كريم ناصر*
الأرنب البرّية والأسد الهصور
كأنَّ مياهَ الشلّالِ زوابعُ صحراء،
كأنَّ أرنباً برّيّةً تقارعُ زلزالاً،
كأنَّ الأسدَ يغازلُ قطعانَ الحي،
فيبطحُ ضباعاً ويفترسُ غزلاناً
ويأكلُ طيوراً على الشجرة..
كأنَّ البحرَ لا يمُوجُ في الشمس،
كأنَّ الطائرَ كوكبٌ على ساحلِ قرصانٍ ونوارس وقروش.
يسرفون في الأحلام كالعواصف
محاربونَ بمعاطفَ من حديد،
قد تعرفهم..
أنفارٌ من مقتلعي أشجار،
يسوقونَ أسرابَ اليمامِ إلى معابرِ الموت،
كأنّهم يسرفونَ في الأحلامِ كالعواصف،
كأنّما تهوي الجبالُ
كأنّما تضيعُ السلالمُ في ظلامٍ بهيم.
الشرفة كوكب
سأبحثُ عن النجمةِ في مشجبِ الغياب،
وكأنّني أفلقُ فُصوصَ موجةٍ كبرى،
كأنّما يدعكني مبضعُ زندك كنُدفةِ ثلج،
مَن يقفو آثارَ الساحل؟
سأقول إنَّ المنارةَ كوكبٌ والشمسَ مركبٌ يرقشُ أحلامي.
طائر الشؤم
لم يصهلِ الحصانُ ولم يهزل
ولم تمخرِ السفن،
فالبحارةُ غرقوا في سوراتِ مراكب
ظنّوا أنّهم هتفوا بذكرى فُقمة أكلتْ طائراً هبطَ من كوكب..
فكأنّما سالتْ موسيقى النجوم،
وأزهرتِ الأسماكُ في بُحيرةِ الخبز،
كأنّما اندلقَتِ المفاوزُ مثل القواقعِ على خشبٍ نديّ،
كأنَّ الكناغرَ أقمارٌ
أمّا الشجرةُ فكانتْ سفينةَ مرافئ وكوكبَ صبايا،
فكما حرثتُ البحرَ في الأصابع
زرعتُ الأملَ في الرمل،
أُصرخْ يا فتى ليملأ صدركَ الهواء
لتُحطّم تمثالاً سنابلهُ سكاكين،
هذا ساحلُ حيتانٍ لم يطأه مركب،
وهذا السلطعونُ يعطسُ في عزِّ المدّ،
هنا وثبَ قرشٌ ووثبَ قبطانٌ
كم يرمقُني الدلفين!
…
أيّها الصيّاد لا تقتلِ القباطنةَ ولا تنصرْ فخاخك.
…
لو يفيضُ البحرُ ويعرق الساحلُ
فتغمر السلطعوناتُ الرملَ،
لو يبلغُ العمرُ السديمَ وتطلقُ السنابلُ البلابلَ
فتسألني النجمةُ وليس طائر الشؤم..
كم يداعبني غصنُ البان!
كم يشاكسني قطُّ البيت!
الأوباش
كم تُدحرجُ الخنافسُ الكرات على الإسفلت!
كم ترمي المدافعُ ديداناً!
لو تنهضُ القطّةُ فتحوز سنابلَ قلبك،
فلتنهضْ أيّها البطلُ لئلّا يقنصَ الأوباشُ صِبياناً.
قمر النهار
فكما خمّنتُ الشمسَ سفينةً
خمّنتُ القمرَ بالوناً، لأنَّ الريحَ شمالية،
هذا الجبلُ خرَّ كشمعةٍ،
فالرجلُ الذي زجرَ الضبعَ ذهبَ ليعاشرَ نموراً..
لقد انكسرَ ضلعي الوحيد عندما هويَ الطائرُ من السلّم.
غابت روحي في الأفنية
ربما لم تهبّ ريحُ الحدائقِ ولم تزهرِ الدالية،
لم تنشقّ وردةٌ عن برعم،
كلّما استعنتُ بفكرةٍ غابتْ روحي في الأفنية،
كلّما استأنستُ بغصنٍ هطلتْ غيمة.
٭ شاعر عراقي