يفرُّ من السعادة فراره من الأسد، ولا يجد حفلة أو نشاطًا باعِثًا على السعادة إلّا تجنبه، أيُعقَل أن يفرّ المرء هاربًا من سعادته؟ قد لا يُعقَل ذلك، لكن "رهاب السعادة" موجود ويُعانِيه بعض الناس؛ إذ يشعرون بخوفٍ من السعادة وينفرون منها، وقد يعتقد بعضهم أنّ السعادة ستأتي بما هو سيئ أو كارثي في نهاية المطاف، ولعلّ ذلك بسبب تجربةٍ ما في طفولتهم، وربّما لا يكون بسببٍ واضح أو معقول، لكنّه يُؤثِّر في الحياة بلا شك، ويجعل الاكتئاب والشعور بالوحدة أقرب إلى الإنسان من أي وقتٍ مضى، فكيف السبيل إلى استعادة السعادة وترك الخوف منها؟وفقا لموقع الرجل
وهذا الرهاب لم يُبحَث على نطاقٍ واسع، وهو غير مُدرَج في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، الإصدار الخامس "DSM-5".
ترتبط معظم أعراض رهاب السعادة بالخوف الشديد أو الشعور بالرعب عندما تمرّ بموقفٍ يبعث على السعادة، ومن الأعراض والعلامات الدالّة على ذلك الرهاب:
يتملّك الخوف الإنسان بدرجةٍ كبيرة، فيبذل كل ما بوسعه لتجنّب ما يُوصِله بالسعادة من قريبٍ أو بعيد، بل حتى لو بدأ في الشعور بالسعادة، فسيُحاوِل تنحية ذلك الشعور جانبًا، كما قد يتجنّب المواقف التي يظنّ أنها قد تجعله سعيدًا، وهذا قد يُفضِي بمرور الوقت إلى تجنّب بعض المهام والأنشطة الضرورية في الحياة.
يُفضِّل المُصابون برهاب السعادة ألّا يكونوا سعداء للغاية، لاعتقادهم بأنَّ السعادة غالبًا ما يعقبها كوارث أو حزن، واقترح الباحثون في إحدى الدراسات أنَّ السبب في ذلك هو ربط هؤلاء الأشخاص السعادة بأي قلق قد يشعرون به لاحقًا، وإن لم يكُن هناك أي علاقة بينهما، ومِنْ ثَمّ يتجنبون الفرح تمامًا كي يشعروا بالأمان وعدم القلق.
يُعانِي المُصاب برهاب السعادة خوفًا كبيرًا عندما يُدعَى إلى أنشطة ممتعة أو يشعر معها الناس بالسعادة، فهو يشعر بالقلق عندما يُفكّر في تجمّع اجتماعي بهيج، مثل الحفلات، وسيختار عدم الحضور نتيجة لذلك، وهذا قد يجعله يفقد علاقاته الاجتماعية أو يخسر من حوله، وربّما يقضي كثيرًا من الوقت بمفرده ويشعر بالعزلة.
وهذا الخوف هنا مختلف عن القلق الاجتماعي، فالقلق الاجتماعي يخشى معه الإنسان أن يُحكَم عليه من قِبل الآخرين، أمّا هنا فلُبُّ تجنّب المواقف الاجتماعية هو الخوف من الشعور بالفرح والمشاعر السارّة الأخرى وليس الخوف من حُكم الناس أو رأيهم بك.