دعاة السلام في مرمى النيران.. لوموند: قمع دموي إسرائيلي للمعارضة السلمية للاستيطان في الضفة الغربية  

2024-09-15

 

يدعو الوزراء المتعصبون في الحكومة الإسرائيلية الآن إلى التعامل مع التحدي الفلسطيني في الضفة الغربية بنفس الوحشية كما هو الحال في غزة (أ ف ب)توقف جان بيير فيلو، الأكاديمي الفرنسي المعروف وأستاذ العلوم السياسية، في مقال رأي بصحيفة “لوموند”، عند مقتل الناشطة التركية- الأمريكية عائشة نور إزغي، في يوم السادس من الشهر الجاري خلال مظاهرة أسبوعية في بيتا، شمالي الضفة الغربية المحتلة، احتجاجا على توسيع الاستيطان.

كانت هذا السيدة البالغة من العمر 26 عاماً، منخرطة في حركة تضامن دولية سلمية مع السكان الفلسطينيين (تماما مثل راشيل كوري، الناشطة الأمريكية البالغة من العمر 23 عاما، التي سحقتها جرافة إسرائيلية عام 2003) برفح في قطاع غزة، أثناء وقوفها أمام هذه الآلة لمنع هدم منزل فلسطيني.

تجرأ الرئيس الأمريكي جو بايدن على وصف القتل العنيف لمواطنته بأنه “حادث”، في حين لم تمارس إدارته ضغوطا على إسرائيل أكثر مما فعلت خلال مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة في شهر مايو عام  2022، أو العامل الإنساني جاكوب فليكنجر في شهر أبريل الماضي في غزة، وكلاهما أمريكيان، يقول الأكاديمي الفرنسي.

دعاة السلام في مرمى النيران

يضيف جان بيير فيلو القول إن الناشطة الشابة عائشة نور إزغي قُتلت بينما يستمر الاستيطان الإسرائيلي في القدس الشرقية والضفة الغربية بكثافة غير مسبوقة، على خلفية من العنف، وهو أيضا غير مسبوق منذ الانتفاضة الثانية. وقد خلفت هذه الانتفاضة ألف قتيل إسرائيلي، وثلاثة أضعاف العدد من الفلسطينيين، قبل أن تنتهي بانتصار إسرائيلي توج بالانسحاب من قطاع غزة، وفق تعبير الكاتب الفرنسي.

يدعو الوزراء المتعصبون في الحكومة الإسرائيلية الآن إلى التعامل مع التحدي الفلسطيني في الضفة الغربية بنفس الوحشية كما هو الحال في غزة. وفي الواقع، منذ يوم السابع من أكتوبر 2023، قُتل حوالي 700 فلسطيني على يد الجنود والمستوطنين الإسرائيليين في هذه الأرض المحتلة (قُتل في المقابل 24 إسرائيلياً). ويتفاقم هذا التصعيد مع العمليات التي تنفذها إسرائيل ضد الجماعات المسلحة، التي غالبا ما تتمركز في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. ولكنه جزء من تاريخ طويل من قمع أيّ شكل من أشكال المعارضة، حتى غير العنيفة، للاستيطان الإسرائيلي.

وتابع الأكاديمي الفرنسي موضّحا أن قرية بلعين الواقعة غرب مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، تُعدّ رمز هذا الاحتجاج السلمي منذ فترة طويلة، حيث تجري مظاهرات أسبوعية منذ عام 2005 احتجاجا على مصادرة 60% من أراضيها، وبناء الجدار الفاصل. ونجحت هذه التعبئة اللاعنفية في تحقيق تعديل محدود لمسار الجدار، والذي مع ذلك يستمر في الارتفاع بالأراضي المحتلة. لكن هذا النصر النسبي لم يتم تحقيقه إلا على حساب مقتل شخصين وإصابة العديد، واعتقال حوالي 100 متظاهر وحصار طويل للقرية.

