صحافة عربيةصحافة أمريكيةصحافة اسرائيليةصحافة دوليةسوشيل ميدياترندصحافة أوروبيةمواقع وصحف عربيةصحافة فرنسيةصحافة بريطانية

التحديات الاقتصادية وتأثيرها على استقلالية الصحفيين.. ضغوط التمويل والتأثير على حرية التعبير

الأمة برس
2024-09-29

صورة مولدة بالذكاء الإصطناعي

هلال العنوة

عمان – الأردن – في عالم يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، تواجه الصحافة المستقلة تحديات متزايدة تهدد بقاءها، أبرزها الضغوط الاقتصادية في مقدمة العوامل التي تضعف حرية الصحافة والصحفيين مما تجعلهم عرضة للتأثيرات الخارجية.

مع تراجع مصادر التمويل التقليدية للإعلام وازدياد تحكم أصحاب المصالح الاقتصادية في وسائل الإعلام، باتت الصحافة، خصوصًا الاستقصائية منها، تعاني من تضييق الخناق عليها.

مصادر التمويل وتأثيرها على الاستقلالية..

تعتمد المؤسسات الإعلامية على مصادر تمويل متعددة، منها الإعلانات التجارية، الاشتراكات المدفوعة، أو الدعم الحكومي.. ولكن مع ازدياد النفوذ الاقتصادي للشركات الكبرى والسيطرة المتزايدة على وسائل الإعلام، أصبحت هذه المؤسسات عرضو لضغوط المعلنين الذين يسعون للتحكم بالمحتوى.

الإعلانات التجارية، والتي تشكل مصدر دخل أساسي، غالباً ما تكون سلاحًا ذو حدين.. فمن جهة، توفر تلك الإعلانات التمويل اللازم لاستمرار الصحف، ومن جهة أخرى، تجعل الإعلام عرضة للضغوطات التي تهدد استقلاليته.. ففي حال تم نشر تقارير استقصائية تنتقد شركات كبرى أو تعرض فسادًا اقتصاديًا، قد يتم سحب الإعلانات والتهديد بعدم تجديد العقود، ما يدفع بعض المؤسسات الصحفية إلى تجنب المواضيع المثيرة للجدل، والذي ينعكس على حرية الصحفيين، الذي يعملون لدى هذه المؤسسات الإعلامية.

من جهة اخرى، يؤدي الاعتماد المتزايد على التمويل الحكومي او الخارجي سواء منظمات دولية او حكومية الى مخاطر اخرى، إذ يمكن أن تفرض هذه الجهات قيوداً خفية على المحتوى، والذي يظهر جاليا، في احداث غزة وهمجية الكيان الصهيوني في قتل الابرياء وانتهاك حريات واستهداف الصحفيين والإعلاميين، لتغييب الحقيقة وعمل الصحافة الاستقصائية التي تكشف الكثير من الجرائم، حيث تجد الصحف أو المواقع الإخبارية نفسها مضطرة لتقديم تقارير تتماشى مع مصالح الجهات الممولة، لتكون مجبرة على التبعية لسياسات معينة لضمان استمرار التمويل.

التحولات الرقمية والتأثير الاقتصادي..

مع تطور التكنولوجيا وزيادة انتشار الإنترنت، ظهرت فرص جديدة للصحفيين والمؤسسات الإعلامية للتواصل مع جمهور أوسع، إلا أن هذه التحولات الرقمية لم تكن دائمًا في مصلحة الصحافة المستقلة.

كثير من وسائل الإعلام التقليدية فقدت جزءاً كبيراً من إيراداتها بسبب الانتقال من الورقي إلى الرقمي، حيث أصبحت منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث مثل Google وFacebook تسيطر على الحصة الكبرى من الإعلانات الرقمية.. هذه السيطرة جعلت العديد من المؤسسات الإعلامية تعتمد على الزيارات والمشاهدات لجني الأرباح، مما أدى إلى توجه البعض نحو إنتاج محتوى سطحي وسريع لجذب القراء بدلاً من التركيز على تحقيقات معمقة.

إضافة إلى ذلك، يعاني الصحفيون العاملون في المؤسسات الإعلامية الرقمية من الضغوطات الاقتصادية المباشرة، ففي العديد من الحالات، يتم تخفيض رواتب الصحفيين أو تسريحهم بسبب قلة الموارد المالية للمؤسسات، مما يؤثر سلباً على جودة المحتوى وقدرة الصحفيين على تقديم تقارير معمقة.. كما أن المستقلين أو الصحفيين الذين يعتمدون على الكتابة لحسابهم الخاص يواجهون تحديات أكبر في إيجاد مصادر دخل مستقرة.

استراتيجيات التكيف والبقاء..

رغم هذه التحديات، طور العديد من الصحفيين والمؤسسات الإعلامية استراتيجيات مبتكرة للتغلب على الضغوط الاقتصادية لضمان الاستمرار في تقديم محتوى مستقل وذو جودة عالية.. من بين هذه الاستراتيجيات التمويل الجماعي، الذي أصبح وسيلة فعالة لتمويل الصحافة الاستقصائية.. يعتمد التمويل الجماعي على دعم مباشر من القراء والمشاهدين، مما يساعد الصحفيين على التحرر من ضغوط المعلنين أو الجهات الممولة الكبرى.. عبر منصات مثل Patreon أو Kickstarter، يمكن للصحفيين الاستفادة من دعم الجمهور المهتم بمحتواهم، وبالتالي الحفاظ على استقلاليتهم.

كما ظهرت مبادرات جديدة مثل التعاون الصحفي الدولي، حيث تتعاون المؤسسات الإعلامية من دول مختلفة لإنتاج تحقيقات صحفية مشتركة.. هذه المبادرات توفر مصادر تمويل بديلة وتقلل من الضغوط الاقتصادية على المؤسسات المحلية.. كما تساهم في تعزيز قدرة الصحفيين على مواجهة الرقابة أو التضييق المالي الذي قد يتعرضون له في بلدانهم.

تأثير القيود الاقتصادية على حرية التعبير..

تؤثر القيود الاقتصادية بشكل مباشر على حرية التعبير، حيث يجد الصحفيون أنفسهم مجبرين على التنازل عن استقلاليتهم أو تجنب المواضيع الحساسة لضمان استمرارية عملهم.. يُعد هذا التحدي أكثر وضوحًا في الدول التي لا تحظى فيها الصحافة بدعم حكومي قوي أو حماية قانونية كافية.

 الاعتماد على التمويل الخارجي يزيد من تعقيد الوضع، حيث قد تتعرض المؤسسات الإعلامية للنقد بتهمة التبعية للأجندات الأجنبية، مما يضعف من مصداقيتها في نظر الجمهور.

تزايد استخدام التقنيات والذكاء الاصطناعي والذي يساعد في التضييق على حرية التعبير والتلاعب بالمعلومات، تُبقي الصحافة المستقلة بحاجة إلى دعم مالي مستدام يضمن لها القدرة على مواصلة دورها الرقابي.. هذا الوضع يجعل من شعار ملتقى أريج السابع عشر "صحافة بلا قيود" حلمًا يسعى الصحفيون لتحقيقه في ظل تحديات اقتصادية متزايدة.

الطريق نحو الاستقلالية المالية..

في مواجهة الضغوطات الاقتصادية المتزايدة، يحتاج الصحفيون إلى إيجاد حلول مبتكرة للحفاظ على استقلاليتهم.. يبقى التمويل الجماعي والتعاون الدولي من بين الأدوات الفعالة لمواجهة تلك التحديات، إلا أن الطريق يتطلب دعمًا مجتمعيًا ودوليًا لضمان استمرار دور الصحافة في المساءلة والرقابة على السلطة، وعلى الرغم من العقبات، يظل الصحفيون قادرين على التكيف والبقاء، مستخدمين إبداعاتهم ومرونتهم في مواجهة الضغوطات الاقتصادية، تماماً كما يسعى ملتقى أريج السابع عشر إلى ترسيخ مفهوم "صحافة بلا قيود".










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي