تحت عنوان: “التحديات الأمنية الثلاثة التي يواجهها بنيامين نتنياهو”، قال الكاتب بصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية رينو جيرار، إنه بالإضافة إلى حماس وحزب الله إيران، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ثلاثة تحديات يريد معالجتها، ليس بشكل تسلسلي، ولكن في الوقت نفسه.
وأضاف الكاتب الفرنسي أنه في الأول من شهر نوفمبر عام 2022، ستحتفل الحكومة السابعة والثلاثون لدولة إسرائيل، أو حكومة نتنياهو السادسة، قريبا بالذكرى السنوية الثانية لتأسيسها، أي منتصف ولايتها. وأجمع المعلقون تقريبا على القول بأن زعيم الليكود لن يبقى في السلطة لفترة طويلة، بعد مذبحة 7 أكتوبر 2023، لأنه فشل في توقع هجوم حماس.
وتابع جيرار القول إنه في دولة ديمقراطية برلمانية مثل إسرائيل، فإن النواب هم من يصنعون السياسة الحقيقية، وليس الصحافيون ولا المنظمات غير الحكومية. ومع ذلك، ما يزال هناك 64 من أصل 120 عضوا في الكنيست يثقون في قدرة نتنياهو على إعادة بناء أمن البلاد. ويعتبر رئيس الوزراء أن إسرائيل تواجه ثلاثة تحديات أمنية كبرى، يتعين عليها معالجتها ليس بالتسلسل، بل في الوقت نفسه. ولا يرى نتنياهو أنه سيترك السلطة دون القضاء على هذه التهديدات الثلاثة.
التهديد الأول هو حركة حماس الفلسطينية، التي ترفض على النقيض من منظمة التحرير الفلسطينية، الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، حتى داخل حدود عام 1967، معتبراً أن نتنياهو ارتكب خطأ عندما سمح لقادة حماس العسكريين بأن يحكموا قطاع غزة بمفردهم، وذهب إلى حد السماح لقطر بتمويلهم. وبهذا المال، كان لدى يحيى السنوار متسع من الوقت للتحضير لهجومه ضد إسرائيل، يقول رينو جيرار.
بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، تعهد نتنياهو بتدمير حماس، وتجريد قطاع غزة من السلاح، والقضاء على التطرف بين سكانه. بالنسبة له، فإن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة أمر ثانوي أمام الهدف العسكري الأساسي المتمثل في تدمير حركة حماس. أما بالنسبة لليسار الإسرائيلي، فالأمر على العكس من ذلك.
وعلى الرغم من المطالب الأمريكية المستمرة، فإن نتنياهو لن يتخلى عن سيطرته العسكرية على محور فيلادلفيا. وفي مقابل الرهائن، فهو على استعداد لإعطاء وسيلة آمنة للسنوار ومساعديه للخروج إلى الجزائر، على سبيل المثال، يتابع جيرار.
ولكنه (نتنياهو) لن يجازف أبداً بإعادة تشكيل التهديد العسكري في غزة ضد إسرائيل. وقد تمت الآن مواجهة التحدي الأمني الأول عملياً. المشكلة هي أن هذا جاء بتكلفة فلكية على سمعة إسرائيل. وفي مواجهة صور القتلى المدنيين الفلسطينيين، والتدمير الممنهج للبنية التحتية (الجامعات والمستشفيات ومحطات معالجة الصرف الصحي، وما إلى ذلك) والمباني السكنية في غزة، ثار الرأي العام العربي، وكذلك جزء من الشباب الغربي. لقد تحول خطاب الإبادة الجماعية ضد الدولة العبرية. فهل يدرك نتنياهو أنه هزم حماس تكتيكيا، لكنه يخسر الحرب الإعلامية العالمية؟ يتساءل الكاتب الفرنسي.
ومضى جيرار قائلا إن اتفاقيات أبراهام، التي بدأت بدمج إسرائيل في المنطقة العربية الإسلامية، أصبحت الآن في طريق مسدود. وقالت المملكة العربية السعودية إنها لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل حتى يكون للفلسطينيين دولة. العالم كله يطالب إسرائيل بدولة للفلسطينيين. نتنياهو وحده لا يريد ذلك.
ويُشير الكاتب إلى ما قاله له نتنياهو في مكتبه بتل أبيب، يوم 15 يونيو 2024: “هل تضمن لي أن هذه الدولة الفلسطينية التي تريد مني أن أقوم بإنشائها على بعد 20 كيلومترا من مطار بن غوريون لن تهاجمني مرة أخرى؟ منذ رفضهم الأولي لاتفاقية 1947 في خطة التقسيم التي أقرتها الأمم المتحدة، رفض الفلسطينيون باستمرار العروض الإقليمية المقدمة لهم!”.
ويتابع القول إن التحدي الأمني الثاني لرئيس الوزراء الإسرائيلي هو حزب الله، الذي قصف بشكل متقطع شمال إسرائيل منذ يوم الثامن أكتوبر، من منطلق التضامن داخل “محور المقاومة” الذي تقوده طهران. ووعد نتنياهو 70 ألف إسرائيلي فروا من منازلهم في الشمال بأنهم سيتمكنون من العودة إلى ديارهم قريبا جدا. وقد أظهرت إسرائيل المزيد من الذكاء ضد الحركة الشيعية اللبنانية. فبدلا من تكرار قصف دريسدن كما حدث في غزة، طوّر عمليات مستهدفة شديدة التعقيد، أصابت كوادر حزب الله بشكل مباشر.
لكن هل سيكون هذا كافياً لردع الحزب الشيعي عن مواصلة مضايقته للأراضي الإسرائيلية؟ يتساءل الكاتب. ومن المؤكد أن إسرائيل وحزب الله لا يرغبان في إعادة المباراة المؤذية التي دارت بينهما في يوليو عام 2006. إلا أن جنون العظمة، والمشاحنات بين الأنا، والمبالغة في التفسيرات من الممكن أن تدفعهما، رغماً عنهما، إلى تصعيد لا يمكن السيطرة عليه، وفق جيرار.
ويأتي التحدي الأخير من الزعيم الحقيقي لحزب الله، جمهورية إيران، يقول الكاتب، موضّحاً أن نتنياهو يعتقد أن إيران النووية ستشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل. ولكن لماذا إذن لا يشجع على عقد “صفقة كبرى” دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران؟ ألن تعمل هذه الأخيرة على نزع فتيل تهديدات النووي الإيراني و“محور المقاومة” العربي الإسلامي الذي يثقل كاهل إسرائيل على الفور؟ يتساءل رينو جيرار، موضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيتوجه يوم الأربعاء 25 سبتمبر 2024 إلى الولايات المتحدة، وقائلا: “لنأمل، من أجل السلام، في أن يتمكن من القيام بهذه القفزة الاستراتيجية، التي تعادل في جرأتها ما قام به السادات المصري، بذهابه إلى القدس في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 1977″.