فاروق يوسف*
كل ندفة ثلج لها صفيرها
للصفير ملائكته الذين تتقافز قبعاتهم بين الأعشاب.
له خيوله التي تعلق صهيلها على حبال ثياب يابسة.
وله فتياته اللواتي تسيل البروق على سيقانهن.
كل ندفة ثلج لها صفيرها، هناك يترك الشتاء ضحكته
وينسى قمر ميت دمعته بين أوراق كتاب طفل نائم.
كل ذرة رمل تتألم في قعر الساعة لها صفيرها
كان هناك نمل وكانت الزهرة تحلق به بعطرها
الغزالة أنت
الغزالة تلمس بيديك جذع شجرة ميتة
تشم روائح الموت في العاصفة
تلقي بقدميك خطوتها في الفراغ بين حجرين
تستعير من عينيك دموعها
تلف نعاسها بمنديلك وتعلقه بين آهتين
الغزالة ليس لها سوى أن تتبعك
وهي التي خُلقت من مادة صيحتك
من غير غنج
ليس صمتا أن لا نقول كلمة حين نحب
هناك مياه صاخبة تنزلق إلى يأسها
وهناك زهور تشهق من غير غنج
لن يطردنا المعجم إن أصابنا العمى بين سطوره
وراء النافذة تنام
وتر ناقص سيكون فكرة اختلاف في النظر
ليس ذلك الوتر المشدود بين شجرتين خفيتين
ليس ظله الذي لا يزال يفرش رماد سيجارته على المائدة
وليس بقايا مطر تترك أشباحها وراء النافذة وتنام
ستكون مخدته ملأى بالأحلام وحراسه يتعثرون به
سلال فاكهتها
كنا حمقى حين كتبنا أسماءنا على الغيم ونحن نحلم في الإقامة في السماء التي لم تُسقط سلال فاكهتها على سقوف أكواخنا ولم تبلل عشب حقولنا ولم تلون خطواتنا بزرقتها، بحيث نترك وراءنا أثرا يُذكر بنا. كنا حمقى لأننا صدقنا أن الرعد يتلو أسماءنا.
خميس لا أثر فيه منا
محونا، كل واحد أثر صاحبه تحت المطر
محا الكلمة الأخيرة التي لم تغادر شفتيه
محت أربعاؤنا ما تركته الثلاثاء على النافذة من صفير
واحتفلنا بخميس لا أثر فيه منا.
قبعة رجل وحيد
لا تقع المدينة على يديك حين تميل أشجارها
تلك قبعة رجل وحيد يلتقطها غراب ويهرب
وما من شبه بين المدينة والقبعة سوى أنهما تحلقان
يوما ما تسقط المدن من السماء مثل قبعات
زقزقة في العيون
هل يكفي أن أغلق الباب لكي تختفي الحديقة؟
زقزقة لن تضع بلدا في علبة ثقاب، وعصفور لا يملك يدا تضيع في الخريف وشجرة تأوي السناجب.
ذلك ما يختفي حين تطبق الأميرات عيونهن على الزقزقة.
مثل ملاك لا يخيفه الموت
سنسمح للصمت بأن يكون بيننا مثل ملاك لا يخيفه الموت. الزهرة التي سترافقنا برحيقها وهي تضحك، والنحلة التي يرقص على شفاهنا عسلها وهي تتثاءب، والشمس التي بظلها تخلق ظلا لشجرتنا. نصمت إلى ان يخترع الحجر كلاما يليق، ثقيلا مثله لنقوله.
إن اختفى المعبد
إن ماتت اليد فلا معنى للندم الذي يغلي في المحبرة. هناك بين حقول شرايينها فراشة تقفز من نار إلى أخرى وجمرة تنزلق على أرض مزججة هي ما تبقى من خرائط الحظ، ودمعة لا يزال في إمكانها أن تحرك معبدا من مكانه حين تخفيه عن النظر.
قديسون يتامى
أفرطت في خفتي. كانت هناك نهارات لم أعشها. تركت أجراسها في رئتي. أنا أتنفس هواءك. وحين قشرت بيضتك رأيت أصدقائي. لقد اختفوا مثل قديسين يتامى. وكانوا مثلي يقفون في انتظار الفجر.
زهرة على الوسادة
كم قديسا استفاق صباحا ولم يجد كتابه على السرير. كم امرأة حلمت بثور هائج لم تعثر على ضحكته تحت وسادتها. كم راعيا ترك خرافه في الحقل ونام وحين استيقظ وجدها من حوله تبكي. لقد جمعت حشدا من القديسين والرعاة من أجل أن نضع زهرة على وسادة امرأة مهجورة.
*شاعر عراقي