ظاهرة التفاخر والاستهلاك عند الشباب هي سلوك اجتماعي ينتشر بشكل متزايد بين الشباب، حيث يسعى الأفراد إلى إبراز مكانتهم الاجتماعية أو التباهي من خلال امتلاك المنتجات الفاخرة أو استعراض أنماط حياة مترفة. يتجلى ذلك في اقتناء أحدث الأجهزة الإلكترونية، الملابس ذات العلامات التجارية الشهيرة، والسيارات الفاخرة، بالإضافة إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر صور لهذه المظاهر. هذا السلوك غالباً ما يكون مدفوعاً برغبة في القبول الاجتماعي أو التقدير، وأحياناً يعكس تأثير الثقافة الاستهلاكية المتزايدة، وفقًا ل المرسال.
هذه الظاهرة ( الإستهلاك التفاخري )قد ترتبط بضغط اجتماعي من الأقران أو رغبة في تحسين الصورة الذاتية. في بعض الأحيان، يؤدي التفاخر إلى استهلاك مفرط، ويمكن أن يسبب ضغوطاً مالية على الشباب، حيث يلجأ البعض إلى الاستدانة لتلبية هذه المتطلبات.
أسبابها :
أسباب ظاهرة التفاخر والاستهلاك عند الشباب متعددة، ومن أبرزها:
التأثير الاجتماعي والإعلامي: وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً في تعزيز الرغبة بالتفاخر والاستهلاك، حيث يُعرض أسلوب الحياة المترف وكأنه معيار للنجاح والسعادة. يتأثر الشباب بشكل خاص بما يشاهدونه من صور للرفاهية التي ينشرها المشاهير أو الأقران.
الرغبة في القبول الاجتماعي: التفاخر بالمقتنيات أو بالأسلوب المعيشي الفاخر قد يكون وسيلة للشباب للشعور بالقبول والانتماء إلى مجموعة معينة أو طبقة اجتماعية.
الضغط المجتمعي: يتعرض الشباب لضغوط من البيئة المحيطة، سواء من الأقران أو المجتمع بشكل عام، ليظهروا بمظهر معين أو يمتلكوا أشياء تعكس النجاح أو المكانة الاجتماعية.
الرغبة في التميز: بعض الشباب يسعون للتفرد والتميز عن غيرهم من خلال امتلاك أشياء نادرة أو غالية الثمن، ما يمنحهم شعوراً بالتفوق.
التسويق المستهدف: الإعلانات والعروض الترويجية تستهدف الشباب بشكل خاص وتستخدم استراتيجيات تسويقية تلعب على رغبتهم في اقتناء المنتجات المميزة، مما يعزز سلوكيات الاستهلاك المفرط.
ضعف الوعي المالي: قلة المعرفة بأهمية التخطيط المالي والادخار تجعل بعض الشباب ينخرطون في سلوكيات استهلاكية غير مدروسة، بهدف تحقيق متع فورية دون النظر إلى العواقب المالية المستقبلية.
التكنولوجيا والسهولة في الشراء: انتشار وسائل الدفع الإلكتروني والتسوق عبر الإنترنت جعل عملية شراء المنتجات الفاخرة أكثر سهولة، مما يشجع على المزيد من الاستهلاك.
كل هذه العوامل تتضافر لتعزيز ظاهرة التفاخر والاستهلاك بين الشباب، ما قد يؤدي في بعض الحالات إلى ضغوط مالية أو تبني قيم سطحية.
كيف نعالجها ؟
لمعالجة ظاهرة التفاخر والاستهلاك بين الشباب، يمكن اتباع مجموعة من الحلول على مستويات مختلفة:
تعزيز الوعي المالي: تقديم برامج تعليمية وتوعوية حول التخطيط المالي، وإدارة الأموال، وتشجيع الادخار بدلاً من الاستهلاك المفرط. هذا يمكن أن يتم عبر المدارس أو المنصات الإعلامية.
التربية على القيم الحقيقية: يجب أن تلعب الأسر والمؤسسات التربوية دوراً في تعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية التي تقوم على التواضع، تقدير الإنجازات الذاتية، والتركيز على السعادة الداخلية بدلاً من الأشياء المادية.
تنظيم الحملات الإعلامية التوعوية: يجب أن تشارك وسائل الإعلام في تغيير الثقافة السائدة حول التفاخر المادي، عبر تسليط الضوء على قصص النجاح التي تعتمد على الإنجازات الشخصية، وليس المظاهر المادية.
تحفيز الشباب على العمل التطوعي: إشراك الشباب في الأنشطة الخيرية والمجتمعية قد يساعدهم على فهم أهمية العطاء والتعاون بدلاً من التركيز على التفاخر بالماديات.
تقديم نماذج قدوة ملهمة: عرض نماذج من الأشخاص الذين حققوا نجاحات ملهمة دون التركيز على المظاهر المادية قد يكون فعالاً في تغيير منظور الشباب تجاه ما يعنيه النجاح.
التوجيه نحو استهلاك مستدام: تشجيع فكرة الاستهلاك الواعي والمستدام، بحيث يُركز الشباب على شراء ما يحتاجونه بالفعل، والابتعاد عن الهدر والاستهلاك الغير ضروري.
دعم المبادرات الشبابية: تشجيع الشباب على العمل والابتكار والإبداع بدلاً من التركيز على الاستهلاك، وذلك من خلال توفير فرص دعم للمشاريع الصغيرة والمواهب الشابة.
تنظيم القوانين والإعلانات: يجب أن تتدخل الحكومات لتنظيم الإعلانات التي تروج للاستهلاك المفرط، خصوصاً تلك التي تستهدف الشباب بشكل مباشر.
تعزيز دور الأقران الإيجابي: دعم مجموعات الشباب التي تشجع السلوكيات الإيجابية والمفيدة للمجتمع بدلاً من التنافس على المظاهر. يمكن أن تكون هذه المجموعات من خلال النوادي أو الأنشطة المدرسية والجامعية.
من خلال هذه التدابير، يمكن تقليل تأثير هذه الظاهرة بشكل تدريجي وتوجيه الشباب نحو قيم أكثر استدامة وإيجابية.