لوفيغارو: حرب أوكرانيا وسياسة ترامب تظهران مدى الحاجة لإعادة تسليح أوروبا دون الاعتماد على واشنطن  

2024-02-27

 

دونالد ترامب الرئيس السابق لأمريكا (ا ف ب)

فيي مقاله رأيه بصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، حذّر الكاتب الجيوستراتيجي رينو جيرار، من العودة المحتملة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض، قائلا إن هناك حاجة ملحّة لإعادة تسليح أوروبا دون الاعتماد على الولايات المتحدة.

وأضاف: “دعونا لا نخدع أنفسنا. هناك حاليا ظاهرة ترامب في الولايات المتحدة. على الرغم من القمع الشديد ضده من قبل جميع القضاة والأساتذة والصحافيين تقريبا، فقد حقق الرئيس السابق عودة مذهلة. لقد رأينا ذلك مرة أخرى، في 24 فبراير 2024، بمناسبة فوزه المدوي في الانتخابات التمهيدية لولاية كارولاينا الجنوبية ضد الحاكمة السابقة نيكي هيلي”.

لكن هذا لا يعني بالطبع أن ترامب سيفوز بالانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وأنه سيعود إلى البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني 2025. فمن الممكن أن تكون هناك العديد من الأحداث غير المتوقعة في الأشهر الثمانية المقبلة. ويستطيع جو بايدن التغلب بشكل مثالي على فجوة النقاط الثلاث التي نسبتها إليه استطلاعات الرأي.

ولكن من الواضح بالفعل أن ترامب قد حقق السيطرة الكاملة على الحزب الجمهوري. والدليل على ذلك أن رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، فضّل إرسال مجلسه في إجازة لمدة أسبوعين بدلا من تقديم مشروع قانون أقره مجلس الشيوخ، يقضي بمنح مساعدات عسكرية ومدنية إضافية بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا.

ويتلكأ رئيس البرلمان الأمريكي لأن دونالد ترامب عبّر عن شكوكه بشأن الحاجة إلى مواصلة تمويل أوكرانيا. كحجة، يزعم مايك جونسون أن أمن الولايات المتحدة يجب أن يبدأ من خلال استعادة ضبط حدودها مع المكسيك. وهو يريد إرغام الكونغرس على تمويل بناء الجدار الحدودي بشكل أكبر، ومن ثم تقديمه باعتباره انتصاراً للحسّ السليم للحزب الجمهوري.

كان الرئيس الديمقراطي جو بايدن يأمل أن يشعر الرأي العام الأمريكي، بالمعنى الأوسع، بالاشمئزاز من مثل هذا الشجار البرلماني مع الحزب الجمهوري حول موضوع خطير مثل تقديم المساعدة لحليف يتعرض للهجوم ويواجه صعوبات. غير أن ذلك لم يحدث. صحيح أن الحزب الديمقراطي ليس أبيض وأزرق عندما يتعلق الأمر بعرقلة مبادرات الرئيس. فلم يكد ترامب يتولى منصبه في يناير/ كانون الثاني 2017 حتى لجأ الحزب الديمقراطي إلى كل الحيل، بما في ذلك محاولة عزله لمنعه من الحكم، يُذَكِّرُ الكاتب.

ومع أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض لم تعد مستبعدة، في ظل استمرار التهديد الروسي على الحدود الشرقية لأوروبا، فقد بدأ الأوروبيون يشعرون بالذعر من فكرة تخلص الشقيقة الكبرى الولايات المتحدة منهم. فقد أكد ترامب مؤخرا أن بلاده لا ينبغي أن تشعر بأنها ملزمة بالتدخل عسكريا لصالح حليف في الناتو قد يتعرض لهجوم من روسيا.

وكما كرر خلال لقاء في كارولاينا الجنوبية في 10 شباط/ فبراير 2024، يعتبر ترامب أن معظم الدول الأوروبية لا تبذل جهودا كافية للدفاع عن نفسها، وأنها بالتالي لا تستحق الدعم الأمريكي التلقائي، يُتابع الكاتب. وسواء كان هذا التفسير يتعارض مع نص وروح المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي (1949)، فإن زعيم حركة “ماغا” (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) لا يبالي.

وفي مواجهة أوكرانيا التي ما تزال شجاعة ومصممة على الدفاع عن نفسها، ولكنها منهكة بسبب القتال، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على حق في عقد مؤتمر بقصر الإليزيه، في 26 فبراير/ شباط 2024، لدعم الحلفاء الأوروبيين، والتأكيد على أن “روسيا لا تستطيع ولا يجب عليها أن تفوز بهذه الحرب”.

والحقيقة أنه في حالة انتصار روسيا والاستيلاء على كييف، فمَن يستطيع أن يضمن أن نظام بوتين لن يفكر في مهاجمة الجمهوريات السابقة الأخرى في الاتحاد السوفييتي السابق، مثل دول البلطيق؟ يتساءل الكاتب، مضيفاً أن الحرب في أوكرانيا والسياسة الترامبية تظهر مدى إلحاح إعادة التسلح التقليدي الأوروبي.

ومن الممكن أن تتخذ فرنسا مبادرة أطول أمدا غدا، مثل ضم الدول الكبرى الثلاث الأخرى في القارة إلى معاهدة لانكستر هاوس (2010)، التي تنظم التعاون الوثيق بين الجيشين الفرنسي والبريطاني وصناعات الأسلحة. والحديث هنا عن الدول ذات الأهمية العسكرية مثل ألمانيا وإيطاليا وبولندا. إن مثل هذه المبادرة العملية ستكون أكثر واقعية بكثير من ثعبان البحر للدفاع الأوروبي الذي تم الحديث عنه عبثاً منذ معاهدة ماستريخت، يقول رينو جيرار، في ختام مقاله بـ“لوفيغارو”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي