يلعب بالنار.. ليمانيتي: بايدن يخاطر بربطه بسياسة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة

2023-12-12

الرئيس الامريكي جو بايدن (أ ف ب)في مقابلة مع صحيفة “ليمانيتي” الفرنسية، قال الدبلوماسي الفرنسي السابق إيف أوبين دو لا ميسوزيير، الذي ترأس قسم شمال إفريقيا والشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية لفترة طويلة، إن البيت الأبيض يلعب لعبة خطيرة مع إسرائيل، مضيفاً أنه مع ظهور الصين على وجه الخصوص، لم تعد الولايات المتحدة تفرض نفسها بمفردها على الساحة.. ومع ذلك فإن واشنطن تحتفظ بمركز مهيمن فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، ويظل ثقلها في المنطقة مركزيا، وتظل علاقتها مع إسرائيل قوية للغاية، حيث إن إسرائيل هي نقطة الدعم الرئيسية للأمريكيين في الشرق الأوسط.

إلى أي حد ستدعم واشنطن سياسة إسرائيل الاستعمارية وحملة القصف في غزة دون تحفظ؟.. رداً على هذا السؤال قال الدبلوماسي الفرنسي إنه يبدو أن هذا ما يدل عليه استخدامها الأخير للفيتو ضد مشروع قرار وقف إطلاق النار الفوري في غزّة، رغم أن الأغلبية صوتت لصالحه في مجلس الأمن الدولي . ويشير المعلقون إلى أن هذا هو الفيتو الأمريكي 35 لإعفاء إسرائيل من قرارات الأمم المتحدة. وتقوم الولايات المتحدة أيضًا بتوريد الأسلحة وتقديم القروض المصرفية لإسرائيل. ومع ذلك فإن العلاقات بين البلدين تشهد صعودا وهبوطا في بعض الأحيان.

ففي عام 2001، في مدريد، أجبرت الولايات المتحدة إسرائيل على قبول دمج منظمة التحرير الفلسطينية في الوفد الأردني، حتى تتمكن من المشاركة في المفاوضات التي أسفرت عن اتفاقات أوسلو. وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2016، سمح امتناعها عن التصويت في مجلس الأمن باعتماد القرار 2334، الذي يدعو إسرائيل إلى إنهاء استعمارها للأراضي المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. وعلى الرغم من أنها تميل إلى استخدام الفيتو في مجلس الأمن، إلا أن الولايات المتحدة تعرف أيضا كيفية ممارسة الضغط على إسرائيل، يتابع الدبلوماسي الفرنسي.

ماذا عن اليوم؟.. أوضح الدبلوماسي الفرنسي السابق أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يضغط من أجل التوصل إلى هدنة. وكان يعتقد أنه يمكن أن يكون له تأثير على نتنياهو، وأنه يمكن أن يهدئه. لكن الهدنة انتهت وكان الهجوم الثاني للجيش الإسرائيلي أسوأ من الأول. ففي مواجهة المتطرفين والعنصريين والمخلصين للحكومة الإسرائيلية، من الواضح أن الولايات المتحدة تفقد نفوذها، وتتدهور صورتها في بلدان الجنوب العالمي.

ومع الفيتو الأخير، الذي أعقبه مباشرة بيع كميات كبيرة من القذائف لإسرائيل، فإن الولايات المتحدة تنفّر الرأي العام العربي، يقول الدبلوماسي الفرنسي السابق، معتبراً أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لو كان شجاعاً بعض الشيء، لكان بإمكانه أن يمتنع عن التصويت. وبذلك يكون قرار وقف إطلاق النار قد تم إقراره، وكانت إسرائيل ستضطر إلى الاعتدال.

إذن جو بايدن يلعب بالنار؟.. رداً على السؤال، اعتبر الدبلوماسي الفرنسي السابق أنه على المستوى الدولي، فإن الرئيس الأمريكي يواجه خطر الارتباط بسياسة الإبادة الجماعية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية.. داخلياً، خسر أصوات المسلمين وانقسم معسكره الديمقراطي حيال موقفه من الحرب في غزة.. ففي منتصف عام انتخابي، وفي ظل الكمين الذي نصب لسلفه الجمهوري دونالد ترامب، يقوم جو بايدن برهان محفوف بالمخاطر للغاية، وأصبحت الصورة التي سيتركها للتاريخ على المحك، ولكن ما يزال بوسعه التعويض عن ذلك.

وقال الدبلوماسي الفرنسي السابق إنه يسمع أحاديث في الكواليس عن أن جو بايدن، إذا أعيد انتخابه، ينوي تكريس نفسه بالكامل لحل الصراع. لكنه لا يملك سيطرة على نتنياهو وحكومته، الذين يفعلون في الوقت الحالي ما يحلو لهم.

وبسبب حق النقض الذي استخدمه مؤخرا، فإن المشاعر المناهضة لأمريكا تخاطر بالبدء من جديد بروح انتقامية. هذا سيكون صعبا للغاية. وسيتعين علينا أن نعمل كثيرا خلف الكواليس، وأن نقنع الدول بتنفيذ مبادرات معينة. فالمصداقية الدولية للولايات المتحدة على المحك.

وشدد الدبلوماسي الفرنسي على أن حل الدولتين هو الحل الوحيد الممكن، معتبراً أن خطة الدولة الواحدة لشعبين، التي يحلم بها البعض، ستكون بمثابة تحويل إسرائيل إلى دولة فصل عنصري. ويتضمن حل الدولتين – بحسبه – وقف إطلاق النار وإنهاء الاستعمار وتحديد دولة فلسطينية ديمقراطية قابلة للحياة. ستظل حماس موجودة على الدوام، بطريقة أو بأخرى، ويتعين على السلطة الفلسطينية، لكي تستعيد مصداقيتها مرة أخرى، أن تتغير. في الوقت الراهن، يبدو أن الآلة الدبلوماسية الأمريكية تعمل فارغة، لكن الولايات المتحدة ما تزال تمتلك أدوات مهمة، وإسرائيل أصبحت معزولة بشكل متزايد.

إذن تظل الولايات المتحدة هي الحكم الأساسي في هذا الصراع؟.. رداً على هذا السؤال، قال الدبلوماسي الفرنسي السابق: للعدالة الدولية أيضاً دور تلعبه، إذ يتعين على محكمة العدل الدولية أن تصدر في العام المقبل حكماً حاسماً بشأن احتلال الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967. وتتلقى المحكمة الجنائية الدولية طلبات لإجراء تحقيقات في جرائم الحرب، وحتى الجرائم ضد الإنسانية. وما تزال الولايات المتحدة مركزية، لكن نفوذها يتضاءل، والمجتمع الدولي أيضا له كلمته.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي