قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، إن خطر حدوث قدر كبير من عدم الاستقرار في أعقاب الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية، يوم الأحد المقبل، يعمل على توليد القلق وحالة من الانتظار والترقب لدى المستثمرين الفرنسيين والأجانب. وهو شعور عززته تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه، قبل الجولة الأولى من هذه الانتخابات، عن خشيته من “حرب أهلية” في البلاد في حال وصول حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف ( تصدر نتائج الجولة الأولى) أو “الجبهة الشعبية الجديدة” لأحزاب اليسار (حلت ثانيا في الجولة الأولى) إلى السلطة.
وأضافت “لوموند” القول إنه على الرغم من أنه لم يتم -إلى حد علم الصحيفة حتى الآن- إلغاء أو تأجيل أي مشروع استثماري أو تنموي صناعي في هذه المرحلة، لكن الكثير من رواد الأعمال ينظرون إلى المستقبل بخوف. وتنقل الصحيفة عن باسكال كاني، مدير صندوق الاستثمار C4 Industries، قوله: “العديد من المستثمرين الذين تحدثنا معهم في الأيام الأخيرة يشعرون بالقلق واليقظة لما يحدث أو يمكن أن يحدث في فرنسا. نحن في حالة: ننتظر ونرى”.
ومع ذلك، قبل أقل من شهرين، كانت الاستثمارات الأجنبية تتدفق على فرنسا، وهو رقم قياسي تم الإعلان عنه خلال منتدى “اختر فرنسا”، الذي تم تنظيمه في فرساي يوم 13 من شهر مايوالمنصرم. وقد استقبل الرئيس الفرنسي شخصيا نحو 15 مليار يورو من الاستثمارات، مع ثمانية وعشرين مشروعا في المجموع، بما في ذلك بعض المشاريع التي نفذتها الشركات الأمريكية العملاقة مايكروسوفت، وأمازون، وفايزر، وغيرها، تُشير “لوموند”.
القلق يؤثر على الشركات الصغيرة والمتوسطة
ولم تدل أي من هذه المجموعات بأي تعليق منذ حلّ الرئيس الفرنسي الجمعية الوطنية، لكن الشك يخيم عليها، توضح “لوموند”، وتنقل في هذا الصدد عن أنتوان مويرو، الشريك في Lightspeed Venture Partners، وهو صندوق استثمر في العديد من الشركات الفرنسية الناشئة، تنقل عنه قوله: “إن عدم الاستقرار السياسي يمكن أن يعطل التمويل واستمرارية الأعمال، مما يجعل فرنسا أقل جاذبية. يفضل المستثمرون ظروفا مستقرة ويمكن التنبؤ بها”.
ويؤثر القلق أيضا على رؤساء الشركات الصغيرة والمتوسطة، إذ تشير دراسة أجراها اتحاد الشركات الصغيرة والمتوسطة قبل الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية ونشرت في صحيفة “ليز إيكو” يوم 27 يونيو/ حزيران، إلى أن 35% من مديري الشركات الصغيرة والمتوسطة الذين شملهم الاستطلاع والذين بلغ عددهم 1066 مديرا يعتبرون الاستقرار السياسي “أولوية”؛ ويخشى 47% تراجع النشاط خلال الأشهر المقبلة، تؤكد “لوموند”.
وقد أصبح المناخ أكثر توتراً منذ أن أعلن مقياس لوزين الجديد في 27 شهر يونيو المنصرم، أن عملية إعادة التصنيع الفرنسية “تعاني”. فمنذ بداية العام، كانت هناك العديد من عمليات إغلاق المصانع أو التهديد بالإغلاق، تقول “لوموند”.
ومضت الصحيفة معتبرة أن السلطة التنفيذية الفرنسية أثارت الخوف من خلال تقديم تحالف اليمين المتطرف واليسار على نفس المستوى كطارد مزدوج للمستثمرين الأجانب. وتقول الصحيفة إن الإليزيه أكد لها أن “ لديه إشارات واضحة للغاية بأن المشاريع معرضة للخطر”، دون تقديم أمثلة أو تفاصيل.
كما تنقل “لوموند” عن باسكال كانيي، رئيس منظمة Business France المسؤولة عن جذب الأجانب، قوله: “منذ وصول إيمانويل ماكرون إلى السلطة، أصبحت فرنسا مرة أخرى دولة جذابة، ويجب ألا نخسر في بضعة أشهر ما استغرق بناؤه سبع سنوات”.
وفي حديثه “بصفته الشخصية”، يعتقد هذا الصديق المقرب لإيمانويل ماكرون أن “برامج اليمين المتطرف و اليسار الراديكالي تشكل خطراً على الاقتصاد الفرنسي ويمكن أن تبطئ الاستثمار الأجنبي”.
الانتظار والترقب العام
كما تتأثر خطة الاستثمار الفرنسية 2030، التي تنفذها الحكومة منذ عام 2021 لتمويل قطاعات الابتكار وإزالة الكربون من الصناعة الفرنسية، بموقف الانتظار والترقب العام، تضّح “لوموند”، مشيرة إلى أنه منذ حل الجمعية الوطنية الفرنسية يوم التاسع من شهر يونيو، لم يتم فتح أي ملف جديد لدى الأمانة العامة للاستثمار التي تديره.
يوضح أحد مديريها: “نحن نتعامل فقط مع الحالات الحالية. وقد تم تخصيص 54 مليار يورو لهذه الخطة، ولكن ما يزال يتعين الالتزام بحوالي 22 مليار يورو. ويتعين أن يتم التصويت على مثل هذا التحول من قِبَل الجمعية الوطنية الجديدة بعد مناقشة عامة”.