الطلاّب العرب في لبنان.. أسباب مختلفة للقدوم وتحديّات جراء الأزمة الاقتصادية

الأمة برس
2024-02-24

مبنى وزارة التعليم ف اللبنانية (الأناضول)بيروت - ترى الأستاذة الجامعية والباحثة في الشؤون القانونية ليلى عاصي أن عدم الاستقرار الاقتصادي في لبنان، في ظل تدهور الوضع الأمني في الجنوب أيضا، كان له أثر على الطلاب الراغبين في القدوم للدراسة في لبنان، حيث تقول إنهم باتوا يفضلون التوجه إلى بلدان أكثر أمنا، وفقا لوكالة أنباء العالم العربي.

وأوضحت عاصي في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن أسباب التحاق الطلّاب العرب بالجامعات اللبنانية تتباين بحسب الأوضاع التي دفعتهم للقدوم إلى لبنان، الذي "شكّل لعقود طويلة مركزا أساسيا للطلاب العرب الراغبين في متابعة تعليمهم وتطويره، نتيجة المستوى الذي كانت تحظى به الجامعات في المنطقة".

وقالت إن "النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين مثلا يعيشون في لبنان، وأولادهم يتعلمون في المدارس والجامعات، في حين أن أبناء جنسيات أخرى يأتون بشكل منفرد، مثل اليمنيين".

أضافت "الطلاب العرب، والأجانب أيضا، يشكلون رافدا مهما للجامعات؛ فهم يأتون بخبراتهم الأكاديمية في بلدانهم ليتبادلونها مع زملائهم، والتي تؤسس لمرحلة لاحقة من التواصل التعليمي والثقافي... يضاف إليها الحركة الاقتصادية من الاستئجار في السكن الجامعي ورسوم التسجيل والمشاركة في النشاطات وغيرها".

لكنها قالت إن الازمة الاقتصادية "أثّرت بشكل مباشر على القطاع التعليمي في لبنان، فازداد الإضراب من قبل الأستاذة على تدني رواتبهم، وشهدنا انتقال عدد من الطلاب من الجامعات الخاصة إلى الرسمية نتيجة ارتفاع رسوم التسجيل".

* طلاب سوريون
يعيش الطالب السوري خالد العشي منذ ثماني سنوات في لبنان، التي كانت تعتبر بالنسبة له ولغيره من أبناء بلاده وجهة مثالية لتلقي الدراسة نظرا لقربها من سوريا.

ويرى العشي أن لبنان يُعتبر بالنسبة لمعظم الطلاب السوريين أحد الطرق لعدم الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية في بلادهم، من خلال محاولة الحصول على منح أو التسجيل في الجامعات الخاصة للحصول عبرها على أوراق ثبوتية تساعدهم في الاقامة الشرعية.

لكنه قال في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن "في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، والتضييق على اللاجئين السوريين، أصبحت بيروت بالنسبة لنا محطة انطلاق لبلد آخر وليست مكان إقامة نهائيا... على الرغم من أننا نفضل البقاء هنا، كونها (لبنان) تبقى قريبة من بلدنا".

أضاف "العودة حاليا إلى سوريا ترتبط بالحالات الفردية؛ فمنهم من لا يعود لأنه مطلوب للخدمة العسكرية؛ أو نتيجة لموقفه السياسي المعارض، حيث يتخوّف من اعتقاله؛ أو من يمكنه العودة، لكن الأوضاع الاقتصادية فيها (سوريا) تمنعه".

وأوضح أن دراسة الطلاب السوريين في الجامعات اللبنانية "ليست مرتبطة بالأساس بالحرب في سوريا؛ فالعديد من الطلاب كانوا يُنهون تعليمهم الثانوي ويتابعونه في لبنان، أو يُكمِلون دراساتهم الأكاديمية في الجامعات اللبنانية".

وتابع "هناك طبقة من السوريين ممن يملكون القدرة المادية على التسجيل في جامعات ذات تكلفة مرتفعة مثل الجامعة الأميركية ببيروت، التي تصل لمئات آلاف الدولارات في السنة... بعض العائلات يمكنها إرسال رسوم التسجيل لأبنائها، وهناك آخرون يعتمدون على دعم الجمعيات عبر المنح الدراسية أو يتجهون للعمل لتأمين أقساطهم".

* طلاب سودانيون
من جانبها، أوضحت القائمة بأعمال السفارة السودانية في بيروت سارة إدريس أن الطلاب السودانيين يواجهون صعوبات أيضا.

وقالت إدريس لوكالة أنباء العالم العربي "الطلاب السودانيون هم أبناء العائلات التي تعيش في لبنان منذ سنوات، فلم يأت طلاب من السودان خلال الحرب الأخيرة إلى بيروت... الموجودون حاليا في الجامعات اللبنانية هم يعيشون هنا... معظم الطلاب حاصلون على منح دراسية، وعددهم قليل بحدود العشرين طالبا".

أضافت "نتيجة للأوضاع في السودان وخسارة الناس لوظائفهم والتخريب الذي تعرضت له الجامعات والمدارس والبحوث العلمية، فكل الطلاب السودانيين يبحثون الآن عن مؤسسات تعليمية لإكمال دراستهم".

وتابعت "بعض الجامعات الخاصة في السودان حوّلت مراكزها إلى دول أخرى مثل مصر؛ وبعض الطلاب يحاولون إتمام تعليمهم عبر التعليم الافتراضي (عن بعد) وبعض الدول العربية حاولت مساعدتهم عن طريق المنح مثل سلطنة عمان".

وأردفت قائلة "كنّا نعمل في لبنان لتأمين منح مماثلة، لكن الأوضاع غير المستقرة وصعوبة الحصول على هذه المنح الدراسية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، لا تشجعنا على الاستمرار في العمل عليها في الوقت الراهن".

وأشارت القائمة بأعمال السفارة السودانية إلى أن خطوات كانت قد اتّخذت بالتوجه إلى وزارة التعليم في لبنان؛ لكنها أوضحت أن السفارة فضّلت التريث نظرا لأن العائلات في السودان من الصعب عليها إرسال أبنائها إلى بيروت.

وقالت "حتى لو كانوا يعيشون في حرب، فلا تستطيع إقناعهم بإرسالهم وهم يتابعون الأخبار عن إمكانية اتساع الحرب... في حال انتهاء الحرب، يمكن حينها البحث في إتمام العمل عليها، وأن تكون المنح جزئية أو كليّة، تغطي تكلفة السكن والتعليم وبعض المصروفات الشخصية".

أضافت "الأهل الذين كان باستطاعتهم إرسال أولادهم عبر قدرتهم المالية، فقدوا الإمكانيات نتيجة للحرب، نتيجة للسرقات والدمار، وأصبحوا يعتمدون الآن على المغتربين لمساعدتهم على الحياة".

وأشارت إدريس إلى أن إحدى المشكلات التي تواجه الطلاب السودانيين في لبنان عدم قدرتهم على العمل بشهاداتهم الجامعية "بسبب جنسيتهم فقط، نتيجة قوانين العمل، فيتجهون للبحث عن العمل والهجرة نحو الخليج وأوروبا، ومنهم من لا يفكرون في العودة إلى السودان، كونهم ولدوا وعاشوا في لبنان ولا يعرفون بلدهم الأصلي".

وأردفت قائلة "الأهل الذين يفضّلون بقاء بناتهم هنا، يتجهن للعمل في مهن بسيطة... أو للتطوع في المنظمات والجمعيات".

* يمنيون وعراقيون
وبحسب الكاتب عمار الأشول، الحاصل على درجة الماجيستير في علوم الإعلام والاتصال من الجامعة اللبنانية، فإنه "خلال الحرب في اليمن، كان لبنان من ضمن البلدان القليلة التي كان يذهب إليها المواطن اليمني بدون تأشيرة مسبقة، وإنما يُمنح التأشيرة في مطار بيروت ضمن شروط بسيطة".

وقال إن الطالب اليمني كان يدخل إلى لبنان لمدة ثلاثة أشهر للسياحة، ثم يبحث عن فرصة دراسيّة "إما على نفقته الخاصة أو اعتمادا على التبادل الثقافي بين البلدين؛ وهذا التبادل استمر من جانب واحد، كونه لم يعد هناك طلاب لبنانيون يتوجهون إلى اليمن بسبب الحرب".

أضاف "غالبية الطلاب يعودون إلى اليمن، أو جزء منهم يتجه لإكمال دراساتهم العليا في بلدان أخرى مثل مصر وألمانيا، بسبب عدم توفر فرص عمل لهم في لبنان أو لانتهاء منحهم الدراسية التي تمنح لهم من جانب وزارة التعليم العالي في اليمن".

وبينما يعتبر الأشول أن الأزمة الاقتصادية في لبنان أثّرت على الطلاب اليمنيين "بفقدهم الشعور بالاستقرار والأمان الدراسي والمعيشي"، فإنه يرى أن الأزمة اليمنية كان لها الأثر الأكبر "لأن المنح الدراسيّة التي كانت تُعطى لهم تتأخر بين ستة أشهر وسنة، لتتراكم لدى السفارة المبالغ ويتسلمونها متأخرا".

أما الطالب العراقي محمد ربيعة، فقال لوكالة أنباء العالم العربي إن "الطلاب العراقيين فضلوا التوجه إلى لبنان خلال السنوات السابقة نتيجة لانهيار سعر الصرف، فأصبحت تكلفة الدراسة بالنسبة لهم أقل مقارنة مع (تكلفة) توجههم إلى جامعات في دول الخليج".

لكنه قال إن "المشكلة التي حدثت منذ سنتين وما زالت تتفاعل أمورها حتى اليوم، أثرت على الثقة بين العراق ولبنان"، وذلك في إشارة إلى ما أثير حول تزوير تصديق الشهادات الجامعية من قبل موظفين في وزارة التربية اللبنانية.

ويتابع القضاء اللبناني النظر في ملفّ الطلاب العراقيين، حيث أصدر قرارات بتوقيف موظفين ومندوبين في وزارة التربية ومتابعة التحقيقات معهم؛ كما أصدر عباس الحلبي، وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال، قرارات بحق موظفين وأوقفهم عن العمل، نتيجة ما اعتبره تجاوزهم وتلقيهم رشا لإنجاز المعاملات للطلاب العراقيين.

وقال ربيعة "هناك رغبة لدى الطلاب العراقيين لإكمال دراستهم في لبنان؛ ولكن حل الأزمة الحاصلة ضروري حتى لا يخسر كلا الطرفين، العراقي واللبناني، هذه الفرصة في التبادل الدراسي والمادي؛ فهناك العشرات من الطلاب في العراق يعترضون على تأخر صدور شهادتهم من بيروت".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي