قالت وكالات الأمم المتحدة، الأربعاء 24 يوليو 2024، إن الصراعات والاضطرابات الاقتصادية والطقس المتطرف أفسدت جهود الحد من الجوع العام الماضي، حيث تأثر به حوالي تسعة في المائة من سكان العالم.
وقالوا في تقرير إن نحو 733 مليون شخص ربما يواجهون الجوع في عام 2023، وهو مستوى ظل ثابتا لمدة ثلاث سنوات بعد ارتفاع حاد في أعقاب جائحة كوفيد-19.
ولكن الصورة غير متوازنة. ففي حين أثر الجوع على واحد من كل خمسة أشخاص في أفريقيا، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ واحداً من كل أحد عشر شخصاً، فقد أحرزت أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي تقدماً، بينما توقفت آسيا عن تحقيق هدف القضاء على سوء التغذية.
كما توقف أيضاً خلال تلك الفترة الهدف الأوسع المتمثل في ضمان الوصول المنتظم إلى الغذاء الكافي للجميع.
أدى انعدام الأمن الغذائي المتوسط أو الشديد، الذي يجبر الناس على تخطي وجبات الطعام في بعض الأحيان، إلى تضرر 2.33 مليار شخص في العام الماضي - أي ما يقرب من 29% من سكان العالم.
ويشير التقرير الذي أعدته منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية واليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية إلى أن هدف الأمم المتحدة المتمثل في إيجاد عالم خال من الجوع بحلول عام 2030 يتلاشى بشكل أكبر.
ومن المعروف بالفعل أن الصراعات والفوضى المناخية والانكماش الاقتصادي هي العوامل الرئيسية وراء انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، والتي تتحد مع عوامل أساسية بما في ذلك التفاوت المستمر وعدم القدرة على تحمل تكاليف الأنظمة الغذائية الصحية والبيئات الغذائية غير الصحية.
ولكن هذه العوامل الرئيسية أصبحت أكثر تواترا وكثافة ــ وتحدث في وقت واحد في كثير من الأحيان ــ مما يعني تعرض المزيد من الناس للجوع وانعدام الأمن الغذائي، وفقا للتقرير.
وأضاف التقرير أن النظام الغذائي الصحي أصبح بعيد المنال بالنسبة لأكثر من ثلث سكان العالم في عام 2022، نقلاً عن تقديرات محدثة.
وهنا أيضا كانت التفاوتات الإقليمية صارخة: فأكثر من 71% من الناس في البلدان المنخفضة الدخل لا يستطيعون تحمل تكاليف الأنظمة الغذائية الصحية، مقارنة بما يزيد قليلا على ستة% في البلدان ذات الدخل المرتفع.
- 'لا وقت نضيعه' -
وبحسب ديفيد لابورد، الخبير الاقتصادي في منظمة الأغذية والزراعة وأحد مؤلفي التقرير، فإن الانتعاش الاقتصادي بعد كوفيد-19 كان غير متكافئ داخل البلدان وفيما بينها.
وأضاف في تصريح لوكالة فرانس برس أن الحروب والأحداث المناخية المتطرفة ستستمر بلا هوادة في عام 2023، لكن العالم فشل في وضع "خطة مارشال" لتعزيز الأموال المخصصة لمكافحة الجوع.
واقترح تقرير وكالات الأمم المتحدة، الذي قدم لقمة مجموعة العشرين في البرازيل، إصلاحا كبيرا لتمويل الأمن الغذائي والتغذية لتخفيف هذه الآفة.
إن هذا يتطلب البدء بتبني تعريفات مشتركة تجمع بين جميع الأطراف. فوفقاً للتقديرات الحالية، هناك حاجة إلى ما بين 176 مليار دولار و3975 مليار دولار للقضاء على الجوع بحلول عام 2030.
ومع ذلك، قال التقرير إن "الهيكل المالي المجزأ للغاية يجعل توسيع نطاق التمويل للأمن الغذائي والتغذية وتنفيذه بشكل فعال أمراً غير قابل للتطبيق".
وأضاف التقرير أن الجهات المانحة والوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات يجب أن تنسق فيما بينها بشكل أفضل لأن الوضع الحالي يفتقر إلى الأولويات المشتركة ويتميز "بالإفراط في انتشار الجهات الفاعلة التي تقدم في الغالب مشاريع صغيرة وقصيرة الأجل".
وقال لابورد إن الأمن الغذائي والتغذية لا يقتصران على "توزيع أكياس الأرز في حالات الطوارئ" فحسب، بل يشملان أيضا تقديم المساعدة للمزارعين الصغار وتوفير الوصول إلى الطاقة في المناطق الريفية التي يمكن أن تعمل على كهربة أنظمة الري.
ومن نقاط الضعف الأخرى في النظام الحالي أن نوايا الجهات المانحة لا تلبي دائماً احتياجات السكان، وفقاً للتقرير.
وقال لابورد إن المناقشات حول تربية الحيوانات في بعض الدول الأوروبية قد تثبط الاستثمار في تكثيفها في أفريقيا، وهو أمر ضروري.
وأشار إلى منطقة الساحل في أفريقيا، حيث أدى عدم الاستقرار المزمن والانقلابات العسكرية إلى دفع المانحين إلى تعليق مساعداتهم في الوقت الذي يحتاج فيه السكان إليها أكثر من أي وقت مضى.
وأوصى التقرير أيضا بتطوير أدوات مالية تجمع بين الأموال الخاصة والعامة حتى يتمكن الفاعلون من القطاع الخاص من الاستثمار في الأمن الغذائي، وهو مصدر للإنتاجية والاستقرار السياسي.
وخلص التقرير إلى أنه "ليس هناك وقت نضيعه، لأن تكلفة التقاعس عن العمل تفوق بكثير تكلفة العمل الذي يدعو إليه هذا التقرير".