داخلية أعدت العام الماضي، خيارات أربعة.
واستولت قوات الدعم السريع على المدينة الشهر الماضي، وشرعت فورا في عمليات قتل واغتصاب جماعية بدوافع عرقية. ولا يزال الآلاف من سكان المدينة في عداد المفقودين.
وفصّلت الخيارات إجراءات “حماية المدنيين، بما في ذلك منع الفظائع”.
وشملت هذه الخيارات، التي قيمها مسؤولون من وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية في خريف العام الماضي، إدخال “آلية حماية دولية” للمدنيين من الجرائم ضد الإنسانية والعنف الجنسي. ومع ذلك، وبسبب خفض المساعدات، اختار مسؤولو وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية الخطة “الأقل طموحًا” لحماية المدنيين السودانيين.
وذكر تقرير يعود تاريخه إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2025، يوثق القرار، ما يلي: “نظرا لقيود الموارد، اختارت [المملكة المتحدة] اتباع النهج الأقل طموحا لمنع الفظائع، بما في ذلك العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات”.
وقالت شاينا لويس، المتخصصة في شؤون السودان في منظمة بائيما (منع وإنهاء الفظائع الجماعية) لحقوق الإنسان ومقرها الولايات المتحدة: “الفظائع ليست كوارث طبيعية، إنها خيار سياسي يمكن منعه إذا كانت هناك إرادة سياسية”. وأضافت: “يظهر قرار وزارة الخارجية والكومنولث [باتباع الخيار الأقل طموحا لمنع الفظائع] بوضوح عدم إعطاء هذه الحكومة الأولوية لمنع الفظائع عالميا، ولكن لهذا عواقب واقعية”. وأضافت: “الآن أصبحت حكومة المملكة المتحدة متواطئة في الإبادة الجماعية المستمرة لشعب دارفور”.
وتضيف الصحيفة أن موقف الحكومة البريطانية تجاه السودان يعتبر مهما لأسباب عديدة، منها دورها كـ”حاملة قلم” للسودان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أي أنها تقود أنشطة المجلس بشأن الصراع الذي تسبب في أكبر أزمة إنسانية في العالم.
ووردت تفاصيل ورقة الخيارات في مراجعة للمساعدات البريطانية للسودان بين عامي 2019 ومنتصف عام 2025 أجرتها ليز ديتشبورن، رئيسة الهيئة التي تدقق في إنفاق المساعدات البريطانية.
وذكر تقريرها المقدم إلى اللجنة المستقلة لتأثير المساعدات أن الخطة الأكثر طموحا لمنع الفظائع في السودان لم تعتمد بسبب “القيود من حيث الموارد والموظفين”.
وذكر التقرير أن “ورقة الخيارات الداخلية” الصادرة عن وزارة الخارجية والتنمية حددت أربعة خيارات عامة، لكنها خلصت إلى أن “الفريق الموكل منهك بالفعل ولا يملك القدرة على تولي مجال برمجة جديد ومعقد”.
وعوضا عن ذلك، اختار المسؤولون “الخيار الرابع والأقل طموحا”، والذي تضمن تخصيص تمويل إضافي قدره 10 ملايين جنيه إسترليني للجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمات أخرى “لأنشطة مختلفة، بما في ذلك الحماية”.
وخلص التقرير أيضا إلى أن قيود التمويل أضعفت قدرة بريطانيا على توفير حماية أفضل للنساء والفتيات. واتسم الصراع في السودان بانتشار العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، وهو ما تجلى في شهادات جديدة من الفارين من الفاشر.
وذكر التقرير أن “هذا [تخفيضات التمويل] قد حد من قدرة المملكة المتحدة على دعم تحقيق نتائج حماية أقوى داخل السودان، بما في ذلك للنساء والفتيات”.
وأضاف أن اقتراحا بجعل العنف الجنسي أولوية قد أعاقته “قيود التمويل ومحدودية القدرة على إدارة البرامج”.
وخلصت اللجنة إلى أن البرنامج الموعود للنساء والفتيات السودانيات لن يكون جاهزا إلا “على المدى المتوسط إلى البعيد” وابتداء من عام 2026″.
وقالت النائبة سارة شامبيون، رئيسة اللجنة البرلمانية للتنمية الدولية في مجلس العموم، بأن منع الفظائع يجب أن يكون عنصرا أساسيا في السياسة الخارجية البريطانية. وقالت: “أشعر بقلق بالغ إزاء تقليص بعض الخدمات الأساسية في خضم الاندفاع لتوفير المال”.