وقد تتبّع فيلم Five Broken Cameras، الذي تم ترشيحه لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي عام 2013، ملحمة المقاومة الجماعية في بلعين. وقد قام سكان قرية النبي صالح الصغيرة بالتعبئة منذ عام 2009 للاحتجاج على التعديات من مستوطنة حلميش المجاورة. ففي شهر ديسمبر عام 2017، أصيب مراهق من القرية، محمد التميمي، بتشوهات بسبب رصاصة إسرائيلية في الرأس، قبل وقت قصير من سجن ابنة عمه، عهد التميمي، البالغة من العمر 16 عاما، لمدة ثمانية أشهر بعد تجرئها على صفع جندي إسرائيلي اقتحم منزل أهلها. وما تزال قرية النبي صالح، التي يغلقها جيش الاحتلال بانتظام، في حالة حداد على وفاة مواطن يبلغ من العمر 19 عاما في شهر أكتوبر عام 2022، ثم طفل يبلغ من العمر عامين في شهر يونيو عام 2023، يوضح الأكاديمي الفرنسي.

مكافأة فعلية للجماعات المسلحة

تحت العنوان الفرعي: “مكافأة فعلية للجماعات المسلحة”، مضى جان بيير فيلو، موضحا أن الهجمات التي شنتها حماس من غزة في السابع من شهر أكتوبر 2023، أدت إلى موجة قمع غير مسبوقة من العنف في الضفة الغربية، حيث لم يعد المستوطنون يترددون في دعم العمليات العسكرية، إذا لم ينفذوا غاراتهم الخاصة ضد السكان الفلسطينيين.

ففي يوم 18 أكتوبر 2023، أطلق الجنود الإسرائيليون الرصاص الحي على المتظاهرين في قرية النبي صالح، مما أدى إلى مقتل أحدهم، فيما تم إغلاق الطريق الذي يربط القرية برام الله. وتم إطلاق سراح عهد التميمي، التي اعتقلت في 6 نوفمبر من منزلها، بعد ثلاثة أسابيع فقط في إطار عملية تبادل بين الرهائن الذين تحتجزهم حماس والأسرى الذين تعتقلهم إسرائيل.

في يوم 18 ديسمبر الماضي، سُجن منذر عميرة، وهو ناشط سلمي من مخيم لللاجئين في بيت لحم، لمدة شهرين في إسرائيل. وعلى الرغم من أنه كان معتقلا في الماضي، إلا أن الإذلال والحرمان الذي تعرض له هذه المرة أقنعه بتصميم إسرائيل على “كسر” أدنى معارضة، مع إحداث صدمة دائمة للأسرى، يشير الأكاديمي الفرنسي.

في فبراير/ شباط الماضي، منح مهرجان برلين جائزته لأفضل فيلم وثائقي لفيلم No Other Land، وهو فيلم إسرائيلي- فلسطيني عن مقاومة المجتمعات البدوية في مسافر يطا لطردهم المخطط له، في أقصى جنوب الضفة الغربية. وقد توفي الشاب هارون أبو عرام، الذي أصيب بالشلل قبل ثلاث سنوات بسبب إطلاق نار إسرائيلي، في كهف لجأت إليه عائلته. أما بلدة بيتا، غير البعيدة عن نابلس، فهي مسرح منذ ربيع عام 2021، لاستنفار واسع النطاق ضد إنشاء مستوطنة جديدة، يقول الأكاديمي الفرنسي.

في عام واحد، كان الثمن الذي دفعه 15 ألف فلسطيني للقمع باهظا للغاية: 13 قتيلا، و150 معاقا مدى الحياة، وآلاف الإصابات بالرصاص. وقُتل ثلاثة مراهقين آخرين في بيتا منذ أكتوبر 2023، قبل مقتل عائشة نور إزغي أيضا، يوضح جان بيير فيلو، مُعتبرا أنه من الطبيعي أن تصب مثل هذه الوحشية في صالح المنظمات الفلسطينية المختلفة، التي ترفض المسار السلمي لصالح الكفاح المسلح وحده.

ويشير الأكاديمي الفرنسي في نهاية مقاله إلى أنه وفقا للرأي الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في شهر يوليو الماضي، فإن إسرائيل ملزمة ليس فقط “بالوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية  الجديدة”، ولكن أيضا “بالإصلاح الكامل للضرر الناجم عن أفعالها غير المشروعة دوليا لكافة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المعنيين”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي