من حوريات البحر إلى كائنات حية وسط نفايات.. أساطير وحقائق علمية عن البحار لم يجد العلماء لها تفسيراً

الأمة برس - متابعات
2024-03-22

(ا ف ب)

عند الحديث عن المحيطات وأعماقها يتبادر إلى الأذهان العديد من التساؤلات التي دفعت العلماء في البحث حول حقائق علمية عن البحار لم يوجد لها تفسير ، هذه الحقائق منها ما أكد العلماء عدم وجودها وأنها خرافات توارثناها مع مرور الزمن، وأخرى لا تزال إلى اليوم محط أبحاث مستمرة.

إذ يظل هناك عالم مجهول يستلقي تحت أمواج المحيطات الهائلة، حيث تكمن الخنادق والوديان السحيقة بأسرارها الدفينة. هذه الأعماق، التي تمثل الجبهة الأخيرة في استكشاف الأرض، تحتفظ بألغاز لم تتكشف بعد. 

العقبات التقنية تجعل من الصعب إرسال البشر لاستكشاف هذه الأعماق لفترات طويلة، وحتى الروبوتات المتطورة والمركبات التي يُتحكم بها عن بعد لم تتمكن من إعطائنا سوى لمحة جزئية عن هذا العالم الخفي.

في محاولة لإلقاء الضوء على هذا الغموض سنتطرق في فقرات هذا المقال إلى حقائق فريدة ومثيرة حول أعماق المحيطات، تلك البيئات السحيقة التي لا تزال تحتفظ بكنوز من المعلومات غير المكتشفة. كل حقيقة تمثل قصة مستقلة، تحمل في طياتها العجب والتساؤلات، ما يدفعنا للتفكير في مدى تعقيد وعظمة العالم الذي نعيش فيه. 

من الكائنات الحية التي تتأقلم مع الظروف القاسية لأعماق البحار، إلى الظواهر الطبيعية التي لا تزال خارج نطاق فهمنا، تلك الحقائق تعمّق شغفنا وفضولنا نحو استكشاف المزيد من أسرار كوكبنا العزيز.

حقائق علمية عن البحار ووجود حوريات البحر 

لطالما أسر مفهوم حوريات البحر، تلك المخلوقات الأسطورية ذات الجزء العلوي من الإنسان وذيل السمكة، خيال الإنسانية لقرون، حيث ظهرت في الفلكلور والأدب والفن في مختلف الثقافات حول العالم. ومع ذلك، من وجهة نظر علمية، لا توجد أدلة تدعم وجود حوريات البحر أو أي مخلوق تشبه الكائنات نصف الإنسانية ونصف السمكية التي وصفت في هذه الحكايات.

يعتمد العلم على الدليل التجريبي والملاحظة والتجربة لفهم العالم الطبيعي، ورغم الاستكشاف الواسع لمحيطات الأرض والبيئات المائية، لم يكتشف الباحثون أي نوع يمكن تصنيفه كحورية بحر. تعتبر المحيطات موطناً لتنوع هائل من الحياة، بما في ذلك العديد من الأنواع التي لم تتم دراستها أو اكتشافها بعد، ولكن لا شيء من الاكتشافات حتى الآن يشير إلى وجود حوريات البحر.

من المحتمل أن تكون أسطورة حوريات البحر قد نشأت من مشاهدات لحيوانات بحرية مثل الأطوم أو دوجونغ، وهي ثدييات بحرية تنتمي إلى رتبة السيرينيا. ربما اعتقد البحارة والمستكشفون قديماً أن هذه المخلوقات هي حوريات البحر من مسافة بعيدة، خاصةً عند أخذ سوء التغذية والاسقربوط ونقص الماء العذب الذي قد يؤثر على تصورهم خلال الرحلات الطويلة بعين الاعتبار.

غالباً ما يُعزى تفسير مشاهدات حوريات البحر الحديثة إلى التعرف الخاطئ، أو الخدع، أو قوة الفولكلور والخيال. بينما تحتل حوريات البحر مكاناً مهماً في التعبيرات الثقافية والفنية، لا يوجد أساس علمي لوجودها ككائنات بيولوجية حقيقية.

كائنات حية وسط نفايات المحيطات 

في عام 2018، شهد العلم اكتشافاً مذهلاً حينما بدأ باحثان في دراسة الفتات المجمع من النفايات في شمال المحيط الهادئ، ليجدوا ما لم يكن في الحسبان.

خلال تحليلهما للفتات الملتقط من كتل النفايات الطافية في وسط المحيط الهادئ، اكتشفا وجود كائنات بحرية دقيقة ومتناهية الصغر، تشمل السرطانات وشقائق النعمان. هذه الكائنات التي تعيش عادة بالقرب من الشواطئ على طول السواحل، قد عبرت بطريقة ما آلاف الأميال إلى هذا التجمع النائي من النفايات في شمال المحيط الهادئ. ولم يقتصر الأمر على وجودها هناك فحسب، بل كانت تتكاثر بسرعة وتزدهر في هذه البيئة الجديدة غير المألوفة.

كائنات حية وسط نفايات المحيطات – shutterstock

في العادة، يُعد المحيط المفتوح بيئة قاسية وغير مضيافة للكائنات البحرية الصغيرة مثل السرطانات وشقائق النعمان، ما يدفعها للتمسك بالسواحل الأقل خطورة، حيث يمكنها استغلال الرمال والصخور كدفاعات طبيعية. والآن، يبدو أنها تستخدم البلاستيك المتراكم في مكبات نفايات المحيط كملاذ جديد. الغموض يكمن في كيفية قطعها لهذه المسافة الطويلة في المقام الأول، وهل كانت تعلق بالبلاستيك منذ إلقائه في المحيط عبر نهر أو جدول ماء، متمسكة به لأشهر أو ربما سنوات، حتى وصلت إلى نفايات شمال المحيط الهادئ؟

ما يثير الدهشة أكثر هو كيف يمكن لهذه الكائنات أن تزدهر في بيئة مليئة بالنفايات غير القابلة للتحلل البيولوجي، والتي عادةً ما تعيق بقاء معظم أشكال الحياة. يبدو أن هذه الكائنات الدقيقة قد أسست نظاماً بيئياً كاملاً جديداً من عناصر غير طبيعية تماماً، ما يشكل لغزاً يحير العلماء الذين لا يزالون يجهلون الآلية التي مكنتها من تحقيق ذلك.

أمواج تتسبب في موت البحارة 

حسب موقع "Listverse" النيوزيلندي عادةً ما كان البحارة يروون قصصاً عن مواجهتهم للموجات المارقة في أنحاء مختلفة من العالم، مؤكدين على وجود هذه الظاهرة الغامضة. يصفون المحيط بأنه يبقى على حالة من الاستقرار بارتفاع معين للموج، وفجأة وبدون أي إنذار مسبق تظهر الموجة المارقة من العدم لتضرب بقوة شديدة.

هذه الموجات المارقة ترتفع بشكل كبير فوق الموجات المحيطة بها، وقد تؤدي في بعض الأحيان إلى إلقاء البحارة من على متن السفن إلى أعماق البحر، أو حتى في الحالات الأكثر خطورة، إلى انقلاب السفن وفقدان الأطقم بأكملها في المحيط.

أمواج تتسبب في موت البحارة  – shutterstock

على مر العصور، ظل العلم مشككاً في صحة تقارير البحارة عن هذه الظاهرة، معتبراً أنها مجرد مبالغات أو سوء تقدير ناتج عن ضغوط مواجهة البحر. كان يُعتقد أن البحارة يبالغون في وصف ارتفاعات الموجات المارقة، أو أن ذاكرتهم قد خانتهم بسبب التوتر.

لكن كل هذه الشكوك تبددت في الأول من يناير/كانون الثاني عام 1995، عندما تم تسجيل واحدة من أغرب الموجات على الإطلاق بواسطة منصة دروبنر للغاز الطبيعي في بحر الشمال، حيث وصل ارتفاع الموجة إلى 25.6 متر، وهو ما يتجاوز بكثير ارتفاعات الموجات المعتادة في هذه المنطقة.

ما يزيد الأمر رعباً هو أن العلم أثبت الآن بالفعل وجود الموجات المارقة، مؤكداً صحة آلاف التقارير التي قدمها البحارة عبر العصور. ورغم أننا نعلم الآن بوجودها، فإن الأسباب التي تجعل الموجة تصبح مارقة لا تزال مجهولة حتى بعد مرور ثلاثين عاماً على حادثة دروبنر.

الشفق بداية الظلام في المحيط 

تنخفض كمية ضوء الشمس التي تخترق سطح الماء بشكل تدريجي كلما زاد العمق في المحيط. بمجرد الوصول إلى عمق مئات الأمتار تحت سطح البحر يصبح من الصعب رؤية ما تحت الماء بوضوح. عند النزول إلى حوالي 200 متر تصل إلى ما يُعرف بالمنطقة متوسطة العمق، المشهورة أيضاً باسم "منطقة الشفق"، حيث يكاد ضوء الشمس يختفي بالكامل.

في هذا العمق، يبدأ الظلام الدامس بالظهور، ما يجعل من الصعب ليس فقط الرؤية ولكن أيضاً البحث والاستكشاف. قد لا يبدو عمق 200 متر كبيراً مقارنةً بأعماق المحيطات العظمى، لكن المعرفة العلمية حول ما يحدث تحت هذا العمق تتضاءل بشكل كبير.

حسب المصدر نفسه أشارت أندون لافري، خبيرة من معهد وودز هول لعلوم المحيطات، في تصريح لها إلى أن فهمنا لهذه المنطقة محدود للغاية، حيث إن الوصف بما لا نعرفه قد يكون أسهل من وصف ما نعرفه فعلاً. 

تُعد هذه المنطقة بعيدة، وعميقة، ومظلمة، ومستعصية، وغير متوقعة. وتضيف صعوبة وتكلفة إنزال الكاميرات والمعدات الأخرى إلى هذا العمق تحدياً كبيراً للباحثين.

إضافةً إلى ذلك، يمكن أن يؤدي استخدام الإضاءة الصناعية لمحاولة رؤية الكائنات الحية في هذا العمق إلى تغييرات جذرية في البيئة المحيطة، ما يؤثر على سلوك الأسماك وتفاعلاتها، لذلك تبقى المعلومات والملاحظات الموثوقة حول ما يحدث في منطقة الشفق نادرة ويظل الحصول عليها صعباً. بالنهاية تظل هذه المنطقة لغزاً كبيراً يحير العلماء والباحثين حتى يومنا هذا.

تحديد المواقع أسفل المحيطات 

رغم التقدم الكبير في التكنولوجيا لم يتم بعد اكتشاف أكثر من 75% من قاع المحيطات العالمية، حيث تم رسم خرائط نحو 24.9% فقط من إجمالي مساحتها حتى نهاية عام 2023. وفي ظل استخدام التقنيات المتقدمة مثل أنظمة السونار متعددة الحزم، تمكن العلماء من رسم خرائط لمساحات واسعة من قاع البحر بدقة عالية، تكشف عن تضاريس معقدة وغير مكتشفة بعد. 

ومع ذلك يبقى الجزء الأكبر من قاع المحيط غير معروف، ويحمل أسراراً قد تغير فهمنا للعالم تحت الماء.

الاكتشافات الحديثة في قاع البحر تبرز مدى غموض هذا العالم الخفي، حيث يكتشف المستكشفون بانتظام مناطق لم تُرَ مسبقاً، ما يجعل قاع البحر أكثر إثارة للدهشة والخوف مقارنةً بسطح القمر أو المريخ. في الواقع، يعد قاع البحر أحد أكثر الأماكن غموضاً على كوكب الأرض، حيث يعتبر كل نزول إلى الأعماق فرصةً لاكتشاف عوالم جديدة تماماً.

تم رسم خرائط لنصف قاع المحيط للمياه الإقليمية للولايات المتحدة فقط، رغم استخدام أحدث التقنيات، مثل أنظمة السونار المثبتة على السفن لا يزال هناك الكثير من الحقائق لم تُكتشف بعد حول ما يحدث في أعماق البحار والمحيطات.

منطقة الطين الأكثر غموضاً في العالم 

واحدة من الألغاز العلمية التي لا تزال تحير العلماء حتى اليوم هي قصة الطين الموجود تحت قاع البحر مباشرة، والمعروف بانقطاع موهوروفيتش، أو انقطاع موهو. هذه المنطقة التي تفصل قشرة الأرض عن الوشاح أسفلها، تلعب دوراً حيوياً في فهم عمليات الأرض الجيولوجية مثل حركة الصفائح التكتونية وأسباب الزلازل. رغم أهميتها تظل منطقة انقطاع موهو واحدة من أكثر المناطق غموضاً على الكوكب.

في محاولة جريئة قبل حوالي ستين عاماً، خطّط العلماء لمشروع طموح يهدف إلى الحفر عبر قاع البحر للوصول إلى انقطاع موهو، ومن ثم سحب قطعة من وشاح الأرض نفسه، وهي مهمة لم يسبق لأحد أن أنجزها. الهدف كان ليس فقط الحصول على عينات من الوشاح، بل أيضاً فهم أعمق لكيفية تكوين وتطور الأرض.

لسوء الحظ لم تُكلل المحاولة بالنجاح، وظل الوصول إلى انقطاع موهو حلماً بعيد المنال. ورغم فشلها لا يزال العلماء يأملون في أن تتيح التقنيات المتطورة في المستقبل الفرصة لتحقيق هذا الهدف. حتى ذلك الحين، يقبل العلماء بما هو معروف حالياً عن انقطاع موهو، وهو قليل نسبياً، ما يترك هذا الجزء الحيوي من الكوكب ملفاً غامضاً ينتظر من يكشف أسراره.

تعد المحيطات في عالمنا من المناطق التي لا تزال محط اكتشافات بالإضافة إلى أنها من الأماكن الأكثر غموضاً الذي يسعى العلماء إلى اكتشافها ومعرفة أسرارها.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